تحقيق - نوره الناصر، ريم الغامدي ، ليان المسعود ، سلطانه الشلوي ، نوران القحطاني  

القهوة ليست مجرد مشروب في السعودية، بل هي عنصر ثقافي واجتماعي يعكس الكرم والضيافة، ويمثل جزءًا مهمًا من التراث المحلي. و شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات الاخيرة نموًا في صناعة القهوة وازدهار المقاهي ، حيث تحولت إلى قطاع اقتصادي واعد يسهم بشكل ملحوظ في النمو الاقتصادي والثقافي.

انتشار المقاهي في المملكة:

تشير الإحصائيات إلى وجود حوالي 60 ألف مقهى موزعة في أنحاء السعودية. تُعد الرياض المدينة الأكثر احتضانًا للمقاهي و تضم حوالي 15 ألف مقهى، تليها جدة بـ10 آلاف مقهى، ثم الدمام بـ5 آلاف مقهى، في حين تضم بقية المقاهي عبر مدن المملكة المختلفة حوالي 30 ألف مقهى. هذا الانتشار الكبير يعكس تطور نمط الحياة في السعودية وارتباط القهوة بالأنشطة الاجتماعية والثقافية.

سوق القهوة: أرقام ونمو ملحوظ

بلغت قيمة سوق القهوة في السعودية حوالي 6 مليارات ريال في عام 2023، مع استهلاك سنوي يقدر بحوالي 2 مليار كوب. حيث ينموا هذا السوق بمعدل سنوي يتراوح بين 5-6%، وهو ما يعكس الطلب المتزايد على منتجات القهوة بأنواعها المختلفة.

تحديات الإنتاج المحلي وطموحات المستقبل:

رغم ارتفاع استهلاك القهوة في المملكة، الذي يبلغ حوالي 80 ألف طن سنويًا، إلا أن الإنتاج المحلي لا يزال محدودًا ويتراوح بين 300 إلى 400 طن فقط. لذلك، تسعى المملكة إلى زيادة الإنتاج المحلي إلى 2,500 طن بحلول عام 2030، من خلال زراعة أكثر من 5 ملايين شجرة بن في جنوب المملكة بمدن مثل الباحة وعسير وجازان.

استثمارات ضخمة في قطاع القهوة:

أطلقت الشركة السعودية للقهوة خطة طموحة باستثمارات تصل إلى 1.2 مليار ريال على مدى 10 سنوات. تشمل هذه الاستثمارات إنشاء مصنع ضخم في مدينة جازان بطاقة إنتاجية تبلغ 26 ألف طن سنويًا، إلى جانب تدريب ألف مزارع و400 فرد سنويًا لتعزيز المهارات المحلية. و سيتم إنشاء مزرعة نموذجية بمساحة مليون متر مربع لتعزيز زراعة البن عالي الجودة.

السعودية بين أكبر مستهلكي القهوة عالميًا:

تعد السعودية من بين أكثر 10 دول استهلاكًا للقهوة على مستوى العالم، حيث يتجاوز إنفاق السعوديين على القهوة مليار ريال سنويًا. يعكس هذا الاستهلاك الكبير العلاقة الوثيقة بين القهوة والثقافة السعودية، إضافة إلى تأثيرها الواضح على الاقتصاد المحلي.

صناعة متجددة ومستقبل واعد:

تحمل القهوة في السعودية أبعادًا تتجاوز كونها مشروبًا يوميًا، فهي تمثل إرثًا ثقافيًا واستثمارًا اقتصاديًا حيويًا. مع الخطط الطموحة لتعزيز الإنتاج المحلي وزيادة عدد المقاهي، من المتوقع أن تستمر هذه الصناعة في النمو والازدهار، لتواكب الطلب المحلي والدولي وتعزز مكانة المملكة كوجهة رائدة في عالم القهوة.