نستلهم من رؤية المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠ خطوطاًً عريضة وواضحة لنهضة شاملة لهذه البلاد المباركة “قبلة المسلمين ومهوى افئدتهم ” وأولت الحكومات الرشيدة المتعاقبة على مر الزمان خدمة الحرمين الشريفين وتسخير الإمكانات للقاصدين من أصقاع الأرض لأداء مناسكهم بيسر وسهولة .

وHولت القيادة في هذا العهد مزيد اهتمام ورعاية وتطوير وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين ـ حفظهما الله .

فما أن ينتهي موسم الحج يتبعه مباشرة موسم العمرة ويستمر إلى قبيل الحج القادم ويستمر معه التخطيط والتنظيم ووضع الأطر لتجويد وحوكمة برامج وأنظمة خدمة ضيوف الرحمن في جميع المجالات بدءً من الاستقبال والنقل والمواصلات والسكن والإعاشة والتوديع لإضافة لمسة نوعية تجعل من الحج رحلة إيمانية تستحق التكرار   .

ولذلك ذهبنا نبحث في ذاكرة مقدمي هذه الخدمات ونستذكر معهم بداياتهم وانطلاقتهم في هذه الخدمة الجليلة بضيوف بيت الله الحرام ، لنلمس صدى الخدمات المقدمة للحجاج خاصة في ظل التنافس بين مقدمي الخدمات وما صاحبه من نجاح في موسم الحج الماضي 1445هـ  وتكريم العديد من مقدمي الخدمة من قبل معالي وزير الحج  فكان أول ضيوفنا  :  

 

الاسم الرباعي :  جميل سليمان حسين بندقجي . 

تاريخ الميلاد :  1964/5/4م

الدرجة العلمية :   دبلوم هندسة طيران . 

الوظيفة :  رئيس مجلس إدارة شركة نزلي .

جهة العمل :  رواف منى نزلي . 

الحالة الإجتماعية :  متزوج. 

عدد الأولاد :   رزقني الله أولاد وبنات ولله الحمد منهم المهندس والمعلم وكنيتي ” أبو احمد “

محل السكن :   مكة المكرمة .

في أي عمر بدأت مشاركتك الفعلية في أعمال الحج؟

بدأت العمل في الحج في سن السادسة وكنت أتحدث لغة الملايو .

حيث كنت اجالس والدي والحجاج الذين ينزلون عنده وكان منزلنا في برحة منكابو في الشامية . 

وفي عمر ثماني سنوات تقريباً  كنت ادعي الحجاج في الطواف والسعي  في الصفا والمروة .

   

الطوافة مهنة وراثية ارتبطت بعدة أسر وعوائل توارثوها عن الآباء والأجداد، عمن ورثت هذه المهنة؟

 ورثت الطوافة عن الوالد رحمة الله عليه وهو ورثها عن جده .

 الحياة معترك يتأثر فيها الإنسان بمن حوله ويتخذ قدوات في حياته فمن كان قدوتك؟ :

غالبا ً ما كانت صورة ابي لا تفارق مخيلتي فقد تعلمت منه فنوان التعامل والتواصل مع الآخرين وزرع في داخلي حب الحجاج وخدمتهم . 

ومن بعده اعمامي جزاهم الله خيراً حيث توفي الوالد وأنا صغير فكان دوماً توجيههم لي ” عمامة أبوك كبيرة لا تطيحها ” وخاصة عمي على الذي كان دوما يشد من أزري . 

وقد تدرجت في اعمال الحج على النحو التالي : 

كما ذكرت ما كان من قبل في مجالسة الحجاج وتطويفهم .

ثم مع عودتي من الولايات المتحدة الامريكية بعد ثلاث سنوات من الشوق للحج والحجاج ، واذكر طيلة السنوات الثلاث في موسم الحج يزيد تواصلي مع الأهل لمعرفة أحول الحج والحجاج كانت الاتصالات وقتها مكلفة إلا أنني كنت أحرص على تجميع المال لإرواء شغفي بالحج 

وفي العام 1404هـ كانت بداية تجمع المطوفين في مكتب تقديم الخدمة لاختيار رئيس ونائب ووقتها كنت عضواً للعلاقات العامة بمكة . 

ثم في العام 1408 أصبحت نائب رئيس . 

ثم رئيس مكتب إلى العام 1437هـ 

وبعد ذلك  انفردت بمخيم نموذجي قدمت فيه الخيمة المثلثة ذات الطبقتين وما زالت تستخدم حتى يومنا هذا وتعتبر مقاومة للحرارة  تخفض الحرارة إلى 8 درجات تقريباً وكذلك فكرة التكييف الدكت بواسطة القماش بدلاً من الصفائح مما يزيد في توزيع الهواء وتبريد الأجواء 

والآن رئيس مجلس إدارة نزلي إحدى الشركات التابعة لرواف منى وتخدم الشركة ما يزيد على (9000) آلاف حاج من دول ( إندونيسيا وماليزيا وبروناي )

كيف كان يتم الترتيب والتواصل بينكم وبين الحجاج من الدول المختلفة لأداء فريضة الحج؟

قبل المؤسسات كان الترتيب والتعاقدات تتم بمعرفة المطوف وسمعته بنقل الكلمة والاستشهاد له في الدول التي يأتي منها الحجاج أي ” بطريقة التسويق ” 

ثم أصبحت بالتوزيع بالحصص . 

ويعتمد الحج في الوقت الحالي على نظام الشركات والمنافسة وجودة الخدمة ويوجد مثل يقول ” يا ما يمر على الحاج ويحج ” 

 تختلف لغات الحجاج ولهجاتهم فما هي طريقة الحوار بينكم وخاصة في حال حدوث إشكال وكيف يتم إرضاء الحجاج؟

الحمدالله اجدت لغة الملايو واللغة الإنجليزية مما ساعدني كثيراً وسهل علي التعامل مع الحجاج وخاصة فيما يتعلق بأمور السكن . 

 كيف كنتم تستعدون في وقت مبكر لاستقبال الحجاج ؟

في الماضي بالمراسلات في معرفة عدد الحجاج ليتم على ضوء ذلك الاستعداد عند وصول الكوتة .

وغالباً ما يقوم القائد بجمع الكوادر الأكفاء  الذين يساهمون في نجاح فريق العمل حيث كانت مكاتب الخدمة ـ تقيم ـ واي تقصير في التقييم يؤثر على المجموع النهائي لذلك كان الحرص أن يكون فريق العمل متجانس ويعمل وفق خطة محكمة بروح الفريق الواحد في أوقات الذروة .

 قد يصدف أن يمرض الحاج او يتعرض لعارض صحي أثناء الحج فكيف تساعدونه في اكمال حجته؟

في الماضي يتحمل المطوف معالجة الحاج ثم حرصت الدولة من خلال تكامل الخدمات الصحية وبعثات الحج والتنسيق القائم بينهم على توفير الرعاية الصحية لكل حاج يصل لهذه البلاد والاستشهادات على ذلك لا تعد ولا تحصى مما ينجز من عمليات وعلاج ورعاية وحتى الولادة في حج العام الماضي . 1445هـ مع توفير كافة الخدمات . 

 

 عشرة ذي الحجة أيام مباركات كيف تعيشونها مع الحجاج في خدمتهم؟

يكون المكتب في استعداد وعمل متواصل بكامل طاقته والكل يعمل لنجاح خطة الحج . 

أيام التروية تبدأ من فجر اليوم السابع ما هي المشقة التي توجهونها ؟

هنا يكون دور القائد الذي يعمل في الميدان كرجل مرور في تنظيم حركة الحافلات وخاصة إذا كان عددها كبير . 

 

يوم عرفة يوم عظيم حدثنا عن عما تقومون به  في ذلك اليوم؟

يوم عرفة ووقت النفرة بها يقاس نجاح الحج حيث انه متعارف ” إذا لم يؤذن الفجر وجميع الحجاج غادروا عرفة  فقد نجح الحج ”  ومن ذلك أتت فكرة الترددية . 

ويوم عرفة يوم عظيم نستشعر فيه عظمة المولى جلا وعلا اشبه ما يكون بليالي العشر الأواخر من رمضان التي يستشعر فيها المسلمين التجلي الإلهي . 

وفي كل عام احضر احرامي معي وإضافة لذلك احضر مجموعة أخرى لمن أراد أن يحرم عندما كان الحج بدون تصريح .

واجتهد في يوم عرفة بالدعاء .

كما أن يوم عرفة معروف بما يقوم به المطوفين من اكرام للحجاج بالذبح لهم   فمن كان حجاجه قليل ذبح خروفاً   ومن كان حجاجه كثير ذبح بقراً  واطعم الحجاج بالبركة ويسمى” لحمة عرفة ”  

 

 صباح يوم عيد الأضحى المبارك يعقب يوم عرفة مباشرة وقد أنهك مقدمي الخدمة  التعب فأين يكون موقعهم في ذلك اليوم؟

لا نشعر به حيث نكون في خدمة الحجاج ولكن نقدم وجبة البرياني لحجاج ماليزيا فهي محببة لهم في يوم العيد .

 بماذا يستقبل مقدم الخدمة الحجاج في يوم العيد؟

يستقبلهم في المخيم بمنى  بتهيئة أماكنهم وتوفير سبل الراحة لهم وإرشادهم لأوقات رمي الجمرات حسب الخطط تحسباً للتدافع والازدحام .  

كيف تودعون الحجاج عند مغادرتهم وما هي المشاعر المتبادلة؟

في الأصل البكاء عند الوداع ـ يالله العودة الحج عشق وليس مجرد مكاسب مادية. 

 

اذكر لنا احدى الفوائد التي جنيتها خلال عملك في خدمة الحجاج؟

الصبر كونك تتعامل مع الناس في ظروف قاسية الزحام الحر . 

وأذكر موقفا لأحد الحجاج في يوم شديد الحرارة وكان الحاج تائه عجل يبحث عن الباص الذي سينقله واتي من خلفي وجذبني والتفت غاضباً من شدة جذبه وفي نيتي أنه أحد العاملين لأجد الحاج تائها ويقول الباص فذهب كل قيضي وارشدته للباص وكنت وقتها نائب الرئيس لكن في الذروة يتساوى الكل في الميدان لتقديم الخدمة . 

حصولي على وسام الداتو ، المقدم لي من سلطان ولاية بهنج الماليزية . 

وسبب حصولي على الوسام أن ابنة ذلك السلطان حضرت للحج وكلفت ابني لخدمة الحملة فسألت هذا الولد من أبيه فقالوا هو ابني فاستدعتني فلما حضرت قالت اهلاً  ـ  بالداتو ـ وشكرتني على الخدمة المقدمة فبشرني بعض الزملاء بأن هذه المنادة هو منح للوسام وفعلاً تشرفت بنيل الوسام من والدها والحمد لله الذي مكنني من زرع خدمة الحجاج في ابنائي . 

واذكر موقفاً هنا بعد فضل الله تعالى أن من على زوجتى بالشفاء من مرض السرطان .

حيث طلبت في يوم عرفة من الحجاج الدعاء لزوجتي والذين كانوا ينتشرون في 25  خيمة فكنت اطلب منهم الدعاء لها بالشفاء وما هي إلا أشهر بعد الحج ذهبنا إلى ماليزيا ووصف لها أعشاب وشفيت بفضل الله تعالى. 

 اذكر لنا موقفاً ما زال راسخاً في ذهنك مع أحد الحجاج؟

اذكر في احدى السنين كان يوجد حالات كوليرا وأصيبت احد الحاجيات وعند وصول الإسعاف كانت في حالة يرثى لها فرفض الكل حملها .

فاستعنت بالله ووضعتها على النقالة ثم حملت للإسعاف والحمدالله انها تماثلت للشفاء .

ومن المواقف التي لا أنساها في الصبر والاحتساب  في حريق حصل بمنى فلما أطفأ الحريق وقفت على المخيم فإذا به احترق كلياً ولم يبقى شيئ وكان كل ما املك فتأملت ذلك الموقف مسترجعاً و سمعت أذان العصر فصليت العصر ودعوت الله وسبحته وحمتده و شكرته ،  ثم خرجت من المخيم الذي ذهب كل شي به  فشاهدت من يصرخ ومن يولول  ومن يلطم نسأل الله العفو والعافية وما هي إلا اشهر ويأتي فرج من الله بعوض أضعاف ما ذهب فاذكر الموقف الذي كنت فيه في المخيم وتلك الصلاة التي صليتها والدعاء الذي دعوته . 

 

كلمة خاتمة : 

اسال الله سبحانه وتعالى أن يمكني من أن اعمل سنة حسنة يتبعها الآخرين لقوله صلى الله عليه وسلم ” من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ” 

وقد أنتجت في المصنع الذي امتلكه بالتعاون مع الجهة المختصة بالأضاحي وجبة توزع وفق ضوابط شرعية تخزن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات .  

كما أنتجت في مع شركة رواف منى نزلي ” كرسي الدرجة الأولى ” وطبق استخدامه في حج العام الماضي 1445هـ  . 

ولا يتسع المجال لذكر التفاصيل ولعلي اذا سمحت الصحيفة أن اسردها في لقاء قادم مع فائق شكري وتقديري للقائمين على إبراز الدور الذي تقدمه المملكة العربية السعودية في خدمة الحجاج والمعتمرين .