
اضطرابات الأكل “Eating Disorders”
الأسباب، الأنواع، والعلاج
مقدمة
اضطرابات الأكل هي حالات صحية نفسية تؤثر بشكل كبير على عادات الأكل والصورة الذاتية للجسم. تتسم هذه الاضطرابات بسلوكيات غير صحية تتعلق بالطعام والوزن، ويمكن أن تؤدي إلى مضاعفات صحية جسدية ونفسية خطيرة.
تزايد انتشار اضطرابات الأكل في العقود الأخيرة وخصوصاً في المراهقين ، مما يستدعي فهماً أعمق لأسبابها وأنواعها وطرق علاجها.
أسباب اضطرابات الأكل:
تتعدد أسباب اضطرابات الأكل وتشمل عوامل نفسية، وبيولوجية، واجتماعية، منها:
- العوامل النفسية: القلق، الاكتئاب، تدني احترام الذات، والضغط النفسي.
- العوامل الاجتماعية: تأثير وسائل الإعلام والمجتمع في رسم صورة غير واقعية لمعايير الجمال.
- العوامل البيولوجية: وجود تاريخ عائلي لاضطرابات الأكل أو مشاكل نفسية.
- العوامل البيئية: التعرض للتنمر أو الانتقادات بشأن الوزن أو المظهر.
أنواع اضطرابات الأكل:
تشمل اضطرابات الأكل الأكثر شيوعًا ما يلي:
- فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa):
- يتميز بالخوف الشديد من زيادة الوزن وممارسة قيود صارمة على تناول الطعام.
- يعاني المصابون من صورة مشوهة لأجسامهم، ما يدفعهم إلى تجويع أنفسهم أو ممارسة الرياضة بشكل مفرط.
- المضاعفات: سوء التغذية، هشاشة العظام، ومشاكل في القلب.
- الشره المرضي العصبي (Bulimia Nervosa):
- يتميز بنوبات من الإفراط في تناول الطعام، تليها محاولات للتخلص من الطعام عن طريق التقيؤ القسري أو استخدام المسهلات.
- يعاني المصابون من شعور بالذنب والعار بعد نوبات الإفراط.
- المضاعفات: مشاكل في الجهاز الهضمي، ومشاكل في الأسنان.
- اضطراب نهم الطعام (Binge Eating Disorder):
- يتميز بتناول كميات كبيرة من الطعام في فترة قصيرة، دون محاولات للتخلص من الطعام.
- يرتبط بالشعور بفقدان السيطرة أثناء الأكل، مما يؤدي إلى الشعور بالعار والاكتئاب.
- المضاعفات: السمنة، ارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري من النوع الثاني.
التشخيص:
يعتمد التشخيص على:
- التقييم النفسي: لفهم الأفكار والسلوكيات المتعلقة بالطعام وصورة الجسم.
- التقييم الجسدي: بما في ذلك الفحوصات المخبرية لتقييم الحالة الصحية العامة.
- المعايير التشخيصية: وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5).
العلاج:
يعتمد علاج اضطرابات الأكل على النهج متعدد التخصصات، ويشمل:
- العلاج النفسي:
- العلاج السلوكي المعرفي “CBT”: لمساعدة المرضى على تغيير الأفكار والسلوكيات غير الصحية.
- العلاج الأسري: خاصة للمراهقين، حيث يُشرك أفراد الأسرة في دعم عملية التعافي.
- 2. التدخل التغذوي:
يلعب أخصائي التغذية العلاجية دورًا حيويًا في علاج اضطرابات الأكل، من خلال:
- إعادة التأهيل الغذائي: وضع خطط غذائية فردية لتلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية.
- التعليم الغذائي: تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الطعام، ومساعدة المريض على فهم أهمية التوازن الغذائي.
- إعادة بناء العلاقة مع الطعام: عبر تشجيع تناول الطعام بانتظام ومعتدل، دون شعور بالذنب أو القلق.
- مراقبة الحالة الصحية: متابعة الوزن، وتحليل الفيتامينات والمعادن لتجنب المضاعفات الصحية.
- الدعم العاطفي: تعزيز الثقة بالنفس ودعم التغييرات الإيجابية في سلوكيات الأكل.
- 3. الدعم المجتمعي والمجموعات العلاجية:
- الانضمام إلى مجموعات دعم لتعزيز الشعور بالمشاركة والدعم المتبادل.
الوقاية والتوعية
للوقاية من اضطرابات الأكل، يمكن اتخاذ التدابير التالية:
- تعزيز الصورة الإيجابية للجسم من خلال تقبل الذات بمختلف الأشكال والأحجام، تشجيع وسائل الإعلام على عرض نماذج متنوعة للجمال.
- التثقيف الصحي:
- دمج برامج تعليمية في المدارس لتوعية الشباب بعادات الأكل الصحية وصورة الجسم الإيجابية.
- توفير موارد تعليمية للأهالي لمساعدتهم في خلق بيئة صحية داعمة.
- تعزيز الصحة النفسية:
- تعليم مهارات التأقلم مع التوتر والضغط الاجتماعي.
- توفير دعم نفسي مبكر لمن يعانون من القلق أو تدني احترام الذات.
- التدخل المبكر:
- التدريب على التعرف على العلامات المبكرة لاضطرابات الأكل، مثل الانعزال أو التغيرات المفاجئة في الوزن.
- تشجيع طلب المساعدة الفورية عند ملاحظة الأعراض.
- تعزيز الحوار المفتوح:
- خلق بيئة آمنة للمناقشة المفتوحة حول مشاكل الصورة الذاتية والضغوط الاجتماعية.
تُعد اضطرابات الأكل من أكثر الاضطرابات النفسية تعقيدًا وخطورة، وتتطلب تدخلًا مبكرًا وعلاجًا شاملًا، يتطلب التعامل معها تكاتف الجهود بين الأطباء النفسيين، وأخصائيين التغذية العلاجية، والأسرة، والمجتمع.
من خلال التوعية والوقاية، يمكننا تقليل انتشار هذه الاضطرابات وتحسين جودة حياة المصابين بها.
أخصائية التغذية: لمياء مرحومي