في ليالي رمضان الهادئة، حيث يمتزج عبق الذكريات بروحانية الشهر الكريم، تفتح لكم نافذة جديدة على الجانب الآخر من حياة رواد الكشافة العربية عبر زاويتنا اليوم (نافذة رمضانية). بعيدًا عن الأوسمة والمخيمات والملتقيات، نقترب من تفاصيل يومياتهم ومجالات إبداعهم خارج إطار العمل الكشفي.
في حلقة اليوم، نطل على حياة الرائد الكشفي المخضرم محمد حسين البحر من دولة الكويت، اللاعب الدولي لكرة السلة الكويتية، والفنان التشكيلي الحاضر في أروقة المعارض الدولية، والمهووس بالسفر والترحال كما يقول.
وضيفنا في حلقة اليوم هو محمد حسين البحر، من مواليد عام 1952 بدولة الكويت، حاصل على شهادة دبلوم تجاري عام 1974، لم يكمل دراسته بسبب تفرغه للرياضة والرسم، فهو حرفي ونحات ويعمل بالفنون التشكيلية والنحت بالخشب. حياته مليئة بالترحال والسفر إلى الخارج، ولديه هوس بالسفر منذ أن كان يافعًا، حيث كان عمره 18 سنة عندما اشترى سيارة وسافر بها إلى العراق، وسوريا ولبنان وتركيا. كان يسافر وحيدًا وأحيانًا يرافقه أحد، لأن السفر عنده متعة ونعمة من الله، فمن خلاله طاف العالم وتعرف على الناس وحياتهم وطباعهم وثقافاتهم، وأصبح لديه هوس دائم بالسفر، وكون من خلاله صداقات طيبة وكثيرة في جميع أنحاء العالم. وبالتأكيد، كان للكشفية دور في تنمية هذه الصداقات، حيث كان معدل سفره يبلغ 12 رحلة في العام؛ يسافر أسبوعًا ويعود، أو عشرة أيام، أو شهرًا وهكذا.
وأورد (البحر) مثالًا لسفراته، حيث ذكر أنه تواجد في (مانشستر) وبقي فيها أربعة أيام، وبعدها ذهب إلى (ليدز) زيارة لثلاثة أيام، ثم إلى لندن لثلاثة أيام أخرى. هكذا يحب التنقل ويهوى السفر، فهذه هي حياته… ويتمتع بها!
أما بالنسبة لرحلاته الرياضية كلاعب كرة سلة ومدرب فيما بعد، فيقول: إنه بدأ اللعب في المدرسة عندما كان عمره عشر سنوات، ثم انتقل إلى النادي العربي، كلاعب لكرة السلة، وبعدها انتقل إلى نادي السالمية، الذي لعب فيه 14 سنة في مختلف المراحل السنية (الناشئين، الشباب، والممتاز). كانت هذه أطول فترة له كلاعب، ثم انتقل إلى نادي الكويت، حيث لعب معهم ثلاثة مواسم، وبعدها اعتزل اللعب وتحول إلى عالم التدريب، حيث زاول مهنة التدريب كمتخصص لتدريب الفريق الأول بدوري الدرجة الأولى والمحترفين من 1981 إلى 1993.
وذكر (البحر) أنه كلاعب دولي مثل منتخب الكويت الوطني، حيث بدأ معه من درجة الناشئين، ثم لعب للمنتخب الأول وشارك مع الكويت في البطولات العربية والآسيوية. كان له باع طويل كلاعب دولي، وبعدها لعب كلاعب محترف في الأندية الكويتية، ثم أصبح مدربًا لكرة السلة. هذه هي سيرته الرياضية باختصار.
أما بخصوص سيرته الفنية، فالفن ولد معه كما يقول، فقد بدأت موهبته الفنية منذ الصغر، حيث كان يرسم في كل مكان. نضجت موهبته تدريجيًا خلال دراسته في المرحلة الابتدائية ثم المتوسطة، حيث تبنى المدرسون موهبته وشجعوه، فكان يرسم لوحات تُعلَّق في ساحة المدرسة، وشارك في معارض فنية مدرسية. لاحقًا، مارس الرسم بشكل مكثف خلال النشاط الكشفي، حيث كان كشافًا في المدارس ويرسم للفرقة الكشفية وركن الطليعة، كما رسم العديد من اللوحات الكشفية خلال تلك الفترة.
وفي استكمال قصة حياته قال (البحر): “شاركت في معارض كثيرة عربية وعالمية في العديد من الدول، ولدي لوحات فنية ومقتنيات في عدد من الدول والوزارات والمجموعات الخاصة. يمكنني القول إنني شاركت في معارض بألمانيا، تركيا، بولندا، هولندا، جنوب إفريقيا، الأردن، سلطنة عمان، ودول أخرى. كما شاركت بلوحات في الرسم الجماعي (سمبوزيوم) في الأردن، وفعاليات فنية في البحرين. وما زلت أمارس هواية الرسم بشكل مستمر، حيث أرسم يوميًا استعدادًا للمشاركة في معارض عالمية، وعندما تصلني أي دعوة، أكون جاهزًا بلوحاتي”.
وأضاف: “بالطبع، أنا كثير الزيارات للمتاحف الفنية حول العالم، فكلما سافرت إلى دولة، لا بد أن أزور متاحفها الفنية لأثقف نفسي فنيًا وأتعرف على أعمال الفنانين في تلك الدول. فالرسم جزء كبير من حياتي، مثلما كانت الرياضة في السابق، وحاليًا الكشفية هي الجزء الأكبر الذي يشغل حياتي”.
واختتم: “بارك الله فيك أخي الكريم، وأتمنى أن نلتقي قريبًا لإجراء حوار شامل معك. وكل عام وأنتم بخير”.
هكذا قدم لنا نفسه الرائد محمد حسين البحر، بحر الكويت الزاخر بالعطاء، مجمع الإبداعات المتألق ومتعدد المواهب. فكلنا نعرف متحفه الجميل، الزاخر بالمقتنيات الكشفية التي جمعها خلال رحلاته إلى أكثر من 70 دولة، زارها كشافًا، ونجمًا كرويًا، وفنانًا تشكيليًا. إنه بحق فخر رواد الكشافة العربية.
تابعونا غدًا في نافذة رمضانية على حياة رائد آخر من الوطن العربي الكبير.





