الحلقة …(17) … زيادة الصدقة والإحسان في رمضان
يعد شهر رمضان المبارك موسمًا للخير والعطاء، حيث تتجلى فيه معاني الإحسان بأبهى صورها، ويزداد فيه الجود بين المسلمين، استجابةً لأوامر الله وسنة نبيه الكريم ﷺ. فالصدقة في رمضان لها فضل مضاعف، حيث تتعاظم فيها الحسنات، وتتسابق القلوب في البذل والعطاء، ويجد المسلم فيها فرصة عظيمة لمحو الذنوب وتطهير النفس من الأدران.
مضاعفة الأجر في رمضان :
يتميز شهر رمضان بكونه شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وهو الشهر الذي تتضاعف فيه الحسنات، وتفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، مما يشجع المسلمين على الإكثار من الصدقة والإحسان. وقد كان النبي ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما : ” كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة” (متفق عليه).
صور الجود في رمضان :
يتجلى الكرم في رمضان بأشكال عديدة، من أبرزها:
- إطعام الطعام: وهو من أعظم أعمال البر، فقد قال النبي ﷺ: “من فطر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء” (رواه الترمذي).
- الصدقة المالية: سواء بإعانة الفقراء والمحتاجين، أو بالمساهمة في المشاريع الخيرية كإفطار الصائمين، وبناء المساجد، وحفر الآبار، ورعاية الأيتام.
- كفالة الأيتام والمساكين: وهي من الأعمال التي تضاعف الأجر، وتكفل لصاحبها مرافقته للنبي ﷺ في الجنة، كما قال ﷺ: “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا” وأشار بالسبابة والوسطى.
- قضاء حوائج الناس: سواء كانت بالمساعدة المادية، أو بالدعم المعنوي، أو بتفريج الكروب، أو بمواساة المرضى وزيارتهم.
أثر الصدقة في حياة المسلم :
الإكثار من الصدقة والإحسان في رمضان يثمر بركةً في الرزق، ويزيد القرب من الله، ويمحو الذنوب، ويقي من البلاء، كما قال النبي ﷺ: “الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار” (رواه الترمذي). وهي سبب لحصول السعادة والطمأنينة، كما تعزز روح الألفة والتكافل بين أفراد المجتمع، وتخفف معاناة الفقراء والمحتاجين.
الجود سمة المسلم في رمضان :
رمضان شهر تتجلى فيه الروحانية، وترتقي فيه النفس إلى معاني العطاء والبذل، فيشعر المسلم بلذة العطاء، وينفق بكرم وسخاء، مستشعرًا أن المال مال الله، وأنه مستخلف فيه، وأن العطاء هو طريق الفلاح في الدنيا والآخرة.
على المستوى الشخصي، أشعر دائمًا برغبة قوية في مضاعفة الصدقات خلال هذا الشهر الفضيل، حيث أجد نفسي قريبًا من العديد من المتعففين وأصحاب الحاجات. وأفضل دائمًا أن تكون الصدقة في الخفاء حتى تؤتي أُكلها، ليس للمُتصدِّق فحسب، بل حتى للمُستحق، فعندما تصله الصدقة بسرية، يكون لها وقع أعمق في نفسه.
وقد أكد القرآن الكريم على فضل الصدقة في السر، حيث قال الله تعالى: ” إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ” ( البقرة: 271).
كما قال النبي ﷺ في الحديث الشريف: “سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله… ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ” ( متفق عليه، رواه البخاري ومسلم ).
ختاما :
إن الصدقة في رمضان ليست مجرد عمل خيري، بل هي أسلوب حياة يُنمي روح التكافل، ويزيد الألفة والمحبة بين الناس، ويعزز القيم الإسلامية التي تحث على الرحمة والإحسان. فاغتنم هذا الشهر المبارك، وأكثر من الصدقات، ولا تحرم نفسك من الخير المضاعف في هذه الأيام الفضيلة.
انتظلاونا غدا .. نعرض عادة أو عبادة جديدة في رمضان





