في قلب العاصمة المقدسة، حيث تهفو الأرواح إلى بيت الله الحرام، تتجلى أسمى معاني الإحسان والبذل في “الخيمة الرمضانية” التي تقيمها جمعية الإحسان والتكافل الاجتماعي سنويًا. ليست خيمةً عادية، بل مشروع إنساني متكامل، وصرح من العطاء يحتضن آلاف المعتمرين والمصلين يوميًا، ويوزع الخير دون مقابل.
وراء هذا العمل الجليل، يقف رجال نذروا أنفسهم لخدمة ضيوف الرحمن، يتقدمهم الأستاذ عامر عسيري، الذي يواصل الإشراف على المشروع منذ أكثر من عشرة أعوام، بجهد متواصل وتفانٍ لا يعرف التوقف، حتى باتت هذه الخيمة نموذجًا يحتذى في العمل الخيري والتنظيم الإنساني.
“خيمة العطاء”.. ملاذ الصائمين ومأوى العابرين :
تقع الخيمة في موقع استراتيجي عند مخرج أنفاق (المسخوطة) بطريق الأمير متعب بن عبد العزيز في حي الهجرة، حيث تمر جموع المعتمرين والمصلين العائدين من المسجد الحرام. وهناك، يجد الزائرون أمامهم مأدبة سخية، تقدم الطعام والمشروبات مجانًا، في مشهد إنساني يجسد أبهى صور التكافل الاجتماعي.
أرقام تتحدث عن نفسها.. وجبات يومية بأيدي الخيرين:
الخيمة لا تكتفي بتقديم وجبات رمزية، بل تقدم يوميًا آلاف الأطباق والمشروبات، منها:
- 1000 طبق فول
- 1000 طبق قلابة
- 500 قرص تميس
- 4500 طبق فواكه مشكلة
- 800,000 عبوة ماء خلال الشهر
- 5400 إلى 9600 عبوة عصير يوميًا
- 1000 ترمس شاي وقهوة يوميًا
ويشارك في تنفيذ هذه المهمة أكثر من 32 شابًا من أبناء الأسر المستفيدة، حصلوا على فرص عمل موسمية في شهر رمضان، ليكون العطاء لهم ومن خلالهم.
بداية متواضعة تحولت إلى نموذج يحتذى :
بدأت فكرة الخيمة في عام 1436هـ بمبادرة فردية من الأستاذ عبد الله النفيعي والأستاذ عامر عسيري، وكانت آنذاك تقتصر على شاي وقهوة ووجبة خفيفة مغلفة. ومع مرور السنوات، تحولت إلى مشروع ضخم يخدم الآلاف يوميًا، بمتابعة حثيثة من رئيس مجلس الإدارة الأستاذ سليمان الزايدي، والمدير التنفيذي الأستاذ محمد بازيدان، وإشراف ميداني مباشر من الأستاذ عامر عسيري.
متابعة رسمية وجودة تنظيمية :
تحظى الخيمة بمتابعة وإشراف مباشر من إمارة منطقة مكة المكرمة، الجهة المخولة بترخيص المشروع، لضمان جودة الخدمة وتطبيق أعلى معايير التنظيم والاحترافية. ورغم الجهود الكبيرة، لا ينتظر العاملون في الخيمة الشكر أو الثناء، بل يجدون أجرهم في سعادة الصائمين وهم يروون عطشهم ويشبعون جوعهم في أجواء تسودها الألفة والمحبة.
منادٍ بالخير.. يُنادي العابرين برسالة كرم :
وفي لفتة إنسانية دافئة، خُصص منادٍ يحمل مكبر صوت، يرحب بالعائدين من المسجد الحرام، ويناديهم نحو الخيمة بعبارات مؤثرة: “بالمجان.. بالمجان”. كلمات بسيطة، لكنها تختزل روح الكرم المكي، وتبعث برسالة: الخير موجود لكل من يحتاجه، دون مقابل أو تردد.
تحية تقدير لكل من أسهم في النجاح :
لكل يدٍ امتدت بالعطاء، ولكل وجهٍ استقبل الصائمين بابتسامة، ولكل شاب وشابة عملوا بإخلاص… لكم جميعًا جزيل الشكر والتقدير. وإلى الأستاذ عامر عسيري، الذي وقف على هذا المشروع لأكثر من عقد، مشرفًا ومتابعًا، وضامنًا لاستمرارية هذا العطاء المتدفق… تحية احترام وإجلال.





