مما يميز أهل الأحساء (التسامح) وهو خُلُق الأنبياء وأدب العقلاء وسمْت النبلاء وهو دليل على الحكمة وسلامة الصدر وعفة اللسان واليد.
وقد أكدت الدراسات النفسية أن من أهم معوِّقات النجاح تضخيم مشاعر الكراهية والانتقام والانشغال بالاساءة وردها والانتصار للذات وأن التعايش بسلامٍ مع الغير قدرة تنمو وتكبر وتعظم من خلال التربية الأخلاقية للفرد والتأهيل النفسي والاجتماعي وشددت تلك الدراسات العلمية على أهمية التسامح في الشعور بالرضا والسعادة وإكساب الفرد مناعة ضد التوتر النفسي والقلق فهو من أهم الأمور التي يجب أن يتربَّى عليها الأجيال ولا يمكن للإنسان أن ينجح في التأثير على الآخرين والتواصل معهم بفاعليةٍ دون اعتناق مبدأ التسامح فهو أصل التعايش والتواصل مع الآخر وتقبل أفكاره والاستفادة من وجهات نظره وتفهم اختلاف الرأي والاستفادة من ذلك الاختلاف وفق قواعد أساسيةٍ في التعامل مع الناس وهي التأثير والتقدير والمرونة والاحترام والتقبل.
والأمثلة كثيرة للتسامح الاجتماعي والفكري في المجتمع الأحسائي هذا المجتمع النادر في خصائصه من الطيبة والألفة والحلم والأناة والتسامح والإخاء والمودة وصفاء السريرة والتعاون على البر والتقوى وهي صفات أصيلة توارثها الأجيال جيلاً بعد جيل وتشكل أهم ملامح المجتمع الأحسائي الأصيل والوفي والمسالم والمعطاء والمنتج.
ويكفي الأحساء فخراً أن الرسول صلى الله عليه وسلم امتدح أهلها ووصفهم بأعظم صفة وهي الحلم والأناة وأنهم خير أهل المشرق بل ذكرهم الله جل جلاله في كتابه المبين حيث روى الطبري في تفسير قوله تعالى (وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً) عن مطر البراق قال: أسلمت الملائكة طوعاً والأنصار طوعاً وعبدالقيس طوعاً والناس كلهم كرهاً وروى القرطبي في تفسيره أيضاً لتلك الآية عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: الملائكة أطاعوه في السماء والأنصار وعبدالقيس في الأرض.
وقبيلة عبدالقيس من أهل الأحساء وكانت من فصحاء العرب ولها فضل السبق إلى الاسلام طوعاً حيث أسلم أبناؤها طائعين غير مكرهين فلم يحتاجوا إلى جيش ٍ يرسله الرسول إليهم حتى يأمرهم بالاسلام والاشارة إلى ذكرهم في القرآن كرامة خصهم الله بها في كتابه الكريم وعدَّ ذلك من فضائلهم إذا تفاضلت القبائل والمدن والبلدان.
وما يحدث من تكاتف ٍ وتعاطف ٍ وتعاضدٍ وتآلف بين أهل الأحساء لدليل دامغ على ما يتصفون به من صفات ٍ فذةٍ يشيد بها القاصي والداني وهي ديدنهم وسجيتهم.
وكم نحن بحاجةٍ في هذا الزمن للمزيد من التقارب والتوادد والاخاء والتعايش بمحبةٍ وسلامٍ وتقوّية أواصر العلاقات الشخصية والاجتماعية كما كان عليه الآباء والأجداد في قديم الزمن من عمق الألفة والمحبة والترابط والتعاطف والتسامح والتعايش ونبذ كل عوامل الشحناء والبغضاء والإثارة وإيغار الصدور التي يحاول المغرضون والمرجفون إشاعتها في المجتمع لأغراضٍ دنيئةٍ وبغيضة لنشكل مجتمعاً متماسكاً ومترابطاً ومتآلفاً ومتصالحاً تسوده الألفة والمحبة والأمن والأمان والتكافل الذي أوصانا به ديننا الحنيف.
ولعل ما تمر به مجتمعات العالم يولّد صحوةً فكريةً وعاطفيةً واجتماعيةً ينعم بها الجيل الحاضر والأجيال القادمة التي أحوج ما تكون لذلك من أجل العيش بسلامٍ ومسالمةٍ وتسامحٍ ومودةٍ وأمنٍ وأمانٍ واستقرار حفاظاً على مصلحة الوطن ومواطنيه وتطبيقاً لروح الاسلام الذي يدعو للسلام.
سفير النوايا الحسنة أديب وإعلامي





التعليقات 1
1 ping
أبوخالد
14/07/2025 في 4:32 م[3] رابط التعليق
جيل ورا جيل يتوارثون الطيبة و الابتسامة الجميلة
شكرا استاذ / عبداللطيف الوحيمد على المقال اكثر من رائع عن الاحساء وأهل الأحساء 👍🏼🌹