نواصل في هذا الجزء الثاني من الحوار تسليط الضوء على المسيرة الملهمة للقائدة يمنى سلامة، إحدى القائدات العربيات في المجال الكشفي. بعد أن تعرفنا في الجزء الأول على بداياتها وانطلاقتها في العمل الكشفي، نستكمل هنا حديثها حول أبرز المحطات المفصلية في مسيرتها، والمواقف التي شكّلت شخصيتها القيادية، وأثرها في دعم الفتيات وتمكين القائدات.
بأسلوبها الهادئ العميق، تنقل لنا القائدة يمنى خلاصة تجاربها، وتُبرز أهمية الإيمان بالرسالة الكشفية، وضرورة التحديث المستمر بما يُحقق رؤية أكثر شمولاً وإنسانية ، اليكم ماجاء في حديثها :
- اين وصلتم بالكشافة في الإقليم العربي على مستوى الأقاليم الكشفية ؟
الإقليم العربي يتميّز بعدة جوانب فريدة، من أبرزها: وحدة اللغة من المحيط إلى الخليج، وهي ميزة لا يتفرد بها أي إقليم آخر في العالم. كما يجمعنا تشابه كبير في العادات والتقاليد، إلى جانب التميز العددي؛ حيث توجد الكشافة في المدارس، والمنظمات الشبابية، والجمعيات الأهلية، ودور العبادة، والأندية الرياضية.
كما يتميّز الإقليم بثبات مناخي نسبي في معظم فصول السنة، مما يُعد عنصر دعم لبرامجنا ومخيماتنا الكشفية.
ورغم هذه المزايا، نواجه تحديات كبيرة، أهمها الروتين والبيروقراطية، وهي عوائق يجب أن نعمل على تغييرها بجدية لتسريع وتيرة التقدم.
ومن المؤسف، أنه رغم قوة الإقليم العربي وما يتمتع به من إمكانات، فإننا لم نستضف حتى اليوم أي تجمع كشفي عالمي (جامبوري)، علمًا بأن الجامبوري المقبل هو النسخة الـ26.
ولدينا كفاءات قيادية متميزة على المستوى الدولي، والدليل أننا نمتلك حاليًا عشرة أعضاء عرب في فريق التخطيط العالمي. تخيّل هذا الرقم!
- دعينا نذهب إلى الجانب الاجتماعي واسالك من قدوتك في الكشفية ؟
في الكشفية، بصراحة، لدي قدوات كثيرة، لكن القدوة الأولى والأهم في حياتي الكشفية هي والدتي، الرائدة هالة الشال، عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للكشافة والمرشدات المصرية سابقًا، وعضو اللجنة الإعلامية بجمعية رواد الكشافة والمرشدات المصرية.
مع احترامي وتقديري لكل القيادات التي تعاملت معها وتعلمت منها، فقد تأثرت بالكثير من الأشخاص من حولي، وأخذت منهم دروسًا عديدة، وجميعهم يمثلون قدوات حقيقية لي.
لكن تظل والدتي هي قدوتي الأولى في مشواري الكشفي، لأنني رأيت بنفسي مدى حبها للكشافة، وتمسكها بمبادئها، وتضحيتها بأمور كثيرة في سبيل خدمتها. كانت تحب الكشافة بلا حدود، وتمنحها من وقتها وجهدها دون تردد.
ولهذا، أوجه نصيحة صادقة للشباب اليوم: لا تقصّروا في حق أنفسكم ولا في حق أُسركم، فهذه تجربة عشتها بنفسي، وعانيت منها ، إذ قصّرت مع أسرتي وأولادي كثيرًا بسبب انشغالي بالحياة الكشفية. ورغم كل خبرتي الطويلة في المجال، لم أتمكن من إقناع ابني بالانضمام إلى الكشافة.
قدوتي في الحياة تظل والدتي، الرائدة هالة الشال، أسأل الله أن يطيل عمرها ويمتعها بالصحة والعافية.
ومن شدة ارتباطها بالكشافة، كانت تطلب مني ألّا أناديها بـ”أمي” في المحافل الكشفية، بل بـ”القائدة هالة”، لأنها كانت تعيش الكشافة قلبًا وروحًا.
- ما أبرز ما تتصف به الرائدة هاله الشال؟
الرائدة هالة الشال تتّصف بحبّها العميق للحركة الكشفية، وبتوازنها الناجح بين دورها كأم ودورها كقائدة. انخرطت في الحركة الكشفية منذ وقت مبكر، في مرحلة الزهرات، ولم تنقطع عنها إطلاقًا.وأنا أحذو حذوها – إن شاء الله – وأواصل طريقي دون انقطاع.
- وماذا عن صديقاتك وزميلاتك؟ هل تأثرن بالحركة الكشفية وتعلّقن بها؟ وكيف هي حياتك خارج الاطار الكشفي ؟
حياتي خارج الإطار الكشفي مشغولة بالعمل في أغلب الأوقات، نظرًا لطبيعة عملي؛ فأنا أعمل مرشدة سياحية، وغالبًا ما أكون مشغولة، خصوصًا في المواسم، حيث أرافق الوفود السياحية في جولات ميدانية أو على متن المراكب السياحية لساعات طويلة.
عملي يستغرق وقتًا كبيرًا، وصديقاتي المقربات منذ أيام الدراسة، وحتى زملائي في العمل، أبتعد عنهم كثيرًا في الإجازات وأوقات الفراغ، لأنني أفضّل الالتحاق بالمعسكرات الكشفية.
هذا الابتعاد أثّر سلبًا على علاقتي ببعضهم، وخاصة زملائي المرشدين السياحيين، إذ أضطر أحيانًا إلى إلغاء رحلاتنا الجماعية خلال الإجازات لألتحق بمعسكر كشفي.
لهذا السبب، أشعر بحماس كبير تجاه فكرة “السياحة الكشفية”، لأنني أرى فيها فرصة مثالية لربط زملاء المهنة بالحركة الكشفية، وتعريفهم ببرامجها وأنشطتها.
وأعتقد أن السياحة الكشفية، إذا نُفذت بإتقان، ستكون مفتاحًا رائعًا للتعريف بنشاطنا الكشفي والترويج له بشكل مثالي.
وعلاقتي بزملائي تقوم على أُخوّة حقيقية؛ ففي بعض الظروف الطارئة، وأثناء انشغالي بالعمل، أعتمد على أحد الزملاء في حل بعض الإشكاليات التي يتعرض لها أبنائي – على سبيل المثال – وأجد منهم دائمًا التعاون والدعم.





