تواجدنا منذ أسبوعين مضت على ضفاف الأطلسي، حيث تعانق الصحراء زرقة البحر وتتناثر الرمال الذهبية كأنها لآلئ منثورة، حيث مدينة الداخلة كواحة من السحر والجمال في أقصى جنوب المملكة المغربية.
إنها جوهرة جهة وادي الذهب، ودرّة الأقاليم الصحراوية، المدينة التي جمعت بين هدوء الطبيعة ودفء الإنسان، وبين أصالة التاريخ وحداثة الحاضر.
الداخلة ليست مجرد مدينة ساحلية، بل هي قصة من الانسجام بين الأرض والبحر، وبين التراث والتمدّن، مدينة تنبض بالحياة في شوارعها وأسواقها، وتروي صفحات من التاريخ في مساجدها العتيقة وكنائسها القديمة.
تتميّز الداخلة بتركيبة سكانية متعددة الجذور، تنتمي إلى قبائل صحراوية عريقة حافظت على عاداتها وتقاليدها، لتظل شاهدة على أصالة المكان وكرم أهله ونُبل تعاملهم.
في هذا التقرير، نفتح نافذة واسعة على مدينة الداخلة، نستعرض معالمها الأثرية والسياحية، ومكوناتها الحضرية، ونتناول جانبًا من تاريخها العريق، وأقدم دور العبادة فيها، ونعرّج على القبائل التي تسكنها، لنتعرف على تراثها الثقافي الغني وروحها الإنسانية الدافئة.
والداخلة ذات معالم طبيعية سياحية في مقدمتها بحيرة الداخلة ذات مياه شاسعة هادئة، مثالية لـركوب الأمواج والتجديف ومراقبة الطيور مثل الفلامنغو والدلافين ، إلى جانب الكثيب الأبيض ذلك التل الرملي الناصع الذي يُصبح جزيرة صغيرة عند ارتفاع المدّ، وهو منظراً خلاباً وجذابًا لالتقاط الصور ، وجزيرة التنين تللك الصخرة الطبيعية التي تُشبه هيئة التنين عند رؤيتها من الأعلى، وتُعد من العناصر الجيولوجية النادرة في المنطقة ، ومسبخ أمليلي برك مياه مالحة وسط الصحراء تضم سمكًا صغيرًا، على بُعد حوالي 60–100 كلم جنوب المدينة، تجربة فريدة من نوعها ، والينابيع الحرارية ، طبيعية بدرجة حرارة تصل إلى 38 °C، ويستخدم لعلاج بعض الأمراض الجلدية والتنفسية والعظمية، ويقع على بعد 36 كلم من المدينة
وتقام في شبه جزيرة الداخلة نشاطات رياضات متنوعه في مقدمتها (الكايتسيرفينغ) و (الويندسيرفينغ) بفضل الرياح المتّجهة على مدار أكثر من 300 يوم سنويًا ، أضافة إلى رحلات السفاري بالصحراء: جولات 4×4، ركوب الجمال، واستكشاف الكثبان الرملية توفر مغامرة لا تُنسى كتلك التي قمنا بها ضمن برنامج مخيم الداخلة الدولي الكشفي ، وصيد الأسماك والمزارع البحرية ، ومراقبة الطيور والتجديف ، وغولف بيئي
المسجد القديم : مسجد الشيخ نصر الدين
يقع في مدينة القصر (Al‑Qasr)، وهي بلدة صغيرة على شمال واحة الداخلة، تأسست فوق أنقاض حصن روماني بتاريخ حوالي القرن 12 الميلادي
وياتي المسجد القديم الذي بناه الإسبان في قلب “فيلّا سيزنيروس” والذي يُعد من أقدم المباني الدينية في الداخلة، وهو عبارة عن هيكل بسيط مبيض، لا يُسمح لغير المسلمين بدخوله، لكن محيطه يمنح لمحة عن الدور الثقافي للمسلمين في المدينة خلال الاستعمار الإسباني
يُعتقد أن المسجد يعود إلى عهد الأيوبيين (القرنين 11–12 م)، وقد شُيّد على أنقاض مبانٍ رومانية سابقة، وتم ترميمه خلال الحقبة المملوكية والعثمانية. وتبرز إعادة بناء واضحة في القرن 19، لكن المئذنة الأصلية بقيت سليمة تقريبًا ، وبجانب المسجد توجد مدرسة (مدرسة دينية/مَدْرَسة قرآنية) كانت تُستخدم سابقًا كمركز ديني وقضائي، ولا تزال تُستخدم حتى اليوم كمكان للتعليم والاجتماعات العامة
المآذن والهندسة المعمارية: مئذنة المسجد بارتفاع نحو 21 مترًا، مبنية من الطين المضغوط (اللبنة) بثلاثة طوابق، وتُعد من أبرز معالم العمارة الإسلامية في الواحات
السكان والقبائل والعادات :
معظم السكان من السكان الأصليين الصحراويين (السواحل) ومن قبيلة أولاد دليم، وهي قبيلة حسانية عربية بتراث رحل وتنقل بدوي متأصل ، وثقافتهم مزيج من التأثيرات البربرية والعربية والساحلية، تتميز بالموسيقى الحسانية، الشعر، والضيافة الصحراوية الدافئة. اللغات المستخدمة: العربية الفصحى، الحسانية، والفرنسية في العمل والإدارة ، معروفون بطبيعة حسنة وضيافة صحراوية أصيلة؛ يدعون الزوار لتناول الشاي والمأكولات، ويحرصون على الترحيب بالغرباء والتعامل معهم بلطف وصداقة ، والسكان من طبعهم يحترمون الأجانب ويطلبون اللباس المحتشم عند التنقل داخل المدينة بعيدا عن الشاطئ، ويقدرون الحفاظ على العادات المحلية .
العادات والتقاليد:
يُقدّر العادات مثل استقبال الضيوف بالشاي المغربي المحتضر، يترافق مع أكلات محلية كـطاجين الإبل وطبق المحار الطازج. يتشارك السكان في مهرجان داخلة السنوي للموسيقى والفلكلور منذ 2008، الذي يعكس تنوعهم الثقافي وتقاليدهم الشعبية





