خلال جولتي في معرض المدينة المنورة للكتاب في نسخته الرابعة لعام 2025، تنقلت بين أروقته واجنحته واطلعت على عدد من الفعاليات والندوات الثقافية، ولاحظت تنوعًا غنيًا في دور النشر والحوارات المطروحة. وفي إحدى الزوايا، استوقفتني لافتة كتب عليها “ممنوع التصوير”، ما أثار فضولي ودفعني للتوقف والتعرف على صاحب الدار. الأستاذ ياسر البحري، وأجريت معه حوارا مثيرًا وملهمًا اليكم تفاصيله :
- نتعرف عليك أولا ؟
أنا ياسر البحري، صاحب دار نشر (ياسر البحري ) وهي دار نشر خاصة جديدة أطلقتها مؤخرًا.
- كم عمر دار النشر الخاصة بك؟
الدار حديثة النشأة، لم يمضِ على تأسيسها أكثر من عام واحد تقريبًا.
- حدثنا عنك أكثر ؟
ابتُعثت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال الدراسات العليا، وحصلت على الماجستير في الفلسفة السياسية، وكنت في المرحلة الأخيرة من الدكتوراه في التخصص نفسه، وهناك عشن قصة غيرت مسار حياتي
حولت محنتي في السجن إلى منحه
- وماهي القصة التي غيرت مسار حياتك ؟
عندما اتهمتني موظفة تعمل لدي بالتحرش بها. رغم أن جميع القرائن والأدلة القانونية والشرعية كانت لصالحي، حكم عليّ بالسجن لمدة 15 سنة، واستُؤنف الحكم دون جدوى. أمضيت 13 سنة خلف القضبان، وخرجت بعدها لحسن السيرة والسلوك
- وكيف كانت تجربتك في السجن؟
تحولت محنتي إلى منحة وفرصة وتعلمت خلال تلك السنوات ثلاث لغات: الإسبانية، ولغة الإشارة، بالإضافة إلى الإنجليزية ولغتي الأم العربية.
كما ألفت 26 كتابًا، وأسلم على يدي بفضل الله أكثر من 500 شخص، كان أغلبهم يسألون عن الإسلام نتيجة لما كانوا يرونه ويسمعونه من صور سلبية. كنت أنصحهم بقراءة القرآن، وأشرح لهم: “كيف أكون مسلمًا؟”
- كيف قضيت وقتك في السجن؟
كنت أخصص ما لا يقل عن 12 ساعة يوميًا للقراءة والكتابة، دون وسائل مساعدة سوى الورقة والقلم. واحتفظت بجميع المخطوطات التي كتبتها لتكون مرجعًا لي لاحقًا.
أخواتي (ايمان) و(فاطمة) سانداني في مشواري
- ما الذي دفعك لتأسيس دار نشر خاصة بك؟
بعد خروجي، عرضت مؤلفاتي على عدد من دور النشر، لكن لم يحصل اتفاق. ونظرًا لعدد الكتب التي كتبتها، قررت تأسيس دار نشر مستقلة بجهد شخصي.
ولا أنسى فضل شقيقتي الكبرى (إيمان) ، الحاصلة على ماجستير في الترجمة من جامعة الشارقة، التي ساعدتني كثيرًا في تحرير الكتب. كما دعمتني أختي الصغرى (فاطمة) ، الحاصلة على ماجستير في طرق التدريس والبحث العلمي.
- ماهو أول مؤلفاتك التي نشرتها ؟
أول مؤلف نُشر لي كان باللغة الإنجليزية عام 2014، بعنوان: “مقارنة الأديان: عن السيد المسيح“، وبدأت تأليفه عام 2007.
أما ثاني كتاب فهو عن معتقلات غوانتانامو، باللغة العربية، وأبرزت فيه أن هناك كثيرًا من السجناء مظلومون، على عكس السجن الذي كنت فيه، فهو سجن محلي، أما غوانتانامو فهو سجن عسكري.
- منذ متى وأنت تشارك في المعارض داخل المملكة؟
هذه هي مشاركتي الثالثة في معرض المدينة المنورة للكتاب، وشاركت أيضًا في معارض الرياض وجدة. أما معرض جازان فلم أشارك فيه لضيق حجمه، لكن أتمنى أن أشارك في نسخة 2026 إن شاء الله.
- إذا أُهدي إليك كتاب، هل تقرأه؟
بصراحة، لا أجد وقتًا كافيًا للقراءة، لكني أتصفح محتوى الكتاب سريعًا، ثم أحيله لشقيقتي، وهي تقرأه وتلفت نظري إلى ما يستحق التوقف عنده.
أقبل كتابك، وسأقرأه على متن الطائرة، إن شاء الله
- وهل من الممكن أن تقبل مني أحد مؤلفاتي؟ مثل كتابي “جولة في الكويت”.. وهل ستقرأه؟
قالها (مبتسمًا) : أي كتاب يُهدى إليّ أتصفحه سريعًا أولاً، ثم أُحيله إلى شقيقتي لتقرأه بتمعّن، وتلفت نظري لما يستحق القراءة، كما اسلفت لكني أقبل (هديتك) بكل سرور ، خاصة إن كان يحمل هوية خاصة، وأعدك أن أقرأه في الطائرة، إن شاء الله.
اقرب الكتب إلى قلبي “ألف ليلة في الحبس الانفرادي
- ما أحب الكتب إلى قلبك ؟
كتاب الله وأحفظ ولله الحمد الكثير من الآيات أحفظ ، وأقرب الكتب إلى قلبي هو:“ألف ليلة في الحبس الانفرادي“، لأنه يوثق ظروفًا قاسية ومعاناة لا يعلمها إلا الله
- ما رأيك في معارض الكتب في المملكة؟
معارض الكتب في المملكة تشهد حضورًا مميزًا واهتمامًا كبيرًا من الجمهور، وهو أمر يثلج الصدر، ويعكس وعي المجتمع بالقراءة والثقافة.
- كلمة أخيرة توجهها لرواد المعرض؟
أنصح كل من يُبتعث إلى الخارج، خاصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أن يركز على هدفه الأساسي:من المحاضرة إلى المنزل، ومن المنزل إلى المحاضرة.
ولا ينغمس في تفاصيل الحضارة الغربية. هذه نصيحتي من واقع 23 عامًا من التجربة.







