يأتي يوم المعلم ليجدد في النفوس الاعتراف بجميل من حملوا أمانة التعليم، وأفنوا أعمارهم في بناء العقول قبل أن يبنوا المعارف. فالمعلم هو حجر الأساس في كل نهضة، به يُستنار طريق العلم، وبه تزدهر الأوطان. ومهما تعاقبت الأجيال، يبقى أثره ممتداً في قلوب تلاميذه وسطور كتبهم.
ومن بين أعلام التعليم في المملكة العربية السعودية ، يبرز اسم الشيخ عبد الله القرعاوي – رحمه الله – مفتي الجنوب، وأحد الرواد في نشر العلم والدعوة في منطقة جازان وما حولها. جاءها في زمنٍ قلّ فيه من يتصدّى لمهمة التعليم والدعوة، فحمل همّ إزالة الجهل، وغرس العقيدة الصحيحة، وتعليم الناس شرع الله وحماية جناب التوحيد.
بدأ الشيخ القرعاوي جهوده من دكان صغير في صامطة، حوّله إلى مدرسة يتعلم فيها الناس القرآن والتوحيد وعلوم الدين، ثم توسعت هذه المدرسة لتصبح نواة لنهضة علمية شملت قرى ومدن الجنوب، من فرسان ومزهرة إلى الحكميين والباحة والقنفذة. وقد خرّج – رحمه الله – جيلاً من العلماء الذين حملوا رسالته بعده، منهم الشيخ حافظ الحكمي، وعبد الله العقيل، وعبد الله البسام، وجابر مدخلي، وجبريل حكمي، وغيرهم من الدعاة والعلماء الذين انتشر عطاؤهم في أرجاء المملكة.
ولما كان الإخلاص لا يضيع، بقي اسمه خالداً في المؤسسات التعليمية، إذ سُمِّيت باسمه مدارس ومعاهد لتحفيظ القرآن الكريم، منها مدرسة الشيخ عبد الله القرعاوي لتحفيظ القرآن بجازان، لتكون شاهداً على أثر رجلٍ آمن بأن التعليم هو طريق الإصلاح وباب النهضة.
وفي الختام، فإن تكريم المعلم لا يكون بكلماتٍ تُقال، بل بتقدير دوره والوفاء لمسيرته. فالمعلم هو من يغرس بذور الخير في العقول، ويصنع من الجهل نوراً، ومن الحرف نهضة. رحم الله الشيخ عبد الله القرعاوي، وكل معلمٍ وهب عمره لتنوير غيره، وجعل علمهم صدقةً جارية تنير الدروب بعد رحيلهم.




