فجع العالم العربي والإسلامي برحيل معالي البروفسور الدكتور عبدالله بن عمر بن محمد نصيف عن دنيانا وهو – يرحمه الله – واحدٌ من الرجال الذين تركوا بصمة خالدة في ميادين العلم والدعوة والعمل الكشفي، ، الذي كرّس عمره لخدمة دينه ووطنه وأمته من مواقع متعددة، جمع فيها بين علم العالم، وحكمة المربي، وعطاء الرائد الكشفي.
كان رحمه الله شخصية ملهمة، اتسع أثرها داخل المملكة العربية السعودية وخارجها، وامتدت إسهاماته لتشمل مجالات التعليم والبحث العلمي والدعوة والإغاثة والعمل الإنساني، فضلاً عن دوره الريادي في دعم الحركة الكشفية العربية والإسلامية وتمثيلها خير تمثيل في المحافل الدولية.
برحيله، فقدت الأمة علمًا من أعلامها، ورمزًا من رموزها الذين جمعوا بين الفكر والعمل، وبين الأصالة والانفتاح، وبين القيادة والتواضع، فرحمة الله عليه رحمة واسعة، وجزاه عن جهوده خير الجزاء.
فمن هو معالي البروفسور الدكتور عبدالله بن عمر بن محمد نصيف ؟
هو أحد الرموز البارزة في المشهد الكشفي العربي والإسلامي، – نائب رئيس مجلس الشورى الأسبق، وعضو مجلس إدارة جمعية الكشافة العربية السعودية – المولود عام 1939م بمدينة جدة.
تزوّج عام 1387هـ، ورُزق بخمسة أبناء: ثلاثة من الذكور (عمر، محمد، محمود)، وبنتين (عائشة، وخديجة).
المسيرة التعليمية :
تلقى معاليه تعليمه العام في مدارس مدينة جدة، وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم – كيمياء وجيولوجيا من جامعة الملك سعود بالرياض عام 1384هـ بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.
واصل دراسته العليا في بريطانيا، ونال درجة الدكتوراه في الجيولوجيا من جامعة ليدز عام 1971م، كما حصل على عضويات وزمالات علمية في جامعات وهيئات متخصصة في بريطانيا وأمريكا ومصر وباكستان.
بعد تقاعده، تولى إدارة مؤسسة عبدالله بن عمر نصيف الخيرية، مواصلاً عطاءه في مجالات الخير والعلم والدعوة.
المسيرة الكشفية :
بدأ مشواره الكشفي في المرحلة الثانوية بالمدرسة النموذجية في جدة، ثم التحق بعشيرة الجوالة أثناء دراسته الجامعية.
وخلال بعثته إلى بريطانيا، حصل عام 1986م على الشارة الخشبية بعد اجتيازه دورة تدريبية بمعسكر جيلويل بارك بضواحي لندن، واستكمل الجزء النظري بإشراف القائدين عزيز بكير وحسن الفرنواني – رحمهما الله – ببحثين عن الأصول الإسلامية لمبادئ الحركة الكشفية.
عقب عودته من الابتعاث عام 1971م، انضم لهيئة التدريس بجامعة الملك سعود وعُيّن مساعدًا لقائد عشيرة الجوالة، ثم قائدًا لها.
وبعد انتقاله إلى جامعة الملك عبدالعزيز عام 1973م، تولى الإشراف على عشيرة جوالة الجامعة.
وفي عام 1398هـ، صدر قرار بانضمامه إلى مجلس إدارة جمعية الكشافة العربية السعودية، ليستمر في عضويته لسنوات طويلة.
انتُخب عضواً في اللجنة الكشفية العربية عام 1980م بالمغرب، ثم عضواً في لجنة طرق التعليم الكشفية الدولية عام 1983م، كما اختير عضواً في صندوق التمويل الكشفي العالمي.
وفي عام 1984م، عُيّن رئيساً فخرياً للاتحاد العربي لرواد الكشافة والمرشدات، ثم رئيساً للاتحاد العالمي للكشاف المسلم في مؤتمر إسلام آباد عام 1992م.
كما شغل عضوية اللجنة الكشفية العالمية عام 1996م في النرويج، ورئاسة رابطة رواد الحركة الكشفية بالمملكة عام 1419هـ.
ظل “معاليه” حتى سنواته الأخيرة مثالاً يُحتذى في العطاء الكشفي، وغرس قيم الحوار والسلام وخدمة المجتمع.
الأوسمة والتكريمات
نال الدكتور نصيف العديد من الأوسمة والقلائد الكشفية تقديرًا لعطائه، أبرزها:
- قلادة الكشاف العربي عام 1981م من المنظمة الكشفية العربية.
- وسام الذئب البرونزي عام 1987م من اللجنة الكشفية العالمية.
- وسام الصقر الفضي من الكشافة اليونانية عام 1983م.
- القلادة الكشفية الذهبية من جمعية الكشافة العربية السعودية عام 1426هـ.
المناصب والمهام الوطنية والدولية :
شغل “معاليه” خلال مسيرته عدداً من المناصب الأكاديمية والإدارية المرموقة، من أبرزها:
- أستاذ مساعد ورئيس قسم الجيولوجيا بجامعة الملك عبدالعزيز.
- أمين عام جامعة الملك عبدالعزيز (1393هـ – 1396هـ).
- وكيل الجامعة ثم مديرها (1400هـ – 1403هـ).
- أمين عام رابطة العالم الإسلامي (1403هـ – 1414هـ).
- نائب رئيس مجلس الشورى (1413هـ – 1422هـ).
- رئيس مجلس هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، والأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.
كما تولى رئاسة وعضوية عدد من الهيئات والمجالس الدولية، منها:
- رئيس مؤتمر العالم الإسلامي – كراتشي.
- رئيس مجلس الأمناء بجامعة الشرق والغرب في شيكاغو.
- رئيس مجلس الأمناء لمركز الدراسات الإسلامية بجامعة أكسفورد.
- عضو لجنة الكشافة العالمية – جنيف.
- عضو أكاديمية المملكة المغربية – الرباط.
- زميل الجمعية الجيولوجية البريطانية والأمريكية.
مؤلفاته :
أثْرى الفقيد المكتبة الإسلامية والعلمية بعدد من المؤلفات، منها:
- الدرع الجرانيتي العربي
- الصخور الجرانيتية والميتامورفية في منطقة الطائف
- الإسلام والشيوعية
- العلوم والشريعة والتعليم (بالإنجليزية)
- انبثاق التضامن الإسلامي
حياته رحلة حافلة بالعطاء والعلم والعمل الخيري والريادة الكشفية خاضها معالي البروفسور عبدالله بن عمر بن نصيف، الذي مثّل نموذجًا فريدًا للمسؤول الواعي والعالم المتواضع والرائد الكشفي القدوة.
ترك أثرًا عميقًا في نفوس من عرفوه، وفي مسيرة الحركة الكشفية العربية والإسلامية، لتبقى سيرته منارة تُلهم الأجيال القادمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
*المصدر: كتاب رواد الكشافة العرب سيرة ومسيرة (ن2) صفحة 134
التعليقات 1
1 ping
أ.د.عبدالوهاب الإدريسي
12/10/2025 في 1:21 م[3] رابط التعليق
والدنا وفقيدنا الغالي
نسأل الله أن ينزل شآبيب الرحمة على فقيدنا الغالي معالي د.عبدالله عمر نصيف عرفته منذ الصغر حيث كان والدي يعمل معه في رابطة العالم الإسلامي حين كان اميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي
في فترة كانت ذهبية للرابطة كان يزور دول العالم ويقضي حوائج المسلمين ويبني المساجد ويطبع الكتب حتى ذاع صيته وكانت سيرته تسبقة إلى أي مكان يصل إليه في العالم بدعم من ملوك المملكة العربية السعودية التي تميزت بالعطاء الذي لاتغيب عنه الشمس على ظهر البسيطة، واستمر في عمله بكل تميز يحمل هم الدعوة الإسلامية ونشر الخير؛ حتى انتقل إلى مجلس الشورى نائباً لرئيسها ، وتشرفت به صغيرا عندما كنت أزوره مع الوالد في مكتبه بالرابطة حيث كان يقوم للوالد ويرحب به بكلتا يديه ويتبادل معه أحاديث العمل خاصة العمل الدعوي والدعاة حيث كان الوالد رحمه الله مبعوثا وممثلا للرابطة في إفريقيا، ولا ينتهي اللقاء الرسمي هنا بل يعرض عليه الدعوة لزيارته في منزله العامر بجدة وكان له مجلسا أسبوعيا عامرا يرتاده الوجهاء والمثقفون من مختلف شرائح المجتمع تشرفت بحضوره صغيرا وكبيرا،
وتشرفت كذلك بالعمل الكشفي معه في الاتحاد العالمي للكشاف المسلم الذي سمىي فيما بعد ( الإتحاد العالمي الإسلامي للكشافة والشباب) حيث كان رئيسا لها، وتشرفت كذلك بصحبته مع الأمين العام الدكتور زهير بن حسين غنيم
في العديد من اللقاءات والمخيمات والمؤتمرات الكشفية
وكنت متعلما منهما وأكثر ماتعلمت هو الانضباط والالتزام بالوقت أذكر مرة في المخيم الذي أقيم في دولة السويد عام 2011 حضرت معهما اجتماعا في قرية الأديان قبل وقت انعقاده بدقائق… ودار الحديث فقلت له: بأن الوقت مبكرا لم يحضر الكثير من المعنيين فرد علي قائلا: الالتزام بالمواعيد من خلق المسلم وكذلك نحن نمثل في هذا المحفل العالم الإسلامي كله يجب أن نعكس هذا الخلق، والحقيقة من معرفتي له ما يقرب من ثلاثة عقود عرفته ملتزما ومنضبطا في كل أموره؛ لذلك من صحبه لابد أن يقتبس من أخلاقه وسمته، ويتأثر بابتسامته التي لاتفارق محياه، وجدته قائدا بشوشا يمتص كل الصعوبات مهما بلغت ويهونها بكلماته التحفيز ية، لذلك كان الإعجاب به سعوديا وعربيا وإسلاميا وعالميا؛ فكان أول سعوديا ينال أعلى وسام كشفي عالمي (وسام الذئب البرونزي)
وذلك التقدير صنعه بخلقه الرفيع كنت أراه في اللقاءات العالمية كيف يحظى بتقدير الجميع الأجانب قبل العرب والمسلمين وينصتون لكلماته التي ينتقيها بعناية بصوته الخافت المميز، وبحته الرقيقة التي ينساب منها لآلئ العبارات.
رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، ترك سيرة عطرة لا يسطرها المداد، ولا يحويها ديوان.
عزاؤنا لآل نصيف العريقة التي انجبت القادة نساء ورجالا؛ فأشرق عطاؤهم على ربوع الوطن، وأثمر في أنحاء العالم.
المفوض الكشفي الدولي
أ. د. عبدالوهاب محمد محمد الإدريسي
مكة المكرمة