الأم مدرسةٌ إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراقِ
بيت من الشعر ارتبط بوجداننا مذ نعومة أظفارنا، و كلنا يعي جيدًا دور الأم في تنشئة الأجيال وبناء الأمم التي من مكوناتها
الأسر والأفراد .. فكم للأم من دور عظيم ليس في معاناة الحمل والولادة وسهر الليالي ورد في ذلك آيات الكتاب الكريم من مراحل
تكوين الإنسان وحمله وفصاله وكما وردت آيات منها ” ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا” وكذا الأحاديث النبوية في ذكر الأم
ثلاث مرات بعد سؤال من أحق الناس بحسن الصحبة ، ويسبق ذلك ما حث عليه الإسلام في اختيارها زوجة وأمًا فديننا
الإسلامي لم يترك شاردة ولا واردة تخص بناء الأسرة إلا وأبان وأوضح وأوصى فدستورنا الخالد والسنة النبوية مرجعنا في
الوقوف على كل ما من شأنه من رفعة شأن الأم ..
عزيزي القارئ سألتقط لك مشهدا من مواقف أم عظيمة .. هي أمية لا تقرأ ولا تكتب لكن تحفظ أجزاء من القرآن الكريم ، منحها
الله ذاكرة في رواية الشعر والقصص والحكم وهبها الله أسلوبًا في سرد القصص تجعلك لا تمل سماع تلك الروايات وإن كررت
مرارا، فعندما يسدل الليل أستاره وبعد صلاة العشاء وفي ليالي الشتاء الباردة ينتهي الأخوة والأخوات من أداء الواجبات
المدرسية ، ثم يتحلقون حولها إذ تضمهم الأم تحت جناحي في ” بشت أبيهم ” في رمزية أن الـوالد هنا وإن غاب بسبب
عمله .. وفي حالة من الاستماع والإنصات لتك القصص التي تحمل بين طياتها ما ينبغي أن يتحلى به المرء من أخلاق
وسلوكيات وقيم إذ يتسلل إلى جفونهم صغارها النوم فتغفو عيونهم تارة ويقومون تارة بغية الاستمتاع بالحوار بين شخوص تلك
القصص لا يلبثوا إلا ويستسلم الجميع للنوم ، وتعلق بذاكرتهم آخر مشاهد القصة بطريقة متفاوتة كل يقف إلى لقطة محددة ،
ليأتي اليوم الثاني فيطلب من الأم استكمال تلك القصة ولكن تبدأها من جديد وربما بأسلوب أكثر جذبًا من الليلة الماضية .؛ مما
يشد الانتباه أكثر وأكثر .
نعم هذه الأم العظيمة لا تقرأ ولا تكتب ولكنها تحتفظ بكل قصاصة ورق ودفاتر تعمر سنوات لا يفقد منها شيء ، كما أنها تكن
كل احترام للكتب والمجلات وتحرص على أن تغذي عقول أبنائها وأحفادها بقراءة ما تحتويه بالتحديد تلك المجلة العملاقة ” مجلة
قافلة الزيت إحدى المجلات الصادرة عن أرامكو السعودية التي يعمل بها والدهم ، ينتظرونها نهاية كل أسبوع لينهلوا من زادها
مجلة متفردة تحمل بين دفتيها تنوعًا رائعا بين الأخبار والمقالات والاختراعات والاكتشافات والشخصيات الأدبية ،، إذ
فـهي ”
” والكثير الكثير من الثراء المعرفي ..
والأدب من شعر ونثر إلى جانب مصطلحات في اللغة العربية وأصولها ووو
وبهذا تكون قد أسهمت بشكل كبير في غرس حب القراء والاطلا ع فتكوّن لديهم رصيدا لغويا ومعرفيا كبيرا يخوّلهم للتحدث
والكتابة والتعليق ، ونمت الخيال فصقلت مهارات فنون الكتابة والرسم والتطريز والخياطة ، وكانت حصة التعبيرين أجمل وأهم
الحصص التي تعكس بجلاء ما ما يملكونه من رصيد ، وحصة الرسم والتفصيل هي الأخرى خير متنفس لترجمة الإبداع بكل
ألوانه ، ولا شك إن هذا فضل عظيم غرسته وأينع ثمر غرسها في مسيرة عطاء كل ابن وبنت كل في مجاله : إذ قدمت للوطن :
العسكرية والأمن وفي التعليم وفي البترول والطاقة والتقنية والإعلام ..
رحمك الله رحمة واسعة وكتب لك عظيم الأجر بما صنعت ..
وختاما بشت أبي وما أدراك ما بشت أبي 🤍




