داء الفراشة !! ، نعم داء الفراشة ؟!، في أحد المرات أوكلت لي مهام متعددة مطلوب إنجازها في وقت قياسي يتحدى القدرات البشرية والإنسانية معاً ، حاولت مراراً وتكراراً أن أضبط بوصلة انجازي بطريقة متزنة ، لكن النتيجة كانت هشة للغاية ، كنت أبدأ المهمة الأولى ، ثم عبثاً أقفز للثانية ، وتارة أضع خطة عمل للثالثة والرابعة معاً ، وخامسة أتصفح البريد الإلكتروني عل أن بعضاً منها قد أعفيت منه !! ، ولكن لا مناص!! ، كنت أشعر حينها بالإعياء الشديد ، والرغبة في الراحة ، لكن هيهات ، والمهام تتطاير في رأسي كالفراشة تماماً تؤلمني بشدة !!.
ببساطة هذا هو داء الفراشة في علم الإدارة ، وليس بالمفهوم الطبي ، وهو أنك تقفز في أعمالك كالفراشة في أكثر من مهمة في آن واحد .
إن كنت مصاب بهذا داء فأخبرك أن مستشفيات العالم بصيدلياته لن تقدم الترياق الشافي لك ، إن لم تتخذ الحل الناجع مع نفسك ورؤساؤك في إدارة العمل وفق إطار الزمن والقدرة البشرية لك ، وإلا ستدخل في متاهة من طراز خاص من المتاعب النفسية التي ستتشكل تدريجيا لمرض أو عدة أمراض عضوية متلاحقة ككرة ثلجية يصعب لجسدك التعافي منها لو تقدم الداء فيك ردهاً من الزمن دون أن تطلب الخروج من دائرة الداء .
والكثير من الأشخاص وبالأخص القيادين يقعون في فلك داء الفراشة ، ولا يعترفون بذلك ، ويحاولون اقناعك إن هذا من الشيء الطبيعي ، بل والطبيعي جداً ، وأنهم قادرون الاستيعاب الكلي لها ، وأنها لم تؤثر عليهم البتة !! .
الإنجاز والطموح مطلب ، بل كيان شخصي ، حينما نأخذ من المهام والتكليفات وفق طاقتنا البشرية ، ويمكن أن تزداد وتيرته بضعة أيام ، ولكن لا يكون ديدنا وسمتنا في أعمالنا ووظائفنا .
الاتزان والاعتدال مهم في إشعال جذوة الإنجاز والتميز ، ولكن بالقدر الذي يجعلك أن تكون مستمعاً في عملك ، مبتهجاً فيه ، تشعر أنك تزكي قدراتك ، ومواهبك فيه ، لا أن تغرق في لجة بحره وطوفانه ، مما يجعلك إنسان متأهب للغضب غير مسيطر على اتزانك الانفعالي ، لديك تهور وتسرب انفعالي كالبركان مع كل من تقابله .
وحينما ترسم خطتك الشخصية ، وتسطر أهدافك ، وتعرف رسالتك الشخصية ، لن يهزمك أحداً البتة بإذن الله تعالى ، لأنك تعرف من أنت ، ماذا تريد ، وكيف تصل لما تريد في طموحك الشخصي ، في مجال العمل ، في العلاقات وسائر المجالات ، وحينها ستختار وظيفة ترضي طموحك ، وترفع سقف انجازاك ، ولكن ضمن قيمك الشخصية .
إن استغلال الآخرين لنا أحياناً ، لكوننا مهدنا لهم الطريق بزيف اللطف الأكثر من اللازم ، وحينها ، لا تسل عن استثماراتهم المتصاعدة من خلالنا .
مرة أخرى ، لا تكن لطيفاً أكثر من اللازم ، وأختر وظيفتك بعناية فائقة ، أعرف ماذا تطلب من وظيفتك ، وكيف تنمو من خلالها ، وكيف تضيف عليها من قيمك ، ولكن بالقدر الذي يكرم انسانيتك ، لا تخنع لعبودية الوظيفة ، وكن أنت .. أنت كما تحب أنت.
التعليقات 1
1 pings
خلود احمد
30/01/2018 في 9:17 ص[3] رابط التعليق
نعم ماذكرتيه يجسد اوضاعنا في ديدنة العمل وطوفانه الله يبارك لنا واياك في الجهد والعمل
لاشلت يداك ولاحرمك اجر حرفك