طالت نظراته لها كثيرا انتبهت لها منذ البداية هو من ظن انها لما تنتبه . استمر في استعراضاته الذكورية امامها في كل مناسبة وكانت تضحك ساخرة في اعماقها على الاراجوزية التي تلعب أمامها . صوت في داخلها يمنعها من كشف اوراقها امامه .فهي تلك الحرة من كل شيء تماما ولاداعي لان تتقيد الان . ليس عزوفا عن الارتباط ولكنه نفورا من الاستعباد الذي يخيم على كل علاقة . لكن تجاهلها لايحل الامر وتماديه لايلطف الاجواء .
في صباح تشرين البارد قررت انها ستضع حدا وستمنحه فرصة وهي لم تعتد منح الفرص .
كانت تقضي في مكتبها اغلب الوقت لتتميز عن البقية تركته ذلك اليوم واخذت تتجول على الاقسام التي يتواجد في احدها تعمدت ان تدنو من مكتبه لتلاقي عينيه في عينيها اخيرا . كانت جرأة لم تعتدها ولكن رغبتها الملحة في انهاء هذا الامر شجعتها . لمحت اتساع حدقتيه وتأكدت انه هائم بها ولكنها فضلت التروي
اخذت تحادثه بعشوائية وكان يرد عليها بحنو ملفت اثار انتباهها تلصص زملائه عليها اثناء ذلك . تضايقت . نعم تضايقت لانه لم يكن حكيما في الاحتفاظ بتلك المشاعر لنفسه . جعلها ذلك تتردد جدا في اكمال الفرصة فماعادت محمية بعد الان من ظنون الموظفين هنا وهناك . انهت الحديث معه بدبلوماسيه وقررت الانسحاب وحينما ادارت ظهرها تمتمت بسخرية : كنت محقا ياحدسي فلم يكن جدير بالانتباه حتى .
من خلال المقاربة السابقة يتضح لنا اختلاف الرؤية الشاسع بين نظرة الرجل ونظرة المرأة للحب فالرجل يندفع إليه متبعاً إحساس قلبه بصرف النظر عن جميع الملابسات الأخرى لكن المرأة الناضجة تستقبل ذلك الحب بكومة من العقلانيات اللامحدوة التي قدتعرقل أي محاولة للتقرب وذلك ينفي الإشاعة الرائجة عن عقلانية الذكور وعاطفية الإناث . فالواقع يقول عكس ذلك تماماً حيث تستثير الأنثى ذلك الحبيب لإستعراض امكانياته الواحدة تلو الأخرى أمامها وتتيح لنفسها الوقت الكافي في غربلتها أيهم الأنسب والمعين لها لتستكمل به بقية حياتها لعل وعسى أن تقتنع أنه الاختيار الأمثل و الأصوب بما أنها الطرف الأضعف في إنهاء العلاقة فيما إذا لم تكن صفاته موفقة . جميع هذه التعقيدات جعلت من الزواج والارتباط مسألة معقدة ومرهقة للغاية لدرجة ان حبذ البعض في وقتنا الحالي إلقاء همه على ذويهم للاختيار .
ومن ذلك يتبين لنا أن الحياة الزوجية هي مؤسسة رسمية بحتة كبقية المؤسسات الأخرى في الدولة لافرق .
ولاتشكل المشاعر والأحاسيس فيها سوى نسبة ضئيلة . لايهم ذلك طالما أنها تخضع للحسابات القائمة على القلم والمسطرة ومدى نسبة الفشل أو النجاح فيها . وبرغم تدخل الدين والوعظ المستمر في دعم هذه المؤسسة وتطبيعها بطابع القداسة ولو كان زائفاً الا إن ذلك لم يكن ضمانا كافيا لاستمراريتها للأسف . نجاحها خاضع لنواميس أخرى غير معروفة حتى اللحظة تحتم على الطرفين السعي الحثيث على اسكتشافها وتطبيقها وجعلها هدفاً أساسيا في الحياة . فالعائلة المثالية والكاملة والمتكاملة المفعمة بالمشاعر اللذيذة والأحاسيس المنعشة حلم يداعب أذهان الجميع تقريبا وتحقيقه بإذن الله ليس مستحيلاً.
كتابنا
> حسبة الحب المعقدة
حسبة الحب المعقدة
19/05/2018 12:50 م
حسبة الحب المعقدة
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/51959/




