في موكب مهيب شيع المئات من أهالي الأحساء يوم أمس الخميس الأديب ” شيخ المؤرخين ” و ” عالم التاريخ ” المرحوم الشيخ جواد حسين الرمضان ، وذلك بمقبرة الخدود بمدينة الهفوف.
فبعد مسيرة حافلة بالبحث والتحقيق وإفاضة العلم على مريديه من مختلف البلدان داخل المملكة وخارجها ، وبعد أن خط بمداد عينيه سبلاً منيرة للباحثين في علم التاريخ والأنساب والآثار استراح في قبره محفوفاً بدعاء محبيه ودموعهم الجارية وعقولهم الوقادة التي عاهدت الفقيد على مواصلة دربه لبناء الإنسان والأوطان والمحافظة على الإرث الثقيل.
وقد كرس المرحوم حياته التي امتدت الى 84 عاماً في تأليف الكتب وتقديم المشورة لطلاب العلم على مختلف مشاربهم وأماكنهم الذين انهالوا عليه لتصديق وتثبيت الحقائق التاريخية والعلمية فأصبح يلقب ب ” شيخ المؤرخين ” و” عالم التاريخ ” لما يمتلكه من مخزون المعارف والحقائق التي وقف عليها ،
والمرحوم من مواليد الأحساء عام 1357هـ.
وانتقل وهو صغير مع أسرته إلى البحرين لطلب الرزق ثم إلى العراق فسوريا ، ثم عاد وهو شاب يافع إلى مسقط رأسه الأحساء ودرس الثانوية ، ومارس مهنة خياطة البشوت وهي مهنة أسرته ،
وخلال ترحاله انشغل بالقراءة وشراء الكتب وحتى بعد استقراره في الأحساء وسفره لاحقاً إلى تركيا ليطلع على مخزون المخطوطات في حقبة الحكم العثماني للمنطقة ، فكان موسوعة من المعارف واكتسب قدرة على التحليل والمقارنة فكان فريداً في طرحه قوياً في حججه واستدلالاته ، فأصبح مقصد المثقفين والمفكرين ، ومع غزارة علمه وإحاطته فإنه لم يستأثر ولم يبخل بما لديه من كنوز المعرفة فأفاض بها على زواره من كل حدب وصوب ، ولذا أصبح مثار الإعجاب والتقدير والإكبار.
وقد ألف المرحوم الكثير من الكتب منها كتاب ” مطلع البدرين في تراجم علماء وأدباء الأحساء والقطيف والبحرين 12 جزء ” ، وكتاب ” أعلام الأحساء في العلم والأدب لسبعة قرون من سنة 800 هجرية، 3 أجزاء ” ، وكتاب ” صحيح الأثر في تاريخ هجر ” ، وكتاب ” قلائد الجمال في تراجم مشائخ آل رمضان ” ، وكتاب ” المغانم في تراجم آل أبي المكارم ” ، وكتاب ” أنساب الأحسائيين ” ، وكتاب ” كشكول أدبي 4 أجزاء ” ، وكتاب ” ديوان أحسائيات “.
وليس غريباً عليه فبعد أن سجلت الأحساء كموقع تراث عالمي في منظمة اليونسكو ، وبعد أن اطمأن بأن الأبناء والأحفاد قد استقوى عودهم وأنهم أصبحوا قادة وروادا رحل قرير العين بأعظم إنجاز وطني يحتفي الأبناء ويفخر به الآباء والأجداد.