شاهد الآن ـ الأحساء
إنّ أي إنجاز رياضي لا يمكنه أن يتحقق بدون تغذية متوازنة وسليمة، فحصول الجسم على كامل احتياجاته الغذائية بالكميات المقدرة له يُساهم في بناء جسم مقاوم لبعض الأمراض والإصابات الناتجة عن سوء التغذية، وكلما كان البناء العضلي والعظمي للجسم قوياً ومتيناً يصبح قادراً على العطاء والبذل لأطول فترة ممكنة، وأكثر ما يُشغل هاجس كُل رياضي, هي الإصابات التي تُلاحقه عند ممارسته لبعض الرياضات الجماعية التي تعتمد على الاحتكاك والالتحام بين اللاعبين مثل كرة القدم والسلة واليد وغيرها.
وفي هذا الصدد أخصائي تغذية بمستشفى مدينة العيون ورئيس منسقي التثقيف التغذوي بصحة الأحساء عبدالله بن صالح الرستم، حيث نوه في هذه الأطروحة العلمية بإيجاز ما ذكره الدكتور عبدالرحمن المصيقر رئيس المركز العربي للتغذية في كتابه (تغذية الرياضي) إلى بعض الممارسات الخاطئة التي يمارسها الرياضيون نتيجة غياب الوعي والثقافة حول ما يتعلق بالرياضة والتغذية، مما ساهم في حدوث كثير من الإصابات البدنية والذهنية بين الرياضيين نتيجة هذه الممارسات.
وقال أن أولى هذه الاعتقادات الخاطئة إتباع حميات غذائية مركّزة قبل المباراة بيوم أو يومين, ظناً منه أن إتباع هذه الحمية ستمنحه طاقة و لياقة عالية بغرض تحقيق إنجاز رياضي جيد، فهذا مفهوم خاطئ، إذ أن التغذية السليمة لا تأتي بين يوم وليلة، إنما هي نتيجة ممارسة غذائية صحيحة لعدة أشهر للحصول على جسم استوفى كامل احتياجاته من العناصر الغذائية الهامة وبالتالي يجعله قادراً على التحمل والمحافظة على مستواه الرياضي الجيد، لذا يُنصح بتناول وجبة خفيفة سهلة الهضم قبل المباراة بـ 3-4 ساعات لإعطاء الفرصة الكافية لهضم الطعام.
أما الاعتقاد الخاطئ الثاني فهو تناول بعض ممارسي الرياضة كميات كبيرة من البروتين أثناء التمارين في سبيل الحصول على حجم عضلات كبيرة، وقد أظهرت دراسات حديثة تٌفيد أن زيادة البروتين تعمل على زيادة حاجة الجسم إلى الماء، فمن خصائص البروتين هو احتباس الماء في الجسم وهذا يٌقلل من كفاءة عمل الكِلية في التخلص من نواتج تمثيل البروتين خارج الجسم، فعند تناول الرياضي لكميات كبيرة من البروتين أو ما يُعرف بمستحضرات البروتين فإنه يتحول إلى دهون وأثناء هذه العملية تتحرر ما تُسمى بالأمونيا وهي مادة سامة تتحول بعد مدة إلى مادة أخرى تُسمى باليوريا وهي أيضاً سامة، وهنا يقوم الجسم بإذابة هذه السموم في البول وبالتالي تقوم الكلية بطرحها خارج الجسم، فكلما كانت كمية البروتين المتناولة عالية فسوف يعمل على زيادة العبء على الكلية في طرح السموم، بينما المُعدل الطبيعي لحاجة الجسم للبروتين من خلال تناول وجبة متوازنة يتراوح بين 12 – 15% عندها يتم طرح كميات طفيفة جداً من اليوريا السامة بكل سهولة ويُسر خارج الجسم دون متاعب ولا أعباء.
أما الاعتقاد الخاطئ الثالث فهو تناول الفاكهة أو عصائر الفاكهة ما بين شوطي المباراة، وهذا مفهوم أيضاً خاطئ لأن الفاكهة تحتوي على مقدار كبير من الألياف يصعب هضمها في فترة قصيرة، فلن يستفيد منها الجسم أثناء المباراة، بل يكتفي الرياضي بشرب الماء فقط ليعوض فقد السوائل المستنزفة أثناء المباراة، فالماء يلعب دوراً حيوياً في الجسم ويؤثر على مستوى الإنجاز الرياضي، وعندما يفقد الرياضي 2% من وزنه نتيجة الجفاف فسيتسبب له في الإخفاق في مستواه الرياضي، وتتوقف كمية الماء التي يحتاجها الرياضي على كمية السوائل التي يفقدها عن طريق العرق فمثلاً إذا فقد نصف كيلو من السوائل فإنه يحتاج إلى كوبين كبيرين من الماء لتعويض السوائل المفقودة، كما أن هناك دراسات حديثة تُشير إلى أنه لا ضرر من شرب كميات كبيرة من الماء، و قد وضعت جمعية التغذية العلاجية الأمريكية بعض التوصيات المتعلقة بشرب الماء للرياضيين ونوجزها فيما يلي :
1 ـ أن يتناول الرياضي كوبين من الماء قبل ساعتين من التمرين أو المباراة.
2 ـ أن يتناول الرياضي كوبين آخرين من الماء قبل 15-20 دقيقة من التمرين أو المباراة.
3 ـ يُفضّل أن يتناول الرياضي كمية قليلة من الماء (4/1 – 3/1 كوب) كل 15-20 دقيقة أثناء التمرين.
4 ـ يجب أن يعوّد الرياضي نفسه على تناول هذه الكميات من الماء باستمرار.
ويذكر الدكتور عبدالرحمن المصيقر في كتابه أيضاً جدول يوضّح مقدار ما يستنفذه الرياضي خلال ساعة واحدة من أداءه للتمرينات المختلفة حسب وزن الرياضي :
نوع التمرين وزن الرياضي
مقدار الطاقة المستنفذة في الساعة الواحدة
55 كيلو جرام 85 كيلو جرام
كرة السلة 352 575
كرة القدم 416 678
كرة اليد 488 797
كرة الطائرة 234 382
الجري 6 كم / ساعة 537 887
التنس 347 565
المشي 2.5 كم / ساعة 176 286
أما الاعتقاد الخاطئ الرابع فهو تناول أقراص الملح, ظناً منه – أي الرياضي- أن الأقراص تعوضه عن الأملاح المفقودة نتيجة العرق أثناء اللعب أو التمرين، وكلما تناول الرياضي جرعة من الأقراص سوف يزيد حاجته لشرب الماء بشكل مكرر قد يصل إلى حد الامتلاء دون الارتواء من الماء وهذا يُضعف بالتأكيد أداءه الرياضي.
في حين الاعتقاد الخاطئ الخامس والأخير وهو تناول مشروبات الطاقة والتي تحتوي على بعض الأملاح المعدنية المغذية والمدعّمة بعضها بالفيتامينات والتي تُحاول بعض الشركات و مصنعي هذه المشروبات بإيهام الرياضيين بأن هذا المشروب يُساعد على التحمل و التقليل من التعب، وللعلم فإن المحلول الملحي إذا جمع مع السكر في مشروب واحد فإن امتصاصها في الجسم يكون بطيئاً وبالتالي لا يمنحك ما تريد، كما أن جسم الرياضي لا يتحمّل شرب كميات كبيرة من السكر، بينما الماء وحده يقوم بالدور نفسه و أكثر و هو قادر على تعويض الجسم بالسوائل بعد فقدها من الجسم أثناء ممارسة الرياضة.
لغة مشتركة
ويُشير أخصائي العلاج الطبيعي ومدرب ألعاب القوى ياسر السعيد إلى أن هناك لغة مُشتركة يجب أن تجمع بين المدرب وأخصائي التغذية والرياضي لوضع خطة وبرنامج غذائي أثناء المعسكرات القصيرة والطويلة وذلك للحيلولة من حدوث أي إجهاد عضلي ممكن أن يتسبب بإصابة اللاعب أثناء مزاولته للتمارين الرياضية.





