حبا الله شجرة النخلة صفات قل نظيرها في الأشجار الأخرى إذ أنها تحظى بجمال ساحر في خضارها الدائم حيث أنها الشجرة الوحيدة التي لا يتساقط ورقها على مدى العام وتزداد جمالا بطولها الشامخ الذي يعانق السماء.
كما أنها تمتاز بعمر طويل يتراوح ما بين ١٠٠ و١٥٠عام مقارنة بالأشجار الأخرى.
الجدير بالذكر أن عدد النخيل بالأحساء قرابة ٤ مليون نخلة و٣٠ نوعا تقريبًا أشهرها الخلاص والشيشي والرزيز وبالمملكة أكثر من ٢٩ مليون نخلة وتنتج المملكة من التمور ١.٥مليون طن سنويا أي ما يعادل ١٧% من الإنتاج العالمي والأحساء تنتج اكثر من ١٢٠ ألف طن سنويًا.
صحيفة «شاهد الآن» إلتقت بعدد من المزارعين الاحسائيين وتحدثت معهم حول شؤون النخلة وما تتطلبه المرحلة الحالية من النهوض بمستواها إلى مستوى أعلى يضاهي أهميتها العالمية بعد دخول واحة الأحساء في عدة مراكز عالمية كمنظمة اليونسكو وغيرها.
وعند سؤال المزارع معلم متقاعد عبد المحسن العلي (أبو رائد) عن الفرق بين النخلة في الماضي والحاضر، أجاب بأن زراعة النخلة سابقًا يكون وفق مواعيد ثابتة معروفة كأن تغرس فسائل النخيل عند بشارة رطب نخلة الحاتمي و عند بداية خروج فصل الشتاء ودخول فصل الخريف، أما في الوقت الحالي تغيرت مواعيد زراعة النخيل عند معظم المزارعين إذ أن بعضهم يزرع في أي فصل حتى في فصل الشتاء، علمًا أن الفسيلة ليس شرطًا أن تموت ولكن تتأخر في النمو حتى يحين الموعد المناسب لزراعتها فتنطلق للنمو بالشكل الطبيعي.
وأردف قائلا : أنه يجب أن تقص عذوق الفسيلة وفسائلها الصغيرة التي تحمل بها في السنوات الأولى من زراعتها لكي تصبح قوية وسريعة النمو، كما أن في الماضي يزرع الفحال (ذكر النخلة) في أطراف المزرعة للاستفادة من المساحة لزراعة النخيل المثمرة بشكل أكبر كما يزرع نوع الشيشي في الأطراف كذلك وتسمى المغارس (الفسائل) في هذه الأماكن عند الفلاحين بالشواهد، كما في السابق تسقى الفسائل المزروعة حديثًا ٤٠ يومًا متتالية حكما، وهذا عرفا عند الفلاحين السابقين متوارث ولا يمكن التهاون فيه، كما كان المزارعين الأولين لا يقلعون الفسائل من أمهاتها إلا ان تنظف من الأشواك بالطريقة التي تسمى (التسحيت)، وتلف بالليف للحفاظ على اللقاح من السقوط من العذق، وحفاظا من الجراد، أما الآن فلا تستخدم هذه الطرق مع النخلة للأسف.
كما أجاب على سؤالنا الآخر: ما هو المطلوب بأن تكون النخلة الاحسائية أكثر إنتاجية وجودة؟
مستهلا إجابته بمثل احسائي عامي قديم (ابعد خويتي عني وخذ حملها مني)، أي المقصود بالمثل أن تكون هناك مسافات جيدة بين النخلة والأخرى حتى تنمو وتثمر بشكل جيد، كما أوضح بأن اوقات (العمار) التسميد يجب أن يكون في وقته المناسب وبشكل متواصل والري يكون بشكل منتظم، وأن لا يكون على النخلة حمل كبير أي يجب أن تقص بعض العذوق من النخلة كأن يكون على النخلة ٨ عذوق من ١٢ عذق وهكذا، كما أشار بأن يقص من وسط العذق كمية من الشماريخ بمقدار معين حتى تكون الثمرة كبيرة ونظرة، ووافقه الرأي فيما طرح عدد من المزارعين من بينهم المزارع محمد الحجي والمزراع عبدالهادي المريحل والمزارع إبراهيم الخلف الذي يهتم بأن يكون محصول النخلة من الرطب والتمر ذو جودة عالية جدًا حتى لو كان على حساب الكمية من الإنتاج، وإنتاجه من الرطب والتمر موصوف بجودته لدى عائلته ومعارفه، والمزارعين الذين شاركوا «شاهد الآن» في الاستطلاع جميعهم يمتلكون مزارع في منطقة الأصفر بالعمران ويجتمعون فيما بينهم باستمرار.
وكما هو معروف أن ثمار شجرة النخلة الرطب والتمر. وللتمر عدة أصناف على مستوى المملكة، والتمر كما هو معروف له فوائد طبية عديدة منها أنه مكافح للإسهال والاضطرابات المعوية وعلاج لفقر الدم ويقي من مشاكل القلب. ومصدر غني بالفيتامينات والمعادن من الكالسيوم والحديد والبوتاسيوم والفسفور والمنغنيز والكبريت والنحاس والمغنيسيوم والألياف الغذائية.
ويأكل بكذا طريقة كأن يأكل مكنوز على هيئته او يحشى ببعض المكسرات أو مضافا إليه الزنجبيل و السمسم المحمص كما يأكل نثرا مضاف اليه بعض الطحينية والدبس، و يستخدم دبس التمر ومنقوعه في عدة أكلات كأن يستعمل في بعض الأكلات الشعبية مثل أكلت العصيدة والفتيت والفريقة والخبيصة و الخبز الأحمر الحساوي ويدخل التمر في صنع المعمول والبسكويتات وبعض الحلويات، كما عملت عدة أبحاث على التمر لاستخراج مادة الجلوكوز والفركتوز والسكروز منه، أما عجينة التمر فلها استخدامات كثيره كأن تضاف إلى الكعك والحلويات وغير ذلك.
ويعمل من تمر الرزيز أحد انواع التمور بالأحساء طبق تمر السفسيف المشهور، ذو النكهة الطيبة والمذاق الحلو الذي تمتاز به واحة الأحساء عن غيرها، كما يستفاد من مخلفات التمر ونواته في تعليف الحيوانات والدواجن.
وفي الوقت الحاضر يستفاد من النواة في تحضير قهوة نوى التمر، كما أن رطب النخلة من ثمار الفاكهة الصيفة المحببة، وقديمًا يعمل منه السلوق و بكميات كبيرة جدًا، حيث يصدر إلى دول الجوار والدول الأخرى كالهند وباكستان.
ومن فوائد النخلة كذلك جريدها الذي يستخدم في صنع سياج المزرعة أي سورها المسمى بالأحساء محليا (الحضار) ويصنع من الجريد (السعف) البيوت قديما والعرشان المعروفة (بالعشيش) ويصنع من اعواده سابقًا سرير الأطفال الذي يسمى (المنز) و الأقفاص التي تستخدم في المنازل قديمًا لأمور كثيرة مثل أقفاص الدجاج وغير ذلك، وأقفاص المزارعين للرطب كما يصنع منه في الماضي الخوصيات التي تصنع من الخوص المستخدمة في المنزل كالحصر جمع (حصير) وسفر الطعام والمهفات جمع (مهفة) أي المروحة التي تستخدم لتلطيف الجو أيام الحر والرطوبة، والمناخل مفردها (منخل) لنخل الرز وبعض الحبوب، كما تصنع منه الأدوات الخاصة بالمزارعين كمرحلة التمر والزبيل والمخرف ومدورة صرام التمر والمحصن والناط وفي ربط عذق النخلة عند تلقيحه برباط يمسى (الحشم) وهو جزء يقطع من الخوص طوليًا بمقدار الربع ويربط به بعض الخضروات والحشائش التي تأكل وغير ذلك.
كما تلف الفسائل والاشجار المغروسة حديثا بالسعف لحمايتها من الشمس وقوة البرد، وللسعف عدة مسميات حسب موقعها من رأس النخلة (الجمارة) أي أن السعف الذي يتوسط الرأس يسمى (قلوب) والذي يليه يمسى (خوافي) مفردها خافية، كما للخوص مسميات أيضا حسب موقعها من السعفة كالعقب مفردها (العقبة) وتكون قوية ولونها مائل للخضار الغامق أكثر من الخوص الآخر والشوك الذي يكون في أسفل السعفة حتى إرتفاع متر تقريبًا، ومن مكونات النخلة الجمارة التي تأكل عند قطع النخلة لأسباب ضرورية ويتم تجذيب الرأس لتناول الجذبة وطعمها لذيذ جدًا، كما يأكل طلع النخلة المسمى الهراة عند التخفيف من حمل النخلة لتقوية المحصول وطعمه محبب عند الكثير وعادة تقطع النخيل عند الحاجة الضرورية في دخول فصل الشتاء وبعد الصرام بفترة طويلة حتى يتخلق طلع النخلة الجديد في الجمارة لامتلاء الجمارة أكثر والحصول على الهري (الطلع).
أما ذكر النخلة (الفحال) بعد قطع حمله الذي يسمى (السف) وجمعه (سفوف) وهو لقاح النخلة، تسحب قاعدة السف من الجمارة بقوة لخروج الجزء الداخلي الذي يسمى (الجمز) ليأكل وطعمه حلو، لكن الآن لا ينصح بتجذيب النخلة ولا استخراج الجمز بسبب تواجد السوسة الحمراء التي تصيب النخلة من هذه الطرق.
ويستخدم جذعها قديمًا في صنع أسقف وأعمدة البيوت وفي تسوير المزارع وفي طبخ الولائم، وتعمل منه الجسور فوق الأنهر (الثبارة) والمصارف للعبور كما تعمل منه المجصات التي تستخدم في توزيع المياه لسقي النخيل من الأنهر سابقًا ويعمل منها كذلك أداة سقي النخيل السواني الصدر (السدر).
وقيعانها (العكر) تستخدم في صناعة الجص الذي يبنى منه بيوت الطين قديمًا، كما يعمل منها الهاون الكبير الذي تدق فيه الحبوب، واليافها تستخدم سابقًا في لفي ثمارها عند التلقيح حفاظا عليها من اسراب الجراد المنتشر في تلك الفترة بكثرة، كما تلف بإليافها بعض المحاصيل الاخرى من المزروعات، ويصنع منها كذلك الحبال وتستخدم مدعكة للجسم عند الاستحمام.
ويصنع من عذوق النخلة سابقا المكانس التي تسمى بالأحساء (العسو) لتنظيف البيوت ويصنع المزارعين كذلك من العذق رباط لربط الأشياء، الذي يسمى في الأحساء (المسير) بكسر الميم وكسر السين وسكون الراء، وتربط به فسائل النخيل عند قلعها وإثناء زراعتها، كما يربط به علف الحيوانات كالبرسيم وبعض الحشائش، وتصنع منه لعبة (القرقعانة) التي يلعب بها الأطفال في الأعياد والمناسبات قديمًا، وأيضا يستخرج من أغلفة طلع النخلة ماء اللقاح المفيد صحيًا وذو الرائحة الزكية عند إستخدامه مع بعض المشروبات، وقيل قديمًا النخلة كلها خير وبركة إذ لا يرمى منها شيء، حتى شوكها ومخلفاتها يستفاد منها في تسميد النخلة عند حرقها في الكومة التي تسمى بالأحساء (طلينة) ويستفاد منها كذلك في طهي الطعام.





