الكتابة هي إحدى متطلبات الانسان للتعبير عن رأي أو وجهة نظر أو تفريغ المكبوتات والتحدث عن تجارب حياتية أو أي موضوع مما يخطر في بالك قابل للنقاش أو طرحه على الرأي العام، ولهذه الأسباب قررت أن أكون كاتب رأي وأن اتبنى بعض القضايا التي تهم الناس، ولكن ما وجدته من بعض الأشخاص الذين يتربعون على عرش المسؤولية يظن أن رأيك انتقاد لشخصه أو لإدارته أو حتى تبني رأي يختلف عن رأيه فيعتقد أنك ضده ، فكاتب الرأي لا يعني بإمكانه فرض رأي على الآخرين ولكن يجب أن يكون هناك شواهد وأدلة على وجهة نظره لكي يقنع الشخص الذي أمامه ومن المستبعد أن يكون كل ما يقوله يرضى عنه الجميع، ففي بعض الأحيان قد يقول ما يثير غضبهم لكنه يجد نفسه مضطرا لقوله حتى وإن أصبح مكروهاً طالما ما يكتبه يصب في ميزان المصلحة العامة، وجميعنا نملك آراء ومواقف يصعب إخفاؤها وقد يكون هناك اختلاف بوجهات النظر ولكن من طبيعة البشر تبني الآراء وتشكيل المواقف فجب أن نسلم بوجود آلاف الآراء المتقاطعة واستحالة اتفاق الجميع على رأي واحـد.
في الدول التي يوجد بها انتخابات قد تـفوز الأحزاب الحاكمة بنسبة 51% من الأصوات ومع هذا لا يخرج 49% على سلطة القانون والدولة رغم أنهم يمثلون نصف الشعب تقريبا… وهناك رؤساء فازوا بنسبة ضئيلة ومع هذا لم يرفضوا رأي الأغلبية، بينما نرى من يفجر بنفسه لمجرد أن أحدا لم يتفق مع رأيه الشخصي، ولو حاول كل إنسان فرض آرائه وقناعاته الخاصة سيدخل المجتمع بحالة تفكك وفوضى غير أخلاقية لهذا السبب تلتزم المجتمعات المدنية الحديثة برأي الأغلبية.
عزيزي القارئ: اختلاف الآراء ظاهرة إنسانية قبلها الرسول صلى الله عليه وسلم مع صحابته الكرام في مناسبات كثيرة، وقبلها بعده عمر بن الخطاب وقال “لا خير فيكم إن لم تقولوها و لا خير فينا إن لم نسمعها” وزيد بن ثابت حين بعث إليه ابن العباس برسالة -حول مسألة في الميراث -جاء فيها: أين تجد في كتاب الله أن للأم ثلث ما تبقى؟ فرد عليه زيد دون تقريع أو حتى محاولة إثبات: إنما أنت رجل تقول برأيك وأنا رجل أقول برأيي”. أتمنى فعلا أن الاختلاف في الرأي ألا يفسد للود قضية، والطرح الموضوعي والمنطقي في خدمة قضايا المجتمع أمر لا مناص منه “فرأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب” ولكننا نحتاج إلى تعلّم ثقافة الاختلاف لا الخلاف، فليس كل ما يُعجبك بالضرورة سيُعجب الآخرين، وليس كل ما تؤمن به من أفكار ومعتقدات بالضرورة يكون له لدى الآخرين نفس الاعتقاد والإيمان أو له نفس الدرجة من التأثير والأهمية، فكتابة رأيك وتمازج الأفكار وتواصل العقول وتقاربها هي الوسيلة الأمثل للارتقاء لما هو أفضل وأسمى.
ak.alzebdah@gmail.com