تسابق 8 من الشعراء على مدار ثلاث ليالي، بنثر القوافي داخل باحة قصر إبراهيم الأثري، بين جدران الطين، ومعالم تاريخ الأحساء القديمة، في برنامج أطلقه مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي “إثراء” تحت عنوان “ليالي الشعر” ضمن فعاليات موسم الشرقية 2019 “الشرقية ثقافة وطاقة”.
وسط تناغم جميل جمع الشعر وأنغام المقطوعات الموسيقية، ليؤكد البرنامج القدرة على إعادة جمهور الشعر إلى الواجهة العريضة في الأحساء، في حضور لافت من الجنسين.
تسابق ابداعي سطرته قصائد الحب
في الليلة الأولى من برنامج “ليالي الشعر” بان في إطارها العام، قصائد مُلأت بالحب والمشاعر الجياشة، كما كانت للقائد الوطنية نصيب منها، حيث قدم الشاعر السعودي خالد المريخي والشاعرة الكويتية بشاير الشيباني، حزمة من القصائد التي امتازت برشاقة المفردات وسط عمق المعاني وسمو الكلمات، في حين أظهرت تلك القصائد امتلاكها لقوة سبك المفردات الشعرية، بأسلوب المميز، تعايش معه الحضور بمشاعر بانت في تفاعلهم الجميل مع كل قصيدة.
دموع تسابق القوافي في الليلة الثانية
في حين حل في الليلة الثانية الشاعر علي عسيري، والذي بدى مرتبكاً في الوهلة الأولى حين صعوده منصة الأمسية، على الرغم من قامته الشعرية الواسعة على الساحة، وظهوره الإعلامي والجماهيري، وقبل البدء بقصائده، سكت وهلة، واعترف للحضور بقوله: “أبدو مرتبكاً هنا، لعل جمهور الأحساء المليء بالثقافة والأدب وكرمهم الكبير، وراء ارتباكي”.
وقدم عسيري خلال فقرته العديد من قصائده الشهيرة المغناة، والتي افتتحها بـقوله: “مثل جمره بكفي نارها وقد..مثل جرح لبس فيني ثياب جداد”، بعدها توالت قصائده “باقي تسأل شلي فيني” و “لا تسافر”، وغيرها الكثير من قصائده التي أظهره قوة رسوماته الشعرية، وخياله الواسع الجميل، والتي اتضحت من خلال دقة تصويره ومجازاته الشعرية.
بعد ذلك، صعدت الشاعرة البحرينية “فتحية عجلان” منصت الأمسية التي ضج القصر دوياً من حرارة ترحيب الحضور بها، لترد عليهم بأسلوبها البسيط والمميز مرحبة بهم بقصيدة مدحت فيها الأحساء وأهلها بقصيدة “أيه يالحسا”، وفجأة تعالى صوت الجمهور مطالبا بقصيدتها الشهيهرة ” تصور لو خلت هالديره من عينك ولا تعود” لتلقي بعدها حزمة من القصائد كان منها قصبد “يمه.. وحشتيني، كأن الدنيا من دونك نظر عيني.. ولا تسوى”.
وفي لحظة وأثناء إلقائها قصيدة “افتخر إني فقير” لم تستطع الشاعر فتحية تمالك نفسها وإكمال القصيدة، إذ بكت وهي تلقي الأبيات، وسط تفاعل الحضور مع هذه اللحظة المؤثرة.
وأكمل مسيرة الدموع والتأثير، حين أعتلى الفارس الثالث من أمسية الليلة الثانية، الشاعر “مسفر الدوسري” ليلقي قصيدة وطنية تأثر فيها عندما حكى عن أعمال العنف والإرهاب.
وأكمل مسيرته في الأميرة بتوالي قصائده منها: “الليلة غن.. الليلة جاء حزنك على ما تشتهي” وقصيدة “مالي مكان بغرفتك ولو صغير”.
ورغم الهدوء والمشاعر التي سيطرت على الليلة الثانية من برنامج “ليالي الشعر” إلا أن مجمل القصائد جالت وسط حراك مجازي جميل، مليء بالمشاهد والصور، استطاع الشعراء الإمساك بزمام الصورة الفنية والخيال الشعري والكلمات العذبة في جميع قصائدهم.
قصائد وطنية تتسيد الأمسية
ارتسمت الليلة الثالثة والأخيرة من برنامج “ليالي الشعر” بالقصائد الوطنية والتي رافقها عدد من قصائد الغزال والحزن، فتغنى الشاعر “سليمان المانع” بالعلم السعودي في افتتاحية امسيته، لتتوالى قصائد التي امتازت بجزالة المفردات وابتكار المعنى في تصوير بليغ لحالة الشاعر.
في حين حل الشاعر العماني “خميس المقيميي” على منصة الأمسية، ليلقي عدد من قصائده التي لاقت استحسان الحضور، وتله الشاعر الإماراتي “ذياب المزروعي” الذي أشعل المسرح بقصائد الحرب والوطن، حين أبدع في شعره عن السعودية والإمارات ووقوفهما في وجه العدو في عاصفة الحزم، وتغنّى في الملك سلمان وولي العهد وفي الشيخ الزايد والأمير محمد بن زايد.
وفي ذلك، صاحبت الأمسيات التي قدمها الإعلامي بدر الخليوي، وصلات غنائية لفرقة رنيم، أدت مقطوعات موسيقية وبعض الأغاني الشهيرة عن فناني الأحساء الشعبيين، مضيفة لوناً من الأجواء الهادئة، والفواصل الجميلة التي تخللت ضيوف “ليالي الشعر”.