بحضور وكيل محافظة الأحساء الأستاذ معاذ بن إبراهيم الجعفري والسفير مصطفى بن إبراهيم آل الشيخ مبارك ومدير عام فرع الخارجية في المنطقة الشرقية الأستاذ عبدالله الحربي أقيمت ليلة جديدة من ليالي نادي الأحساء الأدبي لترسيخ مفهوم المواطنة والتأكيد على مبادرته التي دشنها صاحب السمو الملكي أمير الشرقية بعنوان (أدبي الأحساء .. الوطن أولا ) من خلال لقاء يجمع بين السيرة الذاتية ومحبة الوطن لواحد من الأسماء اللامعة في السياسة الخارجية للملكة العربية السعودية هو معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية سابقا الدكتور نزار بن عبيد مدني في أمسية قدمها رئيس فرع هيئة الصحفيين بالأحساء الأستاذ عادل بن سعد الذكرالله الذي رحب بضيف الأحساء وذكر جزءا من سيرته الذاتية وتدرجه في مناصب وزارة الخارجية حتى وصوله إلى منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية منوها أن ساعة واحدة لا تكفي وذاكرا لبعض مقولات الضيف عن طيبة الطيبة حيث المولد والنشأة ثم انتقل الحديث إلى الضيف الذي أعرب عن سعادته بتواجده في الأحساء بلد الثقافة والأدب والتي تشهد إنجازات لا تحصى، ثم توجه بالشكر إلى سعادة رئيس نادي الأحساء الأدبي الدكتور ظافر بن عبدالله الشهري ومنسوبي النادي الذين منحوه حرية اختيار موضوع المحاضرة فوقع في حيرة أن يتحدث عن السياسة وهي ليست من اهتمامات رواد النادي وغير مرغوب فيها والخيار الثاني هو الجمع بين الأدب والدبلوماسية لوجود مجموعة من السفراء الشعراء منهم عمر أبوريشة ونزار قباني وإبراهيم العريض والدكتور غازي القصيبي والشيخ أحمد بن علي المبارك والدكتور عبدالعزيز خوجة ولكنه اكتشف أن الكاتب إبراهيم الألمعي أصدر كتابا عن الشعراء السفراء، وكان الخيار الثالث في موضوع السيرة واختيار العنوان (من وحي سيرتي الذاتية.. دروس وعبر) خاصة أن مدني أصدر كتابا في السيرة يسمى ( دبلوماسي من طيبة) ، وأضاف الدكتور نزار أنه سيركز على جانبين هما اتخاذ القرار وبعض الدروس والعبر التي مرت عليه في حياته، وفي اتخاذ القرار تساءل مدني عن الأسلوب الأمثل لاتخاذ القرارات المصيرية وكيفية اتخاذها وأنه أصبحت لديه نظرية في كيفية اتخاذ القرار تقوم على التوازن الذي يعد من سمات الكون والتوازن لا يتوقف على المحسوسات ولكن ينسحب على الإنسان الذي يتوقف نجاحه على التوافق وارتداء الثوب المناسب له وأن الفشل يحدث نتيجة لاختلال التوازن وما يقال عن الأفراد يقال عن المجتمعات والدول، ثم تطرق للحديث عن تقسيم شخصية الإنسان إلى شخصية عميقة مستترة لا يعرفها أحد وشخصية ظاهرية يعرفها الناس، وفي كل منا مستودع من الأسرار قد يفصح عن بعضه وليس كل ما يفصح عنه حقيقي والوحيد الذي يعرف ذلك هو الشخص الآخر في داخلك، وهذه الشخصية الخفية تبدو في أحاديثنا حين نقول بتأنيب الضمير أو الصراع مع النفس والتحدي الحقيقي في صراع الشخصية الظاهرة مع الخفية والسعادة الحقيقية هي أن تفعل ماتريد أنت أن تفعله؛ واتخاذ القرار بشكل سليم يكون من توافق الشخصية الخفية مع الشخصية الظاهرة وهنا يحدث التوازن ولا نغفل عن طبيعة الحياة وما تقتضيه من مجاملات لكنها لا تصل إلى النفاق والكذب والخداع واعترف مدني أن جميع قراراته كانت تقوم على التوازن، ثم انتقل إلى أهم الدروس والعبر في سيرته وأولها الهدوء وعدم الانزعاج ثم الرضا بما قسم الله ودلل على ذلك من تجربته الشخصية في حياته حين حصل على التوجيهية ( الثانوية العامة) القسم الأدبي وكان ترتيبه الأول على المملكة وكان من طموحاته الدراسة بالخارج لكن وزارة المعارف ألغت البعثات للقسم الأدبي في هذا العام فقام والده بالتقديم له في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة فتقبل الأمر على مضض وجاءته بعد فترة مكالمة من مكتب الملحق الثقافي تبلغه باختياره ضمن 6 طلاب لدراسة الاقتصاد والعلوم السياسية بالخارج فطار فرحا ولكن الفرحة لم تكتمل لأن اتصالا آخر جاء يبلغه برفع اسمه ولم يعرف حتى الآن السبب لكنه أيقن أنه كان محظوظا لأن البعثة فشلت وعاد بعض الطلاب وبعضهم حول إلى أماكن أخرى وبينما التحق بعمله كان زملاؤه مازالوا في الدراسة وهذه الحادثة – كما يقول مدني- علمتني ألا أنزعج إن تأخرت عن رحلة أو تعطلت سيارة ما دمت أضع ثقتي في الله وأحسن النية فما أظنه ضررا أجد فيه الخير الكثير، والدرس الثاني هو عدم التسرع لأن صعود الجبل أشق من النزول لكنه ممتع، وذكر حكمة العربي لولده في أن يعيش حياة سعيدة بأن يتعب نفسه حتى يشعر بجمال الأشياء والدرس الثالث هو أن رقي المجتمع لا يقاس بالماديات ولكن بسيادة القيم الإنسانية فالأخلاق هي حجر الزاوية والثروة البشرية هي أغلى ما تملكه الأمم، ثم يذكر مدني حادثة تركت فيه أثرا كبيرا في بداية عمله حين انتقل إلى سفارة المملكة في واشنطن ووقوعه بين القيام بواجبه نحو بلده ومكابدته مع أحاسيسه من خلال قصة استشهاد الملك فيصل التي توافقت مع وجود والده لإجراء جراحة مهمة في واشنطن وكان ضعيف الخبرة فوقع بين واجبه العاطفي وواجبه الوطني في حادث نادر الوقوع عانى بشدة ولم يجد للراحة سبيلا إلى أن أزيل الهم وعادت الأمور إلى مجاريها ليخرج بدرس مهم هو أن الله لا يمكن أن يخذل عبدا حسنت نواياه.
وفي نهاية اللقاء تداخل الحضور وقدم الذكرالله شكره للضيف الذي وعد بتكرار الزيارة للأحساء ثم قام رئيس النادي الدكتور ظافر الشهري بتكريم الضيف في حضور وكيل محافظة الأحساء معاذ الجعفري و السفير مصطفى آل الشيخ مبارك ومدير عام فرع الخارجية في المنطقة الشرقية الأستاذ عبدالله الحربي وتم التقاط الصور التذكارية مع الحضور.