لقد غمرني المُحبُّون في أعقاب تعييني سفيراً للمنظمة الدولية للعدالة والسلام بفيض مشاعرهم وأحاطوني بصادق عواطفهم وأخجلوني بنبل أخلاقهم وشملوني بكريم فضلهم ولم يكتفوا بالمباركة والتهنئة والدعاء النابع من قلوبهم بل تنافسوا في الرغبة بتكريمي بمحافل اعتذرت عنها بإصرار ولكنهم أصروا عليها بإلحاح تقديراً منهم لهذا التكليف المشرِّف الذي أرجو أن يكون قدري في نشر مفاهيم السلام والإنسانية المنبثقة من روح الإسلام من خلال ما يوفقني الله له من الأعمال والأفعال والأقوال.
والحقيقة أن كل مسلمٍ سفير لدين الإسلام ومفاهيمه وقيمه وأخلاقه وآدابه وسفير لأمته ولوطنه ومجتمعه وهو صورة مصغَّرة لثقافة أمته وهويتها الحضارية بما يتعامل به من تعاملٍ أخلاقي مع الآخرين أيَّاً كانت معتقداتهم ونحلهم ومللهم وثقافاتهم وتوجهاتهم الفكرية فكم أناسٍ اعتنقوا الإسلام بمحبةٍ واقتناعٍ بفضل تعاملٍ إسلاميٍ معهم دون الحاجة لمحاضراتٍ أو مناظراتٍ أو مواعظ ومقالات فما أحوجنا لنشر الإنسانية بالمفهوم الإسلامي بين البشر في كل مكان لنُعرِّف الإنسان أينما كان بالحب الحقيقي والصدق والأمانة والوفاء والعدالة والمساواة والشورى والمسالمة والسلام والتعايش والتسامح وغيرها من القيم العليا التي ينادي بها ديننا العظيم لا من خلال المنابر وإنما من خلال التعامل المباشر .
وإن من محاسن الاختيار والتوفيق من رب العزة والجلال انضمامي لتلك المنظمة الإنسانية التطوعية التي تتكامل في رؤيتها مع المنظمات الإنسانية والخيرية في العالم لنشر الخير والمحبة والعدالة والسلام والتعايش الاجتماعي والتسامح الفكري من أجل عالمٍ يتمتع فيه الناس بحياةٍ كريمةٍ وفقاً لمعايير ومبادئ ومواثيق حقوق الإنسان الدولية وتعزيز مبادئ حقوق الإنسان في العالم العربي بما يتضمنه التراث الإسلامي من قيمٍ وما نصَّت عليه الدساتير العربية من حقوق وما أكدته المواثيق والمعاهدات الدولية من مبادئ. وتهدف هذه المنظمة العالمية إلى طرح برامج إنسانيةٍ لخدمة المجتمعات العربية ونشر ثقافة حقوق الإنسان التعليمية والثقافية وتفعيل باب التطوع والمشاركة العامة والتفاعلية للشبان العرب في الأعمال الإنسانية والقومية والعمل على بناء مجتمعٍ تزدهر فيه حقوق الأطفال بالرفاهية وكذلك العمل على احترام وصيانة حقوق المرأة ونبذ سياسة العنف ضدها في المجتمعات العربية والمساهمة في تطوير دور الإعلام في نشر ثقافة حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير وطرح وتبني مشروعاتٍ قوميةٍ تساهم في تنمية المجتمع وتحقيق متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة وتفعيل دورهم البنَّاء في المجتمعات العربية.
ومنظمة العدالة والسلام منظمة دولية مستقلة غير سياسيةٍ ولا ربحية مقرها أوسلو عاصمة مملكة النرويج ورسالتها نحو مجتمعٍ عالميٍ يحترم الاتفاقيات الدولية وخالٍ من انتهاكات حقوق الإنسان وتعمل على تطبيق مبادئ هيئة الأمم المتحدة وفق ثلاثة برامج أساسية وهي برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان والسلام والتعايش وبرنامج دعم قدرات العاملين في الحقل الإنساني وبرنامج مناصرة حقوق المرأة والطفل وقد شاركت في الكثير من الفعاليات التي تعزز تلك الجوانب.
وهذا التكليف الشرفي الذي قلدتني إياه المنظمة ما هو إلا ثقة وأمانة ومسئولية حملتني إياها راجياً الله أن يعينني على أدائها وأن أكون سفيراً لوطني ولديني ولأمتي الإسلامية بالأخلاق والمبادئ والقيم التي ربَّاني عليها ديني الإسلامي ومن هذا المنبر أهدي هذا التتويج إلى مليكي المفدى خادم الحرمين الشريفين يرعاه الله وقيادته الرشيدة كما أهديه لبلدي الذي طوَّق عنقي بأفضاله التي لا أستطيع ردَّها ما حييت ولا أنسى موطني الأحساء الذي شَرُفت أن أكون منه وإليه وبياني يقصر في الثناء عليه وكانت كتاباتي عنه خلال ٣٠ عاماً سبباً من الاسباب الرئيسية في اختياري سفيراً للنوايا الحسنة في هذه المنظمة الحسنة.