لك أن تتخيل كم التعاميم التي يستقبلها بريد المدرسة خلال العام الدراسي الواحد إذا كان متوسط إرسال رسائل البريد ثلاثة وأربعين رسالة بريدية في الأسبوع، وعلى قائدها الرد على معظم التعاميم، فيتوجب عليه أن يترك متابعة سير اليوم الدراسي ويتفرغ للرد عليها؛ وإلا سوف يواجه بمساءلة أو لفت نظر إذا لم يرد في الوقت المحدد وغالباً يكون يومًا أو يومين، ويبدو أن بعض مدراء الإدارات يحلمون بالبرامج والمشاريع ليلاً وأول الصباح يسارعون في إصدار التعاميم، وبعضهم لا يتعوذون من الشيطان الرجيم قبل نومهم، فهم عادةً يرسلون ما يشغل القائد والمعلم عن عمله الأساسي لمحور العملية التعليمية وهو الطالب بتعاميم وتعبئة استمارات أو روابط استبيانات لطلاب الجامعة وباحثي ماجستير ودكتوراه خارج التعليم وعلى المعلم والقائد المشاركة في تعبئتها!.
وقد يتم تبرير كثرة تلك التعاميم بسبب البرامج والمشاركات والمسابقات والبرامج التدريبية غير المجدولة من بداية العام، ولكن أن يصبح ذلك النوع من المخاطبات ديدنًا لإدارتنا حتى في قراراتها الاستراتيجية فذلك لا يدل إلا على ضعف مسؤولي تلك الإدارات، فقد أثقلت هذا العام كاهل التعليم والمدارس والطلاب وحتى أولياء الأمور ببرامجها ومشاريعها التي تظهر فجأة أثناء العام الدراسي، وكأن هناك سباقا محموما لمدراءها وحتى رؤساء الأقسام لفرض الوجود و «الترزز» وحب الظهور، فهنا لا يقف حال تلك الإدارة عند «كيف» مسؤوليها وأفكارهم دون إشراك المتخصصين وقادة المدارس بنين وبنات وأهل الدراية والتجربة والخبرة، في كل البرامج والوقت المناسب لتنفيذها، فمن حق الميدان التعليمي وكذلك ولي الأمر أن يسأل قادة تلك الإدارات عن خططهم وبالتفصيل الممل، والتقليل من تلك التعاميم وعدم ضخها في الميدان إلا بعد دراستها وتضمينها في خطة الإدارة المتوازية مع استراتيجية الوزارة.
وللحد من تلك التعاميم وازدواجيتها وتناقضها، وضْعُ صادر واحد هو المسؤول عن عدد رسائل البريد التي تصل للمدارس يومياً، لأنه بالوضع الحالي كل إدارة وقسم يصدر تعاميم للمدارس وتصل أحياناً في اليوم الواحد إلى 20 تعميمًا والكثير منها يطلب من المعلم التوقيع عليه بالعلم، فيكون هناك هدر للوقت على حساب اليوم الدراسي، ومن الحلول أيضاً وضع بريد لكل معلم بالمدرسة ويتم إرسال التعاميم التي تخصه للاطلاع عليه سواء في المدرسة أو في بيته وتنفيذ المطلوب منه، دون إرسال جميع التعاميم له وقراءتها، وقد يكون ذلك أثناء الحصة فيضطر للتوقيع عليها بشكل سريع دون النظر فيها، لعدم اختيار الوقت المناسب للاطلاع، أو يكون فيها رغبة بالمشاركة أو الرد فلا ينتبه، لذا فإن كثرة التعاميم هدر لوقت قائد المدرسة على حساب المعلم والطلاب لانشغاله طوال اليوم بقراءة كل تعميم والرد عليه والتوقيع بالعلم وإنهاك ميزانية المدرسة بالورق والطباعة، وملفات للأرشفة.
ak.alzebdah@gmail.com