للأسف نجد الكثير من الناس في مجتمعنا يتساهلون في موضوع كتابة وتوثيق العقود، وذلك لاعتبارات مثل القرابة أو الصداقة، وأن الثقة موجودة ولا داعي للتوثيق، والذي قد ينجم عنه ضياع الحقوق بسبب النسيان أو نكران الحق لضعف النفس وطمعها، أو الاختلاف على بعض الجزئيات في الاتفاق، مما يؤدي إلى وجود المشاكل والمنازعات بين الأطراف، وزيادة القضايا المرفوعة أمام المحاكم، وما يترتب عليه من تفكك اجتماعي وأسري، الأمر الذي يدل على أهمية توثيق العقود بين المتعاملين.
وقد حثت الشريعة الإسلامية على كتابة العقود، وبينت أهمية توثيقها حفظاً لحقوق المتعاقدين، فقال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا..} (البقرة: 282).
كما يجب ألا يقتصر التوثيق على المعاملات ذات المبالغ الكبيرة فقط، بل يشمل جميع المعاملات أياً كان مقدارها، فقال تعالى: {..وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّه..} (البقرة: 282).
فالتوثيق يبين حقوق وواجبات كل طرف، ويحافظ علىاستقرار المعاملات، ويعزز الثقة ويمنح الطمأنينة بين المتعاقدين، وأيضاً يمنع أصحاب النفوس الضعيفة من الاعتداء على حقوق الناس، استغلالاً لثقتهم وحسن ظنهم.
إن مع تطاول الزمان قد يشتبه على المتعاملين أو ورثتهممقدار الدين أو بعض شروط الاتفاق، فيكون التوثيق مثبتاً للحقوق ودافعاً للشك والارتياب بين المتعاملين.
من الأمور التي ينبغي مراعاتها عند كتابة العقد، الدقة في التفاصيل، فيذكر مقدار الثمن وأجل الوفاء وطريقة الأداء، كذلك التأكد من السلامة اللغوية، وتجنب العبارات المبهمة، مع الحرص على قراءة العقد أكثر من مرة وبتمعن، أو حتى عرضه على محامي أو مستشار قانوني قبل توقيعه.