بعد الإعلان وبدء تطبيق رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني، الذي تضمن تفعيل دور المملكة الإقليمي والعالمي كقطب وممر تجاري استراتيجي؛ وذلك ضمن الجهود التي تقوم بها المملكة لتحقيق اقتصاد مثمر قائم على التنوع وتسخير إمكانيات المملكة الاقتصادية والتجارية في عملية التنمية الشاملة، يأتي ميناء الملك عبدالله كأول ميناء في المملكة والمنطقة يمتلكه ويطوره القطاع الخاص كلاعب هام وحيوي في إطار تلك الجهود.
يرى الخبراء والاقتصاديون أن الدور بالغ الأهمية الذي من المتوقع أن يلعبه الميناء يتفق مع رؤية 2030 التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، وخصوصاً في ظل تواجد المملكة كلاعب هام ومحوري في المشهد الاقتصادي الدولي ضمن مجموعة العشرين العالمية، التي تضم تسع عشرة دولة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي. ويتمثل دور الميناء في تعزيز القدرات التجارية للمملكة باعتباره بوابة للتصدير ومنفذ رئيسي للوصول إلى أسواق جديدة وتنشيط حركة التبادل التجاري بين المملكة والأسواق العالمية، ناهيك عن أهمية الميناء في تفعيل قطاع الشحن البحري واستعادة حصة المملكة من حركة الواردات إلى الموانئ السعودية بدلاً عن استخدام موانئ أخرى في المنطقة.
وفي هذا الإطار يوضح المهندس عبدالله بن محمد حميد الدين، العضو المنتدب لشركة تطوير الموانئ: «يتميز ميناء الملك عبدالله عن غيره من موانئ المنطقة بالعديد من الأوجه، وأولها موقعه الاستراتيجي، حيث أن 20% إلى 25% من حركة التجارة العالمية غير النفطية تمر عبر البحر الأحمر، وكدليل على ذلك فقد تم نقل 730 مليون طن تقريباً على أكثر من 11,000 سفينة عبر قناة السويس. ومن هذا المنطلق فإن الموقع الاستراتيجي لميناء الملك عبدالله على البحر الأحمر سيجعل منه منفذ الوصول الرئيسي للسلع المتجهة إلى المملكة العربية السعودية والأسواق الجديدة في الدول المجاورة، وسيجعل منه لاعبًا رئيسيًا في صناعة المسافنة أو ما يعرف بالـtransshipment إلى موانئ الشرق الأوسط وغيرها».
وفي تعليقه على أهمية دور الميناء وانسجامه مع رؤية 2030، يضيف المهندس حميد الدين: «يقدم ميناء الملك عبدالله خدماته لمنطقة تتميز بمعدل نمو سريع في عدد السكان، ويصحب ذلك النمو ارتفاع الاستهلاك المباشر لكافة أنواع السلع، كما أنه يدعم حركة التصدير نظرًا لقربه من مراكز الصناعات في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية والمتمثلة بالوادي الصناعي ومدينة رابغ حيث تتواجد شركة بترو رابغ ومدن ينبع وجدة والمدينة المنورة، وأن العديد من الصناعات تبحث عن فرص لربطها بالأسواق الخارجية، مما يجعل من ميناء الملك عبدالله إضافة بالغة الأهمية للمملكة والمنطقة بأكملها ».
وإلى جانب موقعه الاستراتيجي، يتميز ميناء الملك عبدالله بتطبيقه لأحدث التقنيات في تشغيل الموانئ، ومن بينها نظام البوابات الذكية الذي بدأ تشغيله مع بداية من الربع الرابع من عام 2016، إضافةً إلى نظام إدارة الميناء وهو منصة إلكترونية تجمع أصحاب المصلحة بحسب احتياجاتهم لتنفيذ مختلف العمليات أو الاطلاع عليها. ويستفيد الميناء من شبكة النقل الحديثة والمتطورة التي يتمتع بها، وهي شبكة مصممة لإنجاز كافة عمليات التحميل والنقل للبضائع بشكل سريع وفعال، كما أن قربه من الطرق السريعة بالمملكة يسهل نقل البضائع بطريقة سلسة بما يسهم في توفير الجهد والوقت. ومن المؤكد أن تلك المميزات إلى جانب التجهيزات الحديثة والأرصفة الطويلة والعميقة (١٨ متراً) ستسهم في تفعيل دور الميناء في تعزيز مسيرة الاقتصاد السعودي ودفع عجلة النمو من خلال الإسهام في تنشيط الأعمال التجارية.
وهناك تعاون كبير بين ميناء الملك عبدالله وكافة الجهات الحكومية الداعمة، من وزارات وأجهزة أمنية وهيئات، وأسهمت تلك الجهود في نجاحات ميناء الملك عبدالله وتحقيقه مستويات تشغيل عالية، وذلك لأن التعاون بين أجهزة الدولة والقطاع الخاص يمثل حجر الزاوية في نجاح الجهود الرامية إلى تنويع الاستثمارات وتمكين الاقتصاد الوطني. وتقوم علاقة الميناء مع تلك الجهات على أساس تكاملي هدفه تحقيق المصلحة العامة، كما تلعب هيئة المدن الاقتصادية دوراً حيوياً واستراتيجياً في دعم وتسهيل تشغيل الميناء للمساهمة في جذب الأعمال إلى هذا القطب التجاري الذي يكتمل دوره بوجود مدينة الملك عبدالله الاقتصادية والوادي الصناعي داخل المدينة كمنظومة متكاملة. وتربط الميناء بالمؤسسة العامة للموانئ علاقة مثمرة فهناك مبادرات تعاون مستمرة بين الطرفين؛ وذلك للمزيد من التكامل مع منظومة الموانئ السعودية للعمل جنباً إلى جنب لمواجهة الطلب المتزايد لنشاط الاستيراد والتصدير، وتوفير الاحتياجات اللازمة لبناء المشاريع الحيوية الكبرى في المملكة، وتعزيز النشاط التجاري.
وقد حقق ميناء الملك عبدالله العديد من الإنجازات خلال فترة قصيرة نسبياً، ففي الجانب التشغيلي تم افتتاح الرصيف الرابع في مايو 2015 حسب الخطط الموضوعة لترتفع الطاقة الاستيعابية للميناء إلى حوالي ثلاثة ملايين حاوية. وقد تم إنشاء وتشغيل هذا الرصيف خلال فترة قياسية وتجهيزه بأحدث الرافعات التي تصل حمولتها إلى 65 طن وقدرة وصول إلى 25 حاوية. وكان لافتتاح الرصيف الرابع أثره الكبير في ارتفاع عدد الحاويات القياسية التي تمكن الميناء من مناولتها خلال عام 2015، حيث نجح في مناولة 1.3 مليون حاوية قياسية من تشغيل ثلاثة أرصفة من بداية العام وأربعة أرصفة ابتداءً من شهر مايو حتى نهاية العام، كما أن الجهود المتواصلة ساهمت برفع الطاقة الإنتاجية لعام 2016 بحوالي 8% لتصل الى 1.4 مليون حاوية قياسية.
وشهد عام 2015 توقيع اتفاقية مع NYK إحدى أكبر شركات شحن السيارات في العالم، لتشغيل أنشطة الدحرجة (السيارات). ومن المتوقع افتتاح أول الأرصفة الخاصة بها بنهاية العام الحالي والرصيف الثاني بنهاية عام 2017، بطاقة إجمالية تصل إلى 600 ألف وحدة (سيارة) في السنة.
كما أن نهاية سنة 2016 شهدت الانتهاء من كافة أعمال البنية التحتية للرصيفين الخامس والسادس مما سيساهم برفع الطاقة الاستيعابية إلى 4 ملايين حاوية قياسية سنوياً.