في أحد المرات التي كنت أجلس بجواره رحمه الله تعالى والمسلمين ، قال لي كلمة تلمع في ذهني إلى الآن ؛ أن الأخلاق الحميدة والصفات الجميلة هي التي ترفع شأن الإنسان كالاحترام والتقدير والتوقير ولين الجانب وصلة ذوي الرحم وغيرها ، ولن تجد طعم للحياة بدونها ، فالإنسان بأخلاقه أولاً .
كم هي المرات التي كان يوصينا جميعا بها ، ويشدد على التحلي والتمسك بها ، لازالت أفخر بمجالسته ، لازالت كلماته تعطر ذاكرتي ، لازالت أحمد الله على ذلك وبجليل أبوته لنا ، كان أب ، وصديق وأخ وكل شيء .
كنت أستغرب منه وقدرته العالية بفهمه لكل أمورنا ومشاعرنا ويحتوينا ، ويضمنا ويعبر بصدق عن كل ما في خواطرنا حتى ولو لم نتفوه بها ، كان يعرف أسماء صديقاتنا ، وشيء كثير من أحوالهن ، ويوصينا بهن ،وبالاتصال والهديه لهن لأنه يعظم حق الصديق والأخ والرفيق .
في الجلسات العفوية معه ، كان يتحدث عن مخاطر تعرض له في حياته ، وكيف الله حفظه من خطر يحدق به ، وإصراره للوصول مهما كانت قساوة الحياة حوله ، لأنه يعلم يقيناً بالله أن مع العسر يسرا ، وبعد الكرب أفراح ممتدة .
معظم البيوت اليوم ،تفتقد صداقة الوالدين ، وجلسات الود ، بل أن الأحاديث العفوية بدأت تقل كثيرا، وبدأ الأبناء للأسف أحيانا الانسحاب للجلسة مع الصديق أو الصديقة ، والاعتداد برأيهم القاصر وقلة خبرتهم بالحياة ، والأدهى كيف بدأت العشوائية تظهر معالمها و مخالبها في حياتهم ، لأن المصدرالثري في التوجيه والنصح قد تم الاستغناء عنه بشكل تدريجي عن حياتهم .
من الأهمية بمكان أن تعود حياتنا من جديد ، للالتفاف حول مائدة واحدة ، للحديث العفوي ، والتحفيز ، وتلقي تعليمات الوالدين ، وسماع الأبناء لها ، ودعواتهم القلبية ، والاعتداد بذاك الحديث القلبي المنشأ ، لأنها ببساطة بوصلة للحياة الكبيرة .
بعض الكتاب المعاصرين يسمي حديث المائدة الواحد وترابط الأسرة والتفافهم بالجامعة الصغرى ، لأن الكل يشجع الكل للحديث حول كتاب جديد ، ومعلومة جديدة ، وتنبيه جديد ، وتشجيع جماعي وتحفيز للمنجزات وإن صغرت ، وتعبير صادق ودقيق للحب بيننا .
حديث المائدة ، نسيج من الحب له مذاق خاص ، يقوي الروابط ، ويجعلها ضمن سياج بشري موحد ، نتفقد أحوالنا ، ونعرف عن بعضنا أكثر وميولنا ومواهبنا، وقبل كل شيء نفخر ببعض ، ونتلقى من بعض كلمات تصنع مستقبلنا .
كما هو حديث المائدة آسر بحق ، تعلمته منه كثيرا ، من المبارك أبي ومن النيرة أمي وسيدتي عليهما من الله شآبيب من الرحمة لا تنقطع أبدا ، وأخواتي الدرر الجمان.. اللهم أحفظهن ، وأحفظ لهن ذريتاهن .
من اليوم تعاهد نفسك أن لا تفقد طعم الاتصال الأبوي الرائع مع الوالدين ، وتلذذ بكلمات الحب منهم ، وضمد قلبك بدعواتهم فهم للروح روح .
التعليقات 2
2 pings
عدنان بن جاسم الهلال
18/07/2019 في 8:26 ص[3] رابط التعليق
جزاك الله خير يا ام مبارك وبارك الله فيك
هنادي العتيبي
18/07/2019 في 8:41 ص[3] رابط التعليق
رائع ماخطته أناملك لمقال بوزن الذهب تناول أهم أمر في حياتنا وهي نصائح كادرر أبويه قيمة تحمل في طياتها معاني سامية.
دوماً تلهمينا دكتوره بكتاباتك
لك تحياتي وتقديري❤️