حمَّل مسؤولون حكوميون شركات التبغ مسؤولية أزمة التبغ التي حدثت في السوق السعودية، وأن تغيير طعم الدخان الجديد بإضافة مكونات جديدة عليه يلمح إلى أنه أمرٌ مرتَّب من شركات التبغ لإفشال مشروع التغليف الجديد، وأن لا علاقة لجبل علي بالأمر، بل تتحمله شركات التبغ العالمية، في إشارة إلى بلدان منشأ السجائر (تركيا وسويسرا وألمانيا).
وأُثير كثير من اللغط في الآونة الأخيرة عن الدخان الجديد، وأن هناك سجائر في الأسواق السعودية مجهولة المصدر، تسبب السرطان و”فتق” الرئة؛ إذ ناقش برنامج “في الصورة” مع المذيع عبدالله المديفر على قناة روتانا خليجية الأمر مع عدد من المسؤولين، هم: رئيس هيئة الغذاء والدواء د. هشام الجضعي، ومحافظ هيئة الزكاة والدخل سهيل أبانمي، ومحافظ هيئة الجمارك أحمد الحقباني، إضافة إلى عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين.
وأكد رئيس هيئة الغذاء والدواء، د. هشام الجضعي، أن شركات الدخان لم تنتهك المواصفات، ولا يوجد اختلاف بين مواصفات الدخان القديم والجديد، لكن هناك مكونات أخرى، تضيفها شركات التبغ لتغيير نكهة المنتج. مشيرًا إلى أن طعم الدخان الجديد “تغيَّر”؛ وذلك بناء على رأي وشكاوى المستهلك.
وأبان أن تغيُّر نكهة جميع منتجات التبغ فجأة يعطي احتمالاً بأن هناك عملاً مرتبًا بين شركات التبغ لأجل إفشال مشروع التغليف الجديد لعلب الدخان. مبينًا أن لا حصانة لشركات التبغ، وبعد شكاوى المستهلك تمت مطالبة شركات التبغ بالإفصاح عن مكونات السجائر، مع تحمُّل الهيئة مسؤوليتها من حيث القيام بأعمال تحاليل عبر المختبرات، وإذا ثبت أن هناك تغييرًا سيتم محاسبة تلك الشركات؛ فلا أحد فوق القانون.
وأوضح “الجضعي” أن إلزام شركات الدخان بذكر بلد المنشأ الهدف منه ألا يكون هناك قلق لدى المستهلك حول مصدر التبغ.
من جهته، أوضح محافظ هيئة الزكاة والدخل م.سهيل أبانمي أن مصانع التبغ لم تتغير، ولا علاقة للدخان الجديد بمصانع “جبل علي”. مبينًا أن كود “629” لا يعني أن الدخان مصنَّع في جبل علي، وطريقة تخزين الدخان لم تتغير في المنافذ الجمركية. مشيرًا إلى أن قيمة واردات السعودية من التبغ وصلت إلى 1.9 مليار ريال.
وأضاف “أبانمي” بأنه من المستحيل دخول التبغ “المزور” إلى السعودية؛ والسبب في ذلك هو “الختم الضريبي”. لافتا إلى أنه يتوجب على أي منتج أن يطابق المواصفات والمقاييس، ولا تختلف النظرة لمنطقة حرة عن أخرى.
وأشار محافظ هيئة الجمارك أحمد الحقباني إلى أنهم واجهوا زيادة في عمليات تهريب الدخان للمملكة في العامين الماضيين، ولدى الجمارك 9 آلاف محضر ضبط في 2019 فقط، تتضمن محاولات تهريب 200 مليون سيجارة للمملكة. مؤكدًا أن دخان “شملان” مهرَّب.
وأضاف “الحقباني” بأنه لم يأتِ عبر منافذ السعودية دخان مغشوش، وقد يكون ما حدث في الأسواق هو مجرد تغيُّر في نكهة الدخان. مؤكدًا أنه ما زالت الدول مصدِّرة التبغ للسعودية هي (تركيا وألمانيا وسويسرا).
من جانبهم، رفض خبراء ومحللون اقتصاديون تبرير شركات التبغ بأن ما يعانيه المدخنون من تغيُّر في الطعم هو وَهْم نفسي؛ إذ أكد عبيد العبدلي (خبير التسويق) أن إزالة العلامة التجارية من علب الدخان ضربة في مقتل لشركات التبغ، وتوقع أن لا تصمت هذه الشركات، وأن تدير حربًا شرسة، تعتمد على خلق “بلبلة” في الأسواق، واستشارة عاطفة المدخنين.
ويرى أن عبارات التحذير على علب الدخان تصبح بلا قيمة بعد أن يتآلف الناس عليها، وأن ما تخشاه شركات الدخان هو “صور المرضى” المنفرة.. مستشهدًا بالتجربة الأسترالية التي تتبنى لونًا قاتمًا منفرًا لعلب الدخان؛ فانخفضت نسبة المدخنين 8 %.
ورفض عبد الحميد العمري، الخبير الاقتصادي، القول بأن التغيير في نكهة الدخان نوع من الوهم النفسي عند المدخنين – كما تقول شركات التبغ – مشيرًا إلى أنه نوع من الاستخفاف، وهو اعتراف بشكل غير مباشر بأن هناك تغييرًا في النكهة، ومن غير المعقول أن يتفق جميع المدخنين على وَهْم.
وطالب “العمري” بتطبيق عقوبات صارمة في حال تم التأكد من الغش؛ حتى تكون درسًا لأي أحد يحاول أن يتلاعب. ووجَّه سؤالاً للجهات الحكومية: لماذا لم تضع الجهات الحكومية في اعتبارها أن شركات التبغ سيكون لها ردة فعل وردود انتقامية رغم وجود تجارب سابقة في بلدان أخرى؟
وختم: الصدمة التي حدثت لدى المدخنين، وخلق سوق سوداء، مؤشر أن هناك الكثير من الأمور خارجة عن سيطرة الجهات الحكومية.