يحوز التلفاز على شعبية عالمية واسعة، فهو النافذة والعين والوسيط الإعلامي لرؤية العالم من حولنا وملء أوقات الفراغ بالاسترخاء أمامه ..
ولو طرحنا استفتاء عاماً لجميع سكان هذا الكوكب الكروي، لصوت الغالبية العظمى لصالح هذه الشاشة السحرية، ومتابعتها بشغف، بينما هناك أقلية لا تستهويهم متابعته ويتذمرون من وجوده في المجالس والاستراحات – أنا واحد منهم – ويرون في متابعته إهدار للوقت، كون غثه أكثر من سمينه، وهذا لا يعني أن متابعة التلفاز مشكلة عصية الحل، ولكن كما قال الشاعر “وللناس فيما يعشقون مذاهب” ..
بجهود ورغبات ملحة لإقناع النفس الجزوعة بأن التلفاز وسيلة إعلامية له دور كبير في التأثير على جوانب مهمة من حياة البشر حيث أستطاع تغير كثير من السلوكيات والأفكار، كما أنه وسيلة تعليمية لتنمية الثقافة والمعرفة؛ فتحت التلفاز، وبينما كنت أتجول بين قنواته، توقفت أمام برنامج تعده وتقدمة الأستاذة الجامعية والكاتبة الفذة زينب الصفار ..
البرنامج حواري بحت، يتناول الأحداث الباردة بعيدا عن القضايا ذات الطابع الحدثي (الساخنة) بطريقة حضارية راقية مع ضيوف سياسيين ودبلوماسيين وفنانين ومثقفين ومفكرين غربيين، ورغم أن الحوار يدار باللغة الانجليزية، إلا أن لغة السلام وبذرة الإنسانية شدتني لمتابعة البرنامج ..
مقدمة البرنامج الأستاذة الصفار بدأت الحوار بالسيرة الذاتية للضيف، وأبرز مواقفه وكيف تحمل عناء السفر والقدوم إلى الشرق الأوسط، وسهت – وجل من لا يسهو – أن تخبرنا عن سيرتها الذاتية هي أيضا، وصلتها بساحة الكتاب ورابطة الثقافة الإسلامية ووظيفتها كمذيعة تلفزيونية، كل هذه المفاجآت وهذه المؤهلات نجهلها عن هذه المذيعة المثقفة الموهوبة والإعلامية النشطة، والتي جمعت بين جمال المخبر والمظهر، وتربعت على كرسي حوار حضاري لم يسبقها إليه أحد من المذيعات الأحياء منهم والأموات !!
بحة صوت مقدمة البرنامج العذب الدافئ أثار دهشتي، وهو ما جعلني لا أضيع من برنامجها كلمة أو همسة، إلا أنني أتسال: لماذا لا تقدم مثل هذه البرامج التي تحاكي ثقلاً إعلامياً متخصصاً باللغة العربية، رغم أننا نجيد اللغة الانجليزية، ولا نشعر بأي حرج في التحدث بها ؟
ويبقى العشق لسماع اللغة العربية الأصيلة من حناجر المذيعات، ومقدمات البرامج هو الأبرز – كونها لغتنا الأم – نفهم ونستشعر همساتها وتأوهاتها ونقيس بها المواقف والظروف ..