يتسارع الحراك الثقافي والتنموي في مجتمعنا وتتبعه متغيرات كثيرة وكلا اتخذ مساره في ظل الانفتاح والتطور ليقدم ويبدع ويظهر ما لديه من قدرات وامكانيات ليوجد لنفسه مسارات وطرق عديدة تقوده لما يريد فعله مستقبلا فمن خلال حركة التطور والانفتاح هل سيتخلى ويبتعد البعض عن جودة واصالة وهوية الحياة التي كان يعيشها.
المفكر السعودي المهندس عبد الله بن عبد المحسن علي الشايب ، أحد الباحثين المؤثرين الذين رصدوا تاريخ الأحساء،ودونوه وهو ركيزة أساسية في حفظ تراث الأحساء، وبالإضافة إلى أنه أديب وكاتب ومؤرخ، تحدث في هذا الجانب لـ”شاهد الآن”، وقال في هذا الحوار:
* هل حركة التطور الثقافي والاجتماعي واكبت المجتمع أم بدأ المجتمع في عجاله ليرتقي ثقافيًا؟
ـ عندما يكون الحديث عن عموم جغرافية المملكة بإختلاف الحالة الثقافية و الحضرية و الإمكانات و الحضور الفعلي فهناك فجوات كبيرة في ذلك من خلال التنمية و الحضور الثقافي عينا لذا لا يمكننا مع العهد الجديد إلا أن نستشعر تلك الفروقات في الأصل، من هنا عندما نستعرض مجتمعات الأحساء نموذجا نرى أن رؤية٢٠٣٠ والتمكين الحقوقي للمرأة والإنفتاح الثقافي في مجالات الفنون وغيره في الأحساء جاء ذلك ليؤكد الحضور المبكر والوعي في الفعل الثقافي الذي يمتد الى الوراء لستين عامًا أو أكثر في أوليات أو مبادرات أو ريادات الناشطين من المثقفين.
* هل المتغيرات الحديثة بالشأن الثقافي والاجتماعي افقدت الهوية لدى بعض الأشخاص؟
ـ جاءت الموقعية الإجتماعية منعكسة على المستوى المتقدم أصلا وأعطى فسحة واستجابة للتطبيق، وهذا المستوى في الأحساء قد لا نجده في مدن أخرى لكن يمكن القول مماثلته في الرياض و جدة، و هذا بالطبع ليس تسرعًا إنما مواكبة للأطروحات التي اثبتت الأحساء اقتدارها، و إذا ما ربطنا إعلان أعلى مؤسسة ثقافية في العالم اليونسكو أن الأحساء موقع تراث عالمي وأنها من المجتمعات الخلاقة الإبداعية على شبكة اليونسكو الإعلامية ندرك أن هذا الإستنتاج له مصاديقه على الواقع افرادا و مؤسسات مجتمع مدني وحراك ثقافي كما نرى.
* هل توجد فوارق في تقبل المتغيرات بين طبقات المجتمع المثقف أو الغير مثقف؟
ـ التصنيف هنا لا يقف عند مصطلح المثقف بل بتصنيف المحافظين أو الإصلاحيين، نعم يلاحظ أن المجتمع العميق الذي دأب على حالة يسميها إنسجام (المحافظين) مجتمعي ينحو ليواجه التغيير تحت ذرائعي مختلفة، في وقت البعض المؤمنين بالإستفادة من قرارات الإنفتاح بمعنى المجتمع المتسامح أدركوا أن عليهم الإشتغال لحضور قوي، بالطبع حراك هؤلاء يكون صادما للفئة الأولى، ندرك أن هذا سيحتاج لوقت ليتقارب الجميع نحو ثقافة مجتمعية تسع لجميع الافراد من التغير والاندثار، وهناك ثلاثية لا بد من التدقيق عليها وهي عدم اغفال الموروث وعيش الحاضر والحداثة الأفق المستقبلي، العمل الثقافي يعزز هذه الإطروحات إما مشتركة أو سيرورتها بالتوازي، من هنا المعنيين بالثقافة عليهم مسؤولية أعلى في خلق ذلك التوازن، وعلى رأي السؤال حتى لا تندثر الهوية و هو مطلب يتم استنساخه و تواتره للأجيال لأن ذلك يرسخ الهوية دائما والإنتماء الوطني.
وأنا من خلال المتابعة عينا ضمن برامج ومبادرات وزارة الثقافة وغيرها هناك ورود وتأكيد على هذا التوازن الثلاثي.
* ما هي الوسائل التي تساعد على تعزيز الانتماء للهوية الوطنية؟
ـ الهوية الوطنية هي الجامعة لعموم المواطنين و هو سقف يعتد به دائمًا في المناسبات الوطنية أو مفاصل الإنجازات، لكننا ندرك أيضا أن تعزيز الهوية ينتج من الفعل الثقافي للمناطق والمحافظات والمدن التي تتعزز بغنى الموروث و الحضور الثقافي، البرامج من خلال مؤسسات جمعيات الثقافة و الفنون و الأندية الأدبية وغيرها وتلعب في الأحساء الملتقيات الثقافية دورا بارزا في ذلك يعد به و مثالا للإسهام المتميز.
* هل الحفاظ على هوية المجتمعات مسؤولة فردية أم جماعية؟
ـ مع أنه لا يمكن الفصل للفرد عن محيطه الصغير أو الوطن الكبير، الوعي الجمعي بالطبع هو المؤثر ينعكس على سلوك الفرد و خصائص المجتمع ، بل يمكن القول أن المجتمع الأهلي كما المؤسسات الرسمية يقينا تعمل على تعزيز الهوية ، من هنا البرامج الخاصة بالناشئة على أهمية كبرى لمستقبل واعد و مجتمع سلمي آمن فاعل متفهم لوجود الإختلاف وأن الجميع يصب في مصلحة الوطن و هي بالتالي إسهام على مستوى الإنسانية في إعمار الأرض.