انفتحت الساحة للجميع فأصبح المشهور بمواقع التواصل الاجتماعي إعلامي وخريجي الإعلام إعلاميون والعاملين في قطاع الإعلام أيضًا إعلاميين والكثير ممن حملوا صفة أو لقب الإعلامي لكن هل نكتفي باللقب مع ممارسة المهنة أم هل يجب أن يكون على الإعلامي أيضا مثقفًا وملم بالكثير من مجالات الحياة والعديد من الخبرات ليكون متحدثًا بارع وكاتب ومعد و ذو خبرة في العلاقات العامة في كل وقت وحادثة.
في هذا الصدد تحدث إلينا الإعلامي الكبير الأستاذ جعفر عمران بو حليقة.
* لقب الإعلامي يحمل الكثير من الأدوار التي يتصور المجتمع إنه متمكن منها ويجيد العمل فيها … هل يجب على الإعلامي أن يتقن جميع الأدوار التي يحملها اللقب من التحدث والكتابة والكثير من المجالات؟
ـ ينبغي أن نعرف أولاً من هو الصحفي؟ هو الذي ينقل الأخبار إلى الآخرين، يتلقّى المعلومات من جهة ما حكومية أو خاصة أو حضور مناسبة معينة، ثم يقوم بتحرير المعلومات وصياغتها صياغة صحفية ثم ينشرها، فإذا لم تتوفر لديه معلومات فإنه لا يحرك ساكناً ولا يعرف ماذا يفعل، لأنه لا يستطيع أن يصنع حدثاً، وأعتقد أن أكثر الذين في الساحة هم صحفيّون وليسوا إعلاميين. أما الإعلامي فهو الذي يتلّقى المعلومات ويحررها، وأيضاً يصنع مادة صحفية أو إعلامية من الحدث، وإذا لا يوجد حدث ساخن على الساحة، يستطيع هو أن يصنع حدثاً مثل عمل حوارات واستطلاعات، لأن الإعلامي لديه القدرة على طرح الأسئلة وكتابة المحاور وجمع المعلومات بطريقته، ثم يحولها إلى مادة صحفية مثل الاستطلاعات والحوارات والتقارير، سواءً كانت مكتوبة أو مرئية أو مسموعة. والإعلامي عادة يتمتع بقدرة على كسب الآخرين وبناء العلاقات العامة والمحافظة عليها، ولا يتعامل مع الناس حسب تصنيف معيّن، لأن الناس كافة هم ثروته وهم المنجم الذي يمده بالمعلومات، فهو يبحث عن المعلومة أينما كانت.
* هل يجب على الإعلامي أن يكون مثقفًا؟ وهل هناك جوانب ثقافية معينة يجب التركيز عليها أكثر تهمّ الإعلامي؟
ـ الثقافة ليست اختياراً، أي قراءة الكتب أو الاطلاع على المعلومات المتنوعة وحفظها لا يسمى ثقافة، بل هي معرفة وإطلاع.
المثقف هو الذي لديه قدرة على إعطاء رأي أو اتخاذ موقف تجاه حدث أو قضية معينة. وليس بالضرورة أن يكون الإعلامي مثقفاً، بل يكفي أن يكون مطلّعاً ومتابعاً للأخبار ومتمكناً من صياغة أشكال متعددة من أشكال التعبير الصحفي ككتابة الأخبار وإجراء الاستطلاعات والحوارات وكتابة المقالة والتقارير. بالنسبة للإعلامي المثقف فإن الثقافة تأتي أولاً. أي أنه مثقف “شاعر أو قاص أو روائي” وظيفته في الإعلام، أو متعاون مع صحيفة معينة، وعادة يعمل في الصفحات الثقافية، ولكن ممكن يطوّر أدواته وتكون لديه القدرة على إجراء الحوارات وكتابة التقارير والسيناريو وهكذا.
* وما المعايير التي تقيس بها ثقافة الإعلامي؟
القدرة على التحليل والتفسير للأحداث الجارية كما هو الحال الآن مع “أزمة كورونا”، من كتابة رأيه أو عمل حوارات ومناقشة قضايا مع شخصيات لها علاقة بالحدث مثل الأطباء أو المسؤولين.
* هل الشهرة تساهم في تقدم الإعلامي أم الإعلامي عمله يصنع الشهرة له؟
الشهرة التي تأتي سريعاً نتيجة ظرف طارئ؛ تذهب سريعاً أيضاً. لكن ممكن يبتسم الحظ لإعلامي معيّن لأن يكون مشهوراً، وعليه أن يحافظ على هذه الشهرة. وليس بالضرورة أن يكون الإعلامي مشهوراً، فهو في الأغلب يكون معروفاً في محيطه الصغير، وقلة من الإعلاميين لديهم شهرة واسعة، عدا الذين يعملون في التلفزيون. أما الصحف فلا تصنع شهرة واسعة للإعلامي، ويمكن للإعلامي أن يصنع شهرته من خلال شبكات التواصل وخاصة “سناب شات”. لكن الشهرة شرهة، فمُها واسع والإنسان لا يشبع من الشهرة. مشكلة “السناب” أنه في الأغلب يتطلّب منه أن يتواصل مع متابعيه بشكل يومي، وهذا يجبره أحياناً أن يقول أشياء عادية أو كلام ليس له معنى، فقط كي لا يفقد التعليقات واللايكات المزيفة، التي تضخ الدوبامين في دماغه.
* التنقل بين وسائل الإعلام هل يعمل خبرة للإعلامي.. أم يعمل له تشتت في عمله؟
الانتقال من صحيفة إلى أخرى أو من قناة تلفزيونية إلى أخرى أمر مهم للإعلامي ويساهم في صقل خبرته واكتسابه أساليب متنوعة في كيفية التعامل مع الحدث وهذا ما حدث معي تماماً، تنقّلت من جريدة اليوم إلى جريدة الشرق الأوسط ثم جريدة الحياة وأخيراً صحيفة الشرق. لكل صحيفة ولكل قناة طريقتها الخاصة في تقديم المادة الإعلامية.
اضرب مثالاً بالإعلامي فارس بن حزام، حيث تنقّل من جريدة اليوم ثم إلى جريدة الوطن ثم جريدة الشرق الأوسط ثم قناة العربية، وقبل شهور تم تعيينه مديراً لقناة الإخبارية السعودية، ويظهر واضحاً لمتابع “الإخبارية” قدرتها على التغطية المتنوعة والمتميزة والمتابعة المستمرة والذكية لحادثة “كورونا” في مختلف مدن السعودية، ويقف وراء ذلك مديرها “الفارس بن حزام”.
* الساحة الآن مليئة بالإعلاميين .. ما النصيحة التي تقدمها للعاملين والذين يرغبون في مهنة الإعلام؟
المتابعة اليومية والإطلاع المستمر على مجريات الأحداث المحلية والعربية والعالمية والقراءة في أغلب المجالات ـ إنها مهنة المتاعب ـ أنصح أن يكون مهتماً بشأن محدد، مثلاً في الاقتصاد أو المحليات أو الرياضة أو الثقافة أو الفن أو غيره حسب ميوله وقدراته، والنصيحة الأهم ألّا يفرق بين الناس ولا يصنفهم، أي لا ينحاز في تغطياته لصنف معين دون الآخر، بل عليه أن يتعامل مع الإنسان ـ أي إنسان ـ وكأنه أخيه، لأن المعلومات موجودة عند الناس.