من واحة النخيل والخضرة والماء واحة التاريخ والعلم والثقافة والأدب يُطل علينا أديب استلهم ابداعه الأدبي من مكوّنات بيئته الخلابة ليأتي مُترعاً بالجمال والروعة وينثر عطره الفوّاح على صفحات المطبوعات الصحفية والمؤلَّفات الفكرية والمنابر الثقافية انه غريد الاحساء الذي ما فَتِئ يُغرِّد بها بشعره ونثره في كافة المحافل الأدبية والثقافية والاجتماعية غريدنا في هذا المنبر الاعلامي هو الأديب عبداللطيف بن صالح الوحيمد سفير السلام عضو هيئة الصحفيين السعوديين وهيئة الاعلام المرئي والمسموع نشر أكثر من ٥٠٠ قصيدةٍ ومقالةٍ ودراسةٍ في الصحافة السعودية والخليجية وآلاف المواد الصحفية في صحيفَتَي اليوم وعكاظ استضافته القنوات الإذاعية والتلفزيونية والأمسيات الشعرية والمحافل الثقافية والاجتماعية وفاز في مسابقاتٍ أدبيةٍ ومثّل بلاده تمثيلاً دولياً بالشعر والنثر
صدر له: كتاب بعنوان: (كيف تبدع القصيدة؟) يتناول قواعد القصيدة النبطية وبنائيتها وفق مفاهيم النقد الحديث ونال شهادة الدكتوراه الفخرية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف كما صدر له كتاب بعنوان: (من الحب) وكتاب بعنوان: (شذرات)
وكتاب بعنوان: (الأحساء أصالة وعطاء) وكتاب بعنوان: (التجديد في الشعر النبطي)
وديوان شعري بعنوان: (مشاعر متعطشة) وديوان بعنوان: (همس المشاعر) وديوان بعنوان: (صدى الوجدان) بالإضافة لأربعة دواوين سمعية تضم قصائد عاطفية.
* فرضت علينا جائحة كورونا الحجر المنزلي كيف تُدير وقتك خلاله؟
ـ الوقت مشروع مهم وخطير وحيوي وبنّاء يحتاج إلى إدارةٍ كأي مشروعٍ نتطلع إلى نجاحه والاستمتاع بمكاسبه وقد قيل (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك) أي إن لم تقضه فيما ينفعك ويفيدك ويخدمك ويخدم غيرك قطعك عن الحياة بالموت دون تحقيق ما تريده في حياتك لذا لابد من تنظيم هذا الوقت وفق مهامنا وأشغالنا وحاجاتنا وواجباتنا ولابد من تقديم الأهم على المهم وعدم التسويف في تنفيذ الأعمال والمهام لأنه يؤدي لتراكمها حتى تغدو جسيمةً وكبيرةً وثقيلة فينثني العزم وتفتر الهمة عن انجازها ونخسر مصلحةً كان من الأحرى اكتسابها والاستفادة منها بل قد يجر علينا عدم انجازها خسارةً ماديةً وربما مشكلاتٍ مع أنفسنا وخلافاتٍ مع أهلينا أو الآخرين لذا فإني بحكم الوضع الراهن الذي يقتضي مني البقاء في المنزل حتى انقشاع الغمة ان شاء الله استغل وقتي في الكتابة والقراءة في الكتب والتغني بمعشوقتي الأحساء بالشعر والنثر حتى الفجر وإصلاح ما يمكنني اصلاحه في البيت وتصفح وسائل التواصل الاجتماعي والمشاركة فيها بما يُفيد المتلقي من المشاركات الهادفة والبناءة والتواصل مع الأحبة بالمكالمات الهاتفية والرسائل الفورية ومشاهدة برامج التلفزيون الماتعة والشائقة وغير ذلك مما فيه الاستفادة من الوقت فيما يخدمني ويخدم بيتي ويخدم الآخرين.
* ماذا كتبتَ من أبياتٍ شعريةٍ تضامناً مع حملة خلِّيك في البيت؟
ـ كتبت:
خلَّك ببيتك ولا تطلع إلى الشارع ….
واعمل بحظر التجوُّل لاجل مصلحتِك
كُن دائماً من يُبادر وايضاً يسارع ….
لكل مابه نفع غيرك ومنفعتِك
فايروس كورونا غدا عدواه متسارع ….
لو قلت لك كم يقتل كان روَّعتِك
*وماذا كتبت من شعرٍ للحبيب باستلهام هذا الوضع؟.*
كتبت:
لولا الحظر جيتك تسامرت ويَّاك …
في نفسي اشواقٍ ما تهدأ دقيقة
ترتاح نفسي حين اشاهد محيَّاك …
وتطفي بشوفك وسط قلبي حريقة
اي والله احبك وأحب لقياك …
وقربك ترى يبعد عن القلب ضيقة
أتعب وانا اعدِّد روائع مزاياك …
يكفيك إخلاص ومشاعر رقيقة
مهما أعدِّد ما أحيط بعطاياك …
كيف اوصفك قل لي بأيَّة طريقة؟
يصعَب علي اعيش عمري بليَّاك …
فرقاك موتي كان تبغي الحقيقة
*بماذا تغنيت في معشوقتك الأحساء؟*
تغنيت بها بهذه القصيدة :
إذا طوَّل بي الحجر …
تراني ماني بضجر …
أنا مادمت في هجر …
حضنها بس يكفيني …
حضنها هو حضن أمي …
وهي تحضني وتسمّي …
ويشم انفاسَها دمّي …
وعن العالَم بتغنيني …
مادامي في أراضيها …
لو اني انسجن فيها …
رضيت السجن بيديها …
رضيته حين يأويني …
فلا شي ٍ علي اقسا …
من اني أفقد الأحسا …
فكم اتعذب وأأسا …
ولا شي ٍ يسلّيني …
إذا حسيت في موتي …
قريب ٍبصرخ بصوتي …
أبي الأحساء تابوتي …
أبيها مَن يواريني …
أبي ماها يغسّلني …
وطبينتها تعطّرني …
وطينتها تكفّني …
وتربتها تغطيني …
* وماذا كتبت من نثرٍ حول هذه الملمَّة والنازلة حمانا الله منها؟
ـ كتبت:
اطمئنوا واستبشروا فلن يبقى وباء كورونا طويلاً فالله يتولَّى برحمته جميع مخلوقاته على وجه الأرض فلا يمكن أن يجعل هذا الوباء سرمدياً لذا ستنقشع هذه الغُمَّة بإذن الله ويولِّي الوباء إلى غير رجعةٍ كسائر الأوبئة التي أصابت البشر في مختلف الأزمنة وعلى مَر التاريخ إنه وباء قدَّره الله لحكمةٍ وهدفٍ وغاية ومثلما قدَّر وقت حلوله قدَّر وقت زواله وسيكون قريباً إن شاء الله ويكون عبرةً وعظةً ودرساً للبشرية جمعاء يتوب من خلاله المذنب ويثوب إلى الله ويستغفر ويراجع المخطئ نفسه ويفتح صفحةً جديدةً مع ربه ومع ذاته ومع الناس ويكون كما أراد الله له أن يكون يتعامل مع الغير بالفطرة التي فطره الله عليها وهي فطرة الاسلام التي تحضُّه على السلام بكل معانيه ومفاهيمه وصوره وأشكاله وأمة الإسلام أمة مرحومة لن يهلكها الله بسنةٍ عامة أي عذابٍ عام يبيدها كالأمم السابقة عاد وثمود ولوط أمة الإسلام خير أمةٍ أخرجت للناس الخير باقٍ فيها إلى قيام الساعة والله لا يخلق شراً محضاً ففي طيَّات المِحَن مِنَح لذا ادفعوا البلاء بالتوبة والإنابة والاستغفار والتضرع لله بالدعاء أقول ذلك بكل ثقةٍ في ربي وفي وعده جلَّ وعلا حين قال: إن مع العسر يسرا…وسيجعل الله بعد عسرٍ يسرا…وأنا عند ظن عبدي بي.
* ما رأيك في تفاعل المثقفين في بلادنا مع هذه الحادثة العالمية؟
ـ المثقفون من شعراء وكتَّاب فئة ناشطة في كل الأحوال والظروف أقلامهم سيَّالة تتفاعل مع جميع الأحداث والقضايا وتتضامن مع توجهات بلادهم الوطنية والسياسية والفكرية والاجتماعية والثقافية وغيرها وها نحن نراهم هذه الأيام لا يفتأون في بث الوعي حول نازلة كورونا بالشعر والنثر ويؤازرون جهود الدولة في مكافحتها بنشر الوعي والتنوير الفكري فلا تخلو منصات التواصل الاجتماعي وكذلك وسائل الاعلام من مشاركاتهم الفعَّالة التي لها تأثير بالغ على المتلقِّين كطبيعة الأدب بشعره ونثره في التأثير في الناس وتوجهاتهم وتنويرهم وتثقيفهم
وقد استطاع تواصل المثقفين فكرياً تحريك الجمود الثقافي الناجم عن الحجر المنزلي وحظر التجول الذي منعهم من التواصل الجسدي او المنبري وأسأل الله جل في علاه أن يستجيب دعاء المتضرعين إليه برفع هذه الغمة عن جميع الأمة والعالم أجمع.
* ما رأيك في مجموعات الواتساب هل هي بنَّاءة ام هدَّامة؟
ـ مجموعات الواتساب من وسائل التواصل الاجتماعي البناءة والمفيدة حيث تضم كل مجموعةٍ ٢٥٦ عضواً يتنافسون في تفعيلها بما لديهم من مشاركاتٍ إما أن تكون مصنوعةً من قبلهم أو مكتسبةً من قبل الآخرين الذين يتراسلون معهم أو منقولةً من مواقع ومنصاتٍ أخرى ويتم ضخها في المجموعة لإثرائها بالمعلومات والأخبار والمقالات والدراسات والآراء الفكرية والنصوص الشعرية وغيرها وذلك حسب تخصص المجموعة الواتسابية فهناك الاجتماعية والعلمية والطبية والثقافية والأدبية والشعرية وهناك الشاملة وبحكم مشاركتي فيها كشاعرٍ وكاتبٍ مفيداً ومستفيداً فإني أرى أن جيّدها أكثر من رديئها وصالحها أكثر من طالحها ونافعها أكثر من ضارها وإن وجد فيها من الغث لابد أن يوجد فيها من السمين وإن وجد فيها من التافه لابد أن يوجد فيها من المفيد وفي ظني ان الجيد اغلب من الردئ والمفيد أغلب من نقيضه ولا أعتقد ان فيها مضايقاتٍ مالم تتحول للدردشة الشخصية الفارغة والمناوشات والمهاترات والخزعبلات والمماحكات والمجادلات العقيمة ويجب على الانسان أن يرى الجانب المشرق للأشياء أكثر من الجانب المظلم وأن يستحسن أكثر مما يستهجن وأن يمدح أكثر مما يقدح وأن يقبل أكثر مما يرفض وأن يشكر ما يستحق الشكر وإن كان بسيطاً فكل أعضاء المجموعة الذين يجتهدون في المشاركة فيها يجب تقدير مشاركاتهم فهي من وقتهم الثمين ومن اختيارهم الذي يهدفون منه النفع والفائدة والامتاع وعلينا أن نقض النظر عن الخطأ غير المقصود أو التقصير إن حصل وننصح دون أن نجرح ونوجّه بلباقةٍ ولطف وعن نفسي فقد استفدت منها في تسويق انتاجي الأدبي شعراً ونثراً واصداراتي الثقافية وأخباري الأدبية وصرت اعتمد عليها في التواصل مع نظرائي في الأدب ولكني أحبذ عدم التوسع فيها مراعاةً للوقت والجهد الذي تهدره والمساحة التي تأكلها من ذاكرة الجهاز الهاتفي بما تحمله من مواد كثيرة والتركيز على مجموعاتٍ قليلةٍ وحصر الاهتمام فيها بما يوافق الميول والاهتمامات الذاتية مع مراعاة المشاركة بما يفيد الناس وينفعهم مصداقاً لقول الشاعر:
فما من كاتبٍ الا سيفنى
ويُبقي الدهر ما كتبت يداهُ
فلا تكتب بكفك غير شيء ٍ
يسرك في القيامة ان تراهُ
* كيف تتوقع أن تسير الحياة بعد انتهاء جائحة كورونا؟
ـ الحياة بعد انتهاء جائحة كورونا لن تكون كما كانت قبله من كافة النواحي الاجتماعية والصحية والعلمية والثقافية والسياسية والاقتصادية والتجارية والسياحية والترفيهية وغيرها حيث سيكون هناك سُلَّم قيَمي يتضمن الأولويات الانسانية في كل دول العالم وسيحدث تغير واضح في السلوك البشري وانماط الحياة وأتوقع أن تسير الحياة بعد هذه الجائحة بالحذر والاحتراز من المرض وذلك بالحرص على النظافة والاهتمام بالتعقيم ومكافحة الحشرات والجراثيم على الصعيد الفردي والجماعي والرسمي والشعبي وأن تختفي المعانقة والاحتضان في اللقاءات بين الناس ويكتفون بالمصافحة والتباعد النسبي فيما بينهم مع التوجس من السعال والعطاس والزكام والانفلونزا أكثر من السابق كما أتوقع أن تنحسر الحفلات الكبيرة وتتحول الى حفلاتٍ صغيرةٍ مع شيءٍ من الحذر أو الاحتراز وينكف العريس عن السفر للخارج لقضاء شهر العسل وبذلك تقل تكاليف الزواج وتنخفض حركة السفر السياحي ويبقى السفر العلاجي والاجتماعي والدراسي وأتوقع أن تنخفض حركة التسوق وحمى المشتريات وتصيب الناس حالة من التشبع ويكتفون بما يسد الحاجة من الكماليات وأتوقع أن يتعوَّد الناس على المكوث في بيوتهم ولا يخرجون منها بإفراطٍ مثل السابق وأن تتراجع الحركة الاقتصادية والصناعية والتجارية والقوة الشرائية أكثر من أي وقتٍ مضى وتتخذ الدول اجراءاتٍ صارمةً في الانفاق والدعوة للترشيد والاقتصاد بسبب تأثر اقتصادها ومواردها المالية بتداعيات الجائحة كما أتوقع أن ترتفع نسبة الفقر والبطالة والجريمة في الدول التي سرَّحت الكثير من موظفيها بسبب الجائحة وأن تهتم دول العالم بالجيش الأبيض أي الكوادر الطبية والفنية والعلمية وتصحح أوضاعها وترفع شأنها وتطورها مع تطوير القطاع الطبي عامةً ودعم البحث العلمي ووضع التدابير الصارمة للقضاء على الجراثيم المعدية والقاتلة وأتوقع أن يتراجع الاهتمام الرسمي برياضة كرة القدم التي تستنزف الأموال الطائلة من ميزانيات الدول ويقل الانفاق عليها والتشجيع المبالغ فيه لها وللاعبيها ومثلها الحفلات الغنائية وينصب الاهتمام على ما يحمي البلدان والشعوب من المخاطر الصحية كما أتوفع أن يكون هناك اعتبار من هذا الوباء ومراجعة للنفس وتصحيح للمسار والمواقف والتوجهات والمفاهيم والأفكار والآراء وأتوقع أن تتغير مواقف الدول وتوجهاتها السياسية والاقتصادية والصحية والثقافية والعلمية والاجتماعية والدينية وأن تهدأ عجلة الحياة الاجتماعية والترفيهية هدوء ملحوظ ويقل الضجيج والتكالب على الدنيا وتبرز مظاهر جديدة للتسامح الديني والفكري والاجتماعي ويكبر الاحساس بالمسئولية الاجتماعية وإدراك قيمة الحرية بعد الحجر المنزلي الطويل وحظر التجول في شتى دول العالم.
* في ختام هذا الحوار ماذا تقول من كلماتٍ للوطن ليكون الختام مسكاً؟
ـ أقول:
الوطن كالأب بالنسبة للإنسان ترعرع في كنفه وسقاه وأطعمه وكساه وعلَّمه وربَّاه ووفّر له الأمن والأمان والرخاء والاستقرار وأعطاه كل شيءٍ بلا مَنٍ ولا أذى فكما يستحق الأب من ابنه البِر والحب والوفاء والتضحية يستحق الوطن كذلك بل يجدر بالمواطن أن يفتدي وطنه بماله وروحه وعياله وليس ذلك بكثيرٍ عليه ومحبة الوطن من الإيمان وواجبه على كل مواطنٍ كما هي واجبه على الابن تجاه أبيه من منطلق البر والوفاء والنبل ورد الجميل والإحسان والفضل وما أحوج وطننا اليوم وهو يمر بأحلك الظروف والمحن إلى وقفة المواطن معه وولائه وإخلاصه له ودفاعه ومنافحته عنه وصدق الحب والغيرة والانتماء له فعلاً وعملاً وقولاً فلا خير في المواطن إذا لم يقف مع وطنه في الشدة والمحنة والبأساء والضراء ولا خير فيه إذا لم يَغَر عليه من كل ما يشاع ضده من الأكاذيب والأقاويل والأراجيف والدفاع عنه كدفاعه عن أبيه بما يملك من الحجة والبرهان والدليل كلٌ حسب موقعه واختصاصه وثقافته ومقدرته وإمكاناته الذاتية ومهما قدَّمنا للوطن من العطاء لا يوازي فضلاً واحداً من أفضاله علينا وهو الأمن فهذه النعمة التي يحسدنا عليها الكثير لا تُقدَّر بثمنٍ ولا يوازيها عطاء مهما كان حجمه ونوعه والشعب السعودي أثبت أنه شعب مخلص لقيادته الرشيدة منذ عهد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز طيَّب الله ثراه وما أحوجنا في هذه الفترة الحرجة من حياتنا إلى تقوية اللحمة الوطنية والمزيد من التكاتف مع الوطن لنشكِّل مجتمعاً متماسكاً ومترابطاً تسوده الألفة والمحبة والأمان والوقوف صفاً واحداً ضد عدونا الخارجي الذي يهدد أمننا الوطني وسلمنا الاجتماعي لأغراضٍ دنيئةٍ وبغيضة ونسأل الله أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار في ظل قيادتنا الرشيدة ويقوِّي بيننا أواصر الألفة والمحبة والأخوَّة ويبعد عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.