هي أمل عبد الله الفرج مواليد محافظة القطيف بمدينة القديح، خريجة جامعية تخصص لغة عربية، ومؤسس منتدى كائن الأدبي النسائي، صدرت لها عدة دواوين ومنها إسراءات، حين يشرق الوجع، وقدر الحناء، وحازت قصيدتها :”تلويحات لعشق لا ينفذ”، على المركز الأول في مهرجان نجوى الغيب للإنشاد، ولها تكريمات عدة، التقيناها بهذا الحوار الخاص:
* كيف كانت بداية رحلتك مع دهشة الحرف؟
ـ الثورة الشعوريّة التي تنمو لتتخلّق فيها الروح الشاعرة عادةً ما تكون ملحّة جِدًّا في بداياتها وإن كانت في أبسط صورها، لهذا فإنّ بعض أرواح الشعراء تتلمّس حجم المغامرة الدائمة وتبدأ تشعر بقوّة الإضافات الشعوريّة التي من شأنها أن تُحدث زلزالاً في مسيرة الحياة وتكوين ذات مختلفة وتتحسس قيمة تمرّدها الداخلي، لتكون للبدايات بريقها الخاصّ وضوءها الحاني، وعلى الرغم من عفوية بداياتي وبساطتها فأنا أحبّها بكلّ ما فيها لأنها رحلة للسموّ وابتكار الحياة.
* كانت باكورة أعمالك المطبوعة قدر الحناء ما هي حكاية التسمية؟
ـ قدَرُ الحناء .. عنوان إحدى قصائد الديوان، وهي قصيدة لها حضورها القلبيّ.
* أثناء مشوارك باتجاه الألق هل واجهتك عوائق وكيف تغلبت عليها؟
ـ الشعر باعتباره مأزقًا جماليًّا قد نُبدع في مداهمته ولكنّ هذا الإبداع ليس بالشيء اليسير ولا بالشيء الطّارئ أبدًا ولم يكن ترفاً يومًا ما، بل هو مكابدة ومطاردة مع النبض، ولا يمكن أن نعرف ذاتنا الشّاعرة ما لم ننتصر لأنفسنا من خلال اقتراف الفن، والشعر كخصوصيّة ملهمة للشاعر، فالعوائق الحياتيّة إن حوّلنا مسارها لتكونَ محطةً للمعرفة والتعلّم كانت مسارًا للنور الأبهى والفضاء الخلّاب، والشاعر الحقّ من يجد لنفسه هذا المسار ليرى ذاته فيعرفها ويحققها.
* شاعرتنا المبدعة أمل في أي روائعها الشعرية تجد أنها حققت ذاتها؟
ـ كلّ ما ينزفه الفنّان من فنّ هو تحقيق للذات وتثبيت للنفس وتنسيق للمشاعر، والشعر أحد الفنون المتشبّثة بكينونة الروح والباعثة على سموّ الرؤى وتهذيب الفكر، فبالشعر الحقيقيّ تتضاعف قيمة الحسّ والخيال والكلمة الدافئة بل والوجود الإنسانيّ بكمالياته، وبعمق هذه القيمة أو اهتزازها يبقى الاسم بين ضوء أو خفوت ..!
* أي قصائدك تتوقعين أنها كانت الأقرب للجمهور العادي؟
ـ إن كانت قصائدي فعلاً لامست الجمهور العاديّ فذاك شيءٌ مدعاة على البهجة وإن كانت سترتقي مستقبلاً وتلامس الجمهور ونخبةَ الشعراء والأدباء ففي ذلك غاية أخرى ألتقيها.
* إذا اعتبرنا الشعر نوعا من المكتسبات المتوارثة، فهل باستطاعتنا، تطويره، ليكون نوعا من الأدلجة الخفية للأجيال اللاحقة؟
ـ الشعر ملكة حسيّة وروحيّة في آن واحد، كالجينات تمامًا التي لا نقدر على التحكّم فيها أو الخلاص منها، وهذه الملكة تغذينا ونغذيها، تطوّرنا ونطوّرها، وليس بوسعنا إلا أن نعتاشها لنعيش كما يليق ولا أخافُ على الحبّ والخير ما دام هنالك شعر ..! وبالمحصّلة ؛ لا أخاف على القادم ما دام هنالك من يقدّر الشعر.
* هل لديك طقوس خاصة بالكتابة؟ تستزلين بها الإلهام؟
ـ اللحظات الشّعريّة لحظات ماكرة جدًّا، وسريعة الهرب، إن لم تقتنصها وتعتن بها وتلمّها ستذهب عنك بعيدًا، ولو عادت قد لا تعود بذات الوهج والحرارة، لذلك فأنا لا أبحثُ عن الطّقوس بقدر ما أبحثُ عمّا يستفزّني إن لم تباغتني اللحظة الشّعريّة تلك.
* ما هو الغرض الشعري الذي لم تطرق بابه امل الفرج حتى الآن؟ ولماذا إن وجد؟
ـ أيُّ غرض فارغ من الدهشة والعاطفة.
* كيف تقرأين المشهد الأدبي الثقافي بالمنطقة؟
ـ أراهُ يكتنزُ الكثيرَ من الجمال ويدأب في تأثيثه بالرغم من حياء المبدع، وتواضع الدعم ، وتقصير الإعلام، فنحن في بيئة ترفل بالإبداع في كلِّ الجوانب وحاضنو الإبداع تكبّلهم -حتى اللحظة- بعض القيود التي تجعل من العمل الإبداعيّ خافتًا شيئاً ما.
* هل نحن موعودون بإصدار جديد يدخلنا عالم الدهشة؟
ـ سأسعى لذلك قريبًا.
* ما هي أكثر المشاهد التي تحرك وتحفز ذائقتك الأدبية للكتابة؟
ـ لا شيء محدّد، لأنّ الشعر هو استجابة طبيعيّة للعاطفة وللجمال اللا محدود، وهو رسول يحمل نبوءة المشاعر، وأعني كلّ المشاعر، فكلّما تحسّس الشاعر حاجته الفطريّة للبوح ولج إلى قصيدة ما وألحّ على حروفه كي تنسكب، لتُخرجه من معترك ما يشعر إلى فضاءات من الحساسية اللغويّة والانثيالات الشعوريّة التي تعكس الروح في كلمات.
* لماذا اخترتِ الشعر ميدانًا لإبراز ثقافتك؟
ـ لأنّ الشعر لا يمرض، ولا ينطفئ، ولا يموت ..! و لأنّ الشعر هو مجسّات الحياة وصانعها بحقيقة وجوده ووصفه وتعبيره ..! و لأنّ الشعر حاجة إنسانيّة بحتة.
* في هذا الحديث الممتع دعينا نرى قصيدة من كتاباتك تزين هذا المنبر؟
هل دارَ
في خلَدِ الطوفانِ
أنَّ هنا
موجاً تدلّى
على غصنِ اللماذاتِ
.
وأنَّ عمْرًا
كما النهرينِ
تاهَ هوىً
بينَ المُشاةِ
وأسرابِ المسافاتِ
.
هل دارَ
في خلَدِ الدنيا
بأنّ هنا
قلباً تشظّى
بما بينَ الهُنيهاتِ
.
وأنّ باقةَ أشواقي
التي ذبلتْ
من الحنينِ
سقتني
مُرَّ أبياتي
.
هل فوقَ حنجرةِ الزوّارِ
زغردةٌ
إلى اللجوءِ
لحضنٍ
من بكاءاتِ
.
ومن لهيبٍ
على جنحان نورسةٍ
تعلِّمُ الشطَّ
تحناني
لموجاتي
.
أنا التي انتثرت فوقي
ملائكةٌ
من الحروفِ
ومن بعضِ الذكاءاتِ
.
يفصّلون النوى
مقدارَ ما حملتْ
روحي
من الغربةِ الكبرى
بميقاتي
.
ويقرؤون
تميمات الرياحِ
على
ملامحِ التِّيهِ
في سرِّي
وإنصاتي
..
* بالساحة الأدبية الشعرية المليئة بالشعراء بمن تأثرت أمل؟ وهل هناك شاعر تشدك كتاباته؟
ـ لا مثل أعلى في الشعر، كلّ تجربة شعرية يتبلور ضوؤها و تفرض ذاتها هي ملاك التعايش الحسّيّ ومناط الاهتمام والمتابعة والتأثّر، ومع ذلك أسماءٌ كثيرة انتصرت بحرفها المختلف وتوغلّت في الذائقة.
* ختام حوارنا معك أمل الشاعرة والأستاذة كلمة لمن توجهينها؟
ـ شكرًا كثيرًا لانتخابكم لي لأكون محطّ اهتمامكم من خلال هذه الأسئلة، وأدعو الله لكم دوام التوفيق.