الأطفال ضحية محاكاة وتقليد ما يشاهدون عبر شاشات التلفزة والاجهزة الإلكترونية فهم لا يدركون خطورة وعواقب ما يحدث حولهم.. «شاهد الآن» الإلكترونية، استضافت مختصون في مجال الطفولة وحاورتهم حول أهمية التقليد والمحاكاة لدى الأطفال : فما هو التقليد والمحاكاة؟ ومن يقلد الطفل ولماذا؟ وكيف أوجه تقليد الطفل إيجابيًا؟.
ونبدأ حوارنا مع الأخصائية زهراء علي آل خليفة ـ مرشدة أسرية وباحثة اجتماعية بجمعية سيهات، وقالت : التقليد والمحاكاة هو سلوك متقدم يراقب الفرد ويكرر سلوك الآخر، هو كل مَن يُتخذ مثالًا يُقتدى بشخصه، وأُسوة يُحتذى بفعاله، وقائدًا يُسار على منواله، ورائدًا يترسَّم طريقه ومساره.
وقد عرَّفها الراغب الاصفهاني في المفردات فقال: “الأسوة والإسوة كالقدوة، وهي الحالة التي يكون الإنسان عليها في اتباع غيره إن حسنًا وإن قبيحًا، وإن سارًّا وإن ضارًّا، ولهذا قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]،
وأوضحت : يعتبر التقليد إحدى خصائص التربية فالطفل يأخذ السلوكيات والأفكار والقيم والمبادئ من خلال تقليده للآخرين، فهو يلتقط كل شاردة وواردة ويطبعها بذهنه، ويتفاعل مع الآخرين من خلال تقليد سلوكهم وحركاتهم، وعلى هذا الأساس يبرمج سلوكه وبيني اتجاهاته بنسبة 70 ه/ه عندما يصل إلى عمر السابعة بداية المحاكاة والتقليد عند الطفل.
وأشارت إلى يبدأ الطفل في المحاكاة من أولى أيامه فنلاحظ الطفل من الشهر الأول عندما تناغيه الأم أو المحيط الأسري فأنه يبدأ يحرك شفتيه أو أطرافه وحتى تبرز أسنانه يبدؤون بالتقليد الآني للكلمة (أو الكلمات) الأخيرة التي يقولها البالغ، كمثال على ذلك قد يقوم الطفل بنطق كلمة «يالله» أو هذا كأس بعد أن يسمع شخصًا ما يقول جملة «هذا كاس»، كما قد يقومون بمحاكاة طريقة تواصل أفراد الأسرة عن طريق تقليد الكلمات التي يستخدمونها وإيماءاتهم، وكمثال: سيقول الطفل «مع السلامة» بعد أن يسمع والده يقول «مع السلامة»، ويقول أندرو ميلتزوف «تظهر الدراسات الحالية أن تقليد حركات الجسم يبدأ في عمر مبكر جداً وهو عمر الولادة»، يحب الأطفال الصغار تقليد والديهم وتقديم المساعدة إذا ما استطاعوا.
وأوضحت: يتعلم الأطفال بين 12-36 شهرًا عن طريق الممارسة لا عن طريق المشاهدة والمراقبة وبالتالي فإنه من الجيد للمربي ونموذج القدوة الحسنة أن يقوم بالمهمات السهلة أمام الأطفال كلبس الجوارب وإمساك الملعقة وهكذا.
يبدأ الأطفال في عمر 30-36 شهرًا بتقليد والديهم حيث يتظاهرون بالتهيؤ للعمل وللمدرسة، وينشأ الطفل على تقليد الكبار من حوله حتى يكتسب العادات التي تصدر من الكبار حواليه أن خير فخير وأن شر فشر، و لاحظ أخصائي التطور النفسي “جين بايغت” أن الأطفال في مرحلة التطور المسماة المرحلة الحسية الحركية وهي (فترة قد تمتد حتى أول سنتين من عمر الطفل) يبدؤون بتقليد الأفعال التي يشاهدونها، وهذه المرحلة مهمة جدًا في تطور الطفل لأن الطفل يبدأ عندها بالتفكير الرمزي ويربط السلوكيات بالأفعال، وهذا ما يعد الطفل لتطوير تفكيره بشكل أكثر رمزية، كما ان التعلم بالتقليد يلعب دورًا حاسمًا في تطوير سلوكيات التواصل الإدراكي والاجتماعي مثل اللغة واللعب والانتباه المشترك، وتخدم المحاكاة أو التقليد كوظيفة اجتماعية وتعليمية لأن المهارات الجديدة والمعرفية يتم اكتسابها عن طريقها بالإضافة لتحسين مهارات التواصل من خلال التفاعل في التبادلات العاطفية والاجتماعية.
وقد اعتبر علماء التربية التقليد والمحاكاة من الوسائل الفعالة والتأثر الملحوظ.
ومضت تقول: أن التأثر الملحوظ هو من المربي الأول للطفل ويتمثل في الأب والأم.
أخطاء قاتله
وزادت : من الأخطاء القاتلة للطفل في هذا الجانب: أن نترك التلفاز هو الذي يرسم القدوات لأبنائنا بما يعرضه من أبطال أفلام الكرتون والمسلسلات، ومشاهير الأغاني الماجنة، ونجوم المقابلات الكروية، أو نجعل الشارع بزخمه النتن يبني في أنفسهم معالمًا لأتفه الناس وأحقرهم، ونحن من يشكل سلوك الطفل وعلينا لنظهر بنتائج إيجابية، وتوصيف السلوك الغير مرغوب فيه، وإعطاء الطفل الثقة بنفسه، ومراعاة الفروقات الفردية، ومراعاة ما يتناسب مع الزمن الاني، واحتواء الطفل عاطفيًا، واستخدام أسلوب التحفيز وكذلك العقاب حسب الموقف.
قصص تقليد ذهب ضحيتها الأطفال
وحكت أن القصص كثيرة في هذا المضمار فكم طفل راح ضحية المخدرات إذا اعتاد على تعاطي والده أو الغضب مثلًا فكم من الأحداث في دور الأحداث نتيجة حالة غضب من أين أخذها الحدث من الأبوين اكتسب سلوكيات وتربى وترعرع عليها كان لها الأثر على أصدقائه واوقعته في السجون، فحدثتني إحدى الأمهات بأن ولدها يقبع بالسجن سنة ونصف وذلك نتيجة تصرف والده مع صديقه الولد صنع ما صنع الأب مع صديقه.
البديل النافع
ومضت تقول: جلوس الوالدين والحديث مع الأطفال ومشاركتهم أنفع بديل لمكوث الطفل فترات طويلة أمام الشاشات بما يناسب الطفل وما يرغب فيه وليس ما يريده الآباء حتى ينتفع الطفل ويكتسب السلوكيات الصالحة، أريد طفل قارئ أنا كاب أو أم أقرأ مع طفلي وهكذا، أقرأ القرآن الكريم مع طفلي.
التوجيه الإيجابي لتقليد عند الطفل
ولتوجيه تقليد الطفل إيجابيًا علينا القيام بمشاهد إيجابية وسرد القصص القرآنية بأسلوب شيق يناسب الطفل ويناسب الوضع الحالي من تطور تكنلوجي حتى يكون ابلغ في الأثر.
وختمت حديثها : بما أن التقليد من الأمور المحببة لدى الأطفال وهو من الوسائل التربوية المحببة فعلى المربين أن يكونون قدوة صالحة وأن يطبقوا كل سلوك مرغوب يريدون أطفالهم فعله وتنمية فطرة الطفل البريئة المجبولة على صفات الكمال، كما يقول الرسول – صلى الله عليه واله – في حديث الفطرة «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه».
التقليد وسيلة للتعلم وطريقة للتفاعل
وننتقل لضيفتنا الثانية الخبيرة والإستشارية النفسية في مجال الطفولة الأستاذة كفاح بو علي لتحدثنا عن التقليد والمحاكاة من خلال خبرتها ودراستها في هذا المجال، وتقول: التقليد والمحاكاة بالمعنى الحرفي هو سلوك متقدم حيث يراقب الفرد ويكرر سلوك الآخر التقليد هو أيضاً شكل من أشكال التعلم الاجتماعي الذي يؤدي إلى تطور التقاليد و الحضارات كما يسمح بنقل السلوكيات والعادات وغيرها بين الأفراد و انتقالها إلى الأجيال دون الحاجة إلى النقل الوراثي.
وأضافت: يبرز التقليد عن الطفل والمحاكاة بنهاية عامه الأول، إذ يُعتبر التقليد وسيلة للتعلم و طريقة للتفاعل الاجتماعي مع المحيطين و المقربين، فالطفل يقلد كل شيء الأصوات و الكلام و الشخصيات و التصرفات و السلوكيات و حتى ردود الأفعال أو المواقف، أو قد يقلد صفات معينة، كما أنه يستمتع بتقليد أصوات الحيوانات وطريقة حركاتها و سلوكياتها، ومن خلال التقليد يستطيع الطفل اختبار عالمه وتجريبه، كما أن شخصياتهم تأخذ طابعها الخاص بعد تكرار التقليد و إضافة لمستهم الخاصة على ما يجدونه ممتعا و محببًا بالنسبة لهم.
الطفل يتأثر بوالدية في الدرجة الاولى
وأشارت إلى أن الطفل عادة يتأثر بوالديه في الدرجة الأولى ويقلد المحيطين به من المقربين خصوصا في سنوات عمره الأولى، فالطفل ليس لدية القدرة والمعرفة الكافية لاختيار ما يشاهده.
وزادت: الطفل قد يكون ضحية في حال لم يتم انتقاء البرامج المسموح له مشاهدتها و التي تتناسب و خصائصه العمرية و تتلاءم مع اهتماماته و احتياجاته، فكثير مما يُعرض على شاشات التلفزة و وسائل التواصل المتعددة لا يخضع للرقابة الدقيقة ولا التنقيح الدقيق كي يتناسب وطرحه على الأطفال، هذا من ناحية و من جهة أخرى الطفل ليس لديه القدرة و المعرفة الكافية لاختيار ما يمكن أن يشاهده و ما لا يمكن، فهو يتلقى كل ما يعرض عليه و يخزنه في ذاكرته و يترسخ في مخيلته و عليه تُبنى شخصيته سواء بشكل إيجابي أو سلبي، وهنا تكمن الخطورة حيث لا يظهر الأثر إلا على المدى البعيد، كما أن الأبوان هما المسؤولان عن كل ما يتعرض له الطفل و هما اللذان يقرران كيف ينشأ طفلهما، جهلهما أو استسلامهما له نتائج وخيمة و ضرر كبير قد لا يستطيعان تجاوز أثره مع تقدم الوقت، فالطفل يحتاج إلى ضوابط و حدود يتحرك ضمنها فهو كما ذكرنا سابقاً لا يستطيع تقدير المخاطر التي تحفه سواء في حركته أو تلقيه لأي معلومة أو صورة أو ما شابه، والطفل بطبيعته يميل إلى تحديد ما هو مسموح له و ما هو ممنوع منه، فالأمر لا يتطلب إلى وعي وادراك من المربين.
الأطفال هم الأولوية الأولى في برنامجنا اليومي
ومضت تقول :نحتاج أن نولي أطفالنا الوقت الكافي و الاهتمام اللازم حتى نستطيع أن نستمتع بتربيتهم وسوف تتدفق الأفكار حينما نمنح أطفالنا الحب و ننظر إليهم كأولوية أولى في برنامجنا اليومي، فهناك مصادر عدة يمكننا الاستعانة بها لإيجاد البدائل كالكتب و البحث عبر الشبكة العنكبوتية في مواقع معتبرة و موثوقة، كما أن تخصيص وقت للقراءة من أثمن الهدايا التي نقدمها لأبنائنا فهي ثروة ممتدة و لا متناهية، كذلك هناك نشاطات ممتعة لا عد لها ولا حصر من شأنها أن توطد العلاقة بين الأبناء وآبائهم و تصنع ذكريات لا تنسى بينهم.
أجمل ما في التربية
وزادت : أجمل ما في التربية أن المربي يحرص على أن يكون النموذج الأمثل و القدوة الأعلى لأطفاله وبهذا يراقب جميع تصرفاته و تحركاته و ينتبه لما يصدر منه من سلوكيات و هذا ما يحتاجه المربي ليستغل فترة تقليد طفله له، وأن يكون خير مثال ليكون طفله مرآة له.
وختمت حديثها بقول : أن الأطفال يتعلمون ما يعايشونه و يكتسبون القيم من خلال محاكاتهم و تقليديهم للكبار، فلنكن خير قدوة لأبنائنا بأفعالنا قبل أقوالنا.