أعتدت في جلوسي مع والدتي ( النيرة ) رحمها الله والمسلمين بالذات الساعة الثامنة والنصف صباحاً يوم الخميس حيث موعد برنامج د/ عبلة الكحلاوي في قناة الرسالة ، وكانت بمثابة الأم لكل من يسألها وتجيب بحنان بالغ لكل من يسألها ويبث مخاوفه وعن رأيها في موضوعه ، كانت تجيب بكلماتها العفوية ” سيبوا بكرة لصاحبه ” ! فكانت النيرة تبتسم وتقول فعلاً سيبي بكرة لصاحبه !! ، وهي تعني لا تقلق من المستقبل ،لأنه ببساطة غيب و ليس لديك عنه معلومات ، فكيف نصدر مشاعر كردات فعل تجاه مجهول لا تعرفه !!ولأن العقل منطقي فهو تبرمج على اخافتك من المجهول ولأنك أصلا تربيت عليه !!
لي صديقة كنز في كل شيء ، وفي الحقيقة أنا إذا تعثرت قليلا في الحياة ،اتجهت بعد الله لحساباتها دونما أكلمها ، وغالباً أجد ضالتي لديها ، قبل أسبوعان أرسلت لمجموعة من الصديقات تجربتها المنزلية مع مرضها وأسرتها وكيفية سارت أحداث خمسة أيام مظلمة ” حسب تعبيرها ” ، وكيف خلصت هي بالتجربة الجميلة لصالحها ، تقول لاحظت أن أطفالي الأربعة يتساقطون في غياهب المرض تباعاً ، ثم أبيهم ثم العاملة ، فكنت أرى نفسي الأم البطلة التي تحتضن وتطبطب عليهم وتوزع الحنان واللطف وتسهر 24 ساعة لأجل راحة الجميع ، وفي تمام الساعة الثالثة من اليوم الرابع فجر قذف الشيطان فكرة في رأسي ماذا لو سقطت في المرض من سيقوم بك ، من سيرعاك ، والالاف من ؟؟ التي جعلت مني ضحية فعليه ،حتى شعرت مع تمام الساعة السابعة أني فعلياً مرضت مثلهم ، تقول استمرت مع تعبهم وتعبي ارسل مع تطبيقات التوصيل للصيدليات لشراء المزيد من الأدوية وخافضات الحرارة والمسكنات والضمادات لتعثر ذهابي بالطاقم كله للمشفى ، علماً بأن المبالغ التي اقتني بها الأودية ومع شركات التوصيل غير طبيعية ، وكان صوت العقل يكرر علي الصحة ولا المال ؟؟ حتى وصلت بالجهاد والمرض لليلة الرابعة وبدأت في ازدياد الانهيار حتى جعلت لي كونتر مخصص بالصالة العلوية واخر بالصالة السفلية فيه جميع الأدوية وكافة الاحتياطات لكني تحولت من الأم الحنونة إلى ” أسد في عرينه ” أو جلاد بسيفه ، كنت أعاني من التعب الغير مبرر والآلام ، ومعها سوء في الأخلاق ، وصراخ على الصغار الممتنعون من تناول الأدوية ، وكنت أعتصر ألماً من المرض والضغط النفسي ، مع استمرار مسلسل شراء الأدوية كلما رأيت منتج جديد بتطبيقات الصيدليات، تقول لا أصف لكم كيف كرهت كل شيء حتى منزلي ، كانت تنطلق مني كثير خلال اليومين ( ما هذا الجحيم )!! ، كان يصاحب هذا العذاب أنني عندما اتصفح السناب أو غيرها ، كان ممتلئ بأخبار مخيفة ومحزنة ، وتصاعد في أرقام الوفيات ، حتى قنوات التدريب بالتلغرام امتلأت بأخبار طلب تقديم التعزية لعضوات المجموعات ، ولاتسل عن أخبار الرعب في قروبات الواتساب اب ،و تويتر وقررت فوراً مغادرة عوالم الأشباح لأنها ببساطة غذت الوحش الذي بداخلي ، طبعاً الكتب بجانبي وكنت أقوم علي الفور ابعادها لأرفف علوية لأن الوضع لا يسمح !!، تواصل سرد أحداث اليومين الرابع والخامس وكيف أنقلب واقعها لعالم ينبئ بإحكام الشر لا محالة ، وأنه لايوجد ثمة خير قط!!كان مع تلك الأحداث صراخي يزداد وتأففي أعلى ، وتعب الأطفال وأبيهم لم ينتهي !! حتى بعض رسائل الصديقات الحلوة الايجابية ، كنت احذفها فوراً !.
في ختام اليوم الخامس ، ومع استمرار الوضع ، شعرت بحاجة للنوم بمفردي ، لربما والاختلاء بنفسي ولو لنصف ساعة حتى أجمع قواي لإكمال مهمات الصراع مع المرض ، وذلك المنزل الذي لم أعد أطيقه ! ، حتى اهتديت أنا أفتح اليوتيوب ، ولكن ماذا أرغب بالمشاهدة ؟؟ هل هو عن التصالح مع الخوف أو الحزن أو الغضب أو ماذا ؟؟ ومع تقليب القنوات للمدربات بدأت أشعر بالصحوة المفاجئة ، وكأن ثمة هواء بارد دخل جوفي ، والرغبة بالنوم تحولت لحماس ، كنت مقررة فقط دقائق مشاهدة ثم الخلود للنوم ، لأستعيد نشاطي للأسرة وتقديم الخدمات التمريضية ، حتى جاءت الساعة الثانية ليلاً وأنا بحماس غير اعتيادي ، وقفزت للاطمئنان على الجميع، وجدتهم قد خلدوا للنوم بفضل الله ، فرجعت لنفسي ، فإذا العقل يقول أنت نسيت لألأمك ؟؟ فقررت حينها أن امنح نفسي مساحة من النوم مثلهم ، ولكن قبل ذلك أرفع جميع الأدوية بالكامل وارجاعها بالثلاجة ، وعقلي يكرر علي ماذا لو استيقظ أحدهم فور نومك طالبا للمساعدة ، مسافة حتى تفتحي الثلاجة وتمنحيه الدواء ، ومع ذلك أبلغته ، الأمر بحول الله يسير جداً بإذن الله .
استيقظت الصباح بعد نوم لذيذ كنت بحاجته وبشدة ، طبعاً عقلي أيقظ معي بعض وليس كل الآلام للبارحة باستدعاء ذكي مني ، لكني أخبرته بأن حالياً سأتركها قليلاً لممارسة جميلة لعدد من التقنيات .
تقول صديقتي بدأت أنفذ كل ما تعلمته خلال الساعات الثلاث للبارحة ، حتى شعرت بالهدوء الداخلي ، أحسست بتحسس أن الجميع بدأ فعلياً بالتعافي ، وبدأت أرى الألم بداخلي واتساءل هل هو حقيقي ؟؟ رويداً رويداً ، شعرت أن السبب فيما أنا فيه هو أفكاري المضطربة ، والتي ولدت لدي فوضى مشاعرية ، وانعكس ذلك لواقع مظلم ، استمريت أسبوع بعدها في التدريب والتعليم والقراءة ومصاحبة حسابات مشرقة حتى خرجت من تجربتي تلك بدروس جميلة ماكنت سأتعلمها لولا المرور بتلك الشديدة ، طبعا اتصلت عليها وضحكت كثيرا معها ، وأستئذنتها بنقل قصتها لكم
فعلياً أنا حصلت على درس حياتي جديد ومجاني وخلاصة أو عصارة حياتية من نوع فاخر ، وهو أن كل ما تمر به من أحداث أصلها فكرة أما أن تطورها وتصنع منها سعادة لك وتتشارك مع الآخرين ، أو تأخذك نحو ظلام الفقر والحرمان والمرض وغيرها من أشكال الظلام !!
لذا علينا العناية الفائقة بما نفكر به من خلال تطوير ذواتنا بالتعليم المستمر ، والتدريب لنحيا حياة كما نحلم بها .
في أحد الملتقيات للأعمال التطوعية أصرت أحد الزميلات بحضوري ولو نصف ساعة ، حاولت الاعتذار لكن اصرارها جعلني أتلطف بالحضور ، وكان في نفسي أقول عشرة دقائق وأنصرف ، لكن حدثت أشياء سعيدة جعلتني أنصرف بعد 4 ساعات ، المفاجأة الجميلة أن أحد ضيوف الملتقى من خارج الأحساء كانت تتحدث عن تجربة العمل التطوعي لها بعد التقاعد ، وعن تجربة خاصة حدثت لها اليوم بالذات ، فتقول كنت البارحة أمر بحمى شديدة وارتفاع مضطرد في الحرارة ، لدرجة الطبيب المناوب بلغني أن سأكون في غرفة الملاحظة أربع وعشرين ساعة ، وكنت أتحدث مع ابني عن لقاء الأحساء وكان هذا في تمام الساعة الثالثة فجراً ، فأبلغني ابني أن صباحاً أرسل للملتقى بالاعتذار لتعبي ! ، فقلت له لن أستعجل ، أنا داخلياً أشعر بالتحسن ، علماً بأن الطبيب يقرأ الحرارة ثامنة وثلاثون ونصف ، تقول بعدها التزمت الصمت وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً شعرت بالتحسن الكامل ، وطلبت من الطبيب الانصراف للمنزل ، وفي الطريق أخبرت ابني بأن يحجز لي تذكرة للقطار للأحساء ، وبدأ ابني بتكرار المحاولة لصرفي عن المجيء لكم ، لكنني أخبرته أن الله سيدبر الأمر ، وأن الموضوع أسلس بكثير مما يتصور ، وفعلاً أن الآن أمامكم أقف لأعرض ورقة عمل حقيقة عن الأثر السعيد للعمل التطوعي ، وأن الآن بتمام العافية ولله الحمد ، الجميع صفق بحرارة و وهتف لتحيتها ، وأخبرتنا بسر قبل رجوعها للدمام في تمام الساعة التاسعة والنصف مساء ، ألا وهو ( لاتدع نفسك تخذلك ، الكل يستطيع اختيار أن يكون سعيد بنكهته الخاصة ) المهم أن لاتقف واقفاً تبكي على الاطلال أو على اللبن المراق ، ثم تشبع روحك بالإسقاطات على من حولك بأنك غير محظوظ ، أو ليس لديك شفاعات أو غيرها ، السعي أول مراحل الاستمتاع بالحياة ” ولا تنس نصيبك من الدنيا “.
خذها مني يا صديقي ” أنت ليس شجرة ” أنت كيان بشري معجز خلقك الله وبوأك في الأرض لتكون خليفته ” إني جاعل في الأرض خليفة ” ، تحرك ، انطلق ، تعلم ، استمتع ، استفد ، تشارك الخير مع الغير .
سأختم بمقولة جميلة للدكتورة / أمل العودة لقلبي وقلبك افتتح به يومك ( يوم جديد وبداية جديدة نقطة لكل ما حدث بالأمس ، ومن أول السطر نقول للحياة أهلا وسهلاً ، افتح ذراعيك وقلبك للحياة ، وقل أهلا وسهلاً بالخير كله عاجله وآجله ما علمت منه ومالم أعلم ، هذا الصباح أصبحنا جميعنا بخير ، أنا بخير وأنت بخير ، والحمد الله يارب لنعمة استشعار الخير ” .
ودمتم جميعا بموجة خير تغمركم ومن تحبون .
كتابنا
> سيبي بكرة لصاحبه !
سيبي بكرة لصاحبه !
01/07/2020 11:24 ص
سيبي بكرة لصاحبه !
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/129418/
التعليقات 1
1 pings
زائر
01/07/2020 في 1:44 م[3] رابط التعليق
تجربة جميلة بعد عناء جعلت منها انسان مختلف
وفقك الله لما يحبه ويرضاه يا اختاه