الحمد الله الذي أباح لنا من التعامل كل معاملة مبنية على العدل والصدق والبيان وحرم علينا كل معاملة مبنية على الظلم والكذب والكتمان ونظم لنا طرق التعامل حتى كان ذلك النظام كفيلاً للتعايش بين الناس بالمحبة والألفة والرحمة.
صدر الأمر السامي الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بإنشاء لجنة وزارية تتولى الإشراف على البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، وتكون الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي مهمتها بناء مؤشر لقياس نسبة حالات اشتباه التستر التجاري وتحديثه بشكل دوري وفقًا لما يردها من بيانات من الجهات المعنية.
أن قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله يعكس مدى اهتمام القيادة الحكيمة وعنايتها بأمر مكافحة ظاهرة التستر التجاري، وهو ما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وحماية المجتمع من ممارسات وتصرفات التستر الضارة، وإيجاد بيئة تنافسية جاذبة للسعوديين تشجعهم على الاستثمار.
أن التستر التجاري مخالفة قانونية يقوم بها المواطن السعودي مع وافد أجنبي مقيم في المملكة ذلك مقابل حصول المواطن على نسبة من الربح، ويعرف حسب النظام هو كل شخص غير سعودي يعمل لحسابه الخاص بتمكين من السعودي أو المستثمر الأجنبي في نشاط محظور عليه سـواء كـان ذلك عن طـريق استعمال اسمه أو ترخيصه أو سجله التجـاري أو بأي طريقـة أخرى. التستر التجاري يتم بشكل أكبر في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بينما ينخفض في المشروعات الكبيرة، وهناك ثلاثة اركان لجريمة التستر التجاري، المتستر وهو الركن الأساسي والأول في جريمة التستر التجاري، بسبب أنه في حالة عدم توفر ذلك الركن ما قامت هذه الجريمة من الأساس، الركن الثاني هو المتستر عليه هو الذي يقوم بالاتفاق مع المتستر على استخدام السجل التجاري الخاص به، وذلك مقابل نسبة من الربح، ويكون شخص وافد أو مقيم في السعودية، والركن الثالث هو النشاط التجاري
أن المتستر شخص خائن لوطنه حيث قام بتقديم مصالحه الخاصة على المصلحة العامة للوطن ويسعى للالتفاف على أنظمة الدولة، مما أدى إلى ظهور الفساد والبطالة والاضرار عمداً بالاقتصاد الوطني، وذلك بسبب أن الاقتصاد هو عصب الحياة وأي ومحاولة للمساس به تمثل مساس بأمن الدول.
أن جريمة التستر التجاري هي السوس الذي ينخر في جسد الوطن، حيث لها من التأثير السلبي العميق على الاقتصاد فهي من جهة تمثل منافسة غير مشروعة للصناعات الصغيرة والمتوسطة مسببة لها الكثير من الخسائر، ناهيك عن الغش التجاري الذي يستخدم من خلاله لتحقيق أقصى درجات الربح ما يتسبب في تدمير لاقتصاد، حيث أن التستر التجاري والغش التجاري وجهان لعملة واحدة، كما أن خروج تلك الأموال يؤثر بالسلب على الاقتصاد، وهناك كثير من الجرائم المرتبطة ارتباط قوى بجريمة التستر التجاري مثل جريمة غسيل الأموال وتجارة المخدرات وتجارة البشر والإرهاب فالحركة الخفية لتلك الأموال يجعلها موردا مهما وآمنا لها.
أن العقوبات الجزائية لوحدها ليست العلاج الناجح، بل لابد من النظر أولا في مسببات ظهور وانتشار هذا الفعل المجرم فالأمر في علاج هذه الجريمة من شقين الأول مجتمعي والثاني قانوني، ويقوم الجانب المجتمعي من خلال العمل على تغيير بعض الأفكار الاجتماعية التي تعيق العمل في المجالات التجارية الصغيرة والمتوسطة والتشجيع على مزاولتها من حيث تغيير النظرة الاجتماعية لها، كما يقوم الجانب القانوني على ضرورة تحديث المنظومة التشريعية من خلال ادخال واجراء التعديلات التشريعية اللازمة وهذا ما يصب فيه الأمر السامي الكريم بإنشاء تلك اللجنة الوزارية وفق اعلى درجات ومعاير القياس بهدف قياس مدى توافق تلك الجهات الحكومية في تنفيذ رؤية المملكة العربية السعودية نحو اقتصاد مزدهر وهو أحد أهم أركان رؤية 2030.
بندر عبد الرزاق مال
باحث قانوني ومدرب قانوني معتمد
عضوية الهيئة السعودية للمحامين الانتساب الأكاديمي
عضوية جمعية الإنظمة السعودية جامعة الملك سعود
bander.abdulrazaq.mal@gmail.com