غلف الصمت قسم الإتصال والإعلام بجامعة الملك فيصل بعدما أسدل ليل الحزن ستائره السوداء ساد الوجع على الجميع! فارتعشت الأرواح من لفحة الموقف و بدأت ترانيم الحزن المبهمة بعد رحيل من كانت سهمًا في نجاح القسم الدكتورة سهام عبدالخالق
ذهبت للخالق وضاقت الدنيا علينا بما رحبت!!
بعد معرفتي بخبر رحيلها اتهمت اذناي بخيانة السمع ولم أصدق لوهلة ! حتى ازدحمت بالأوجاع و باتت عينيًا حطبًا، ودموعي لهيب وفؤادي موحش كبيت عنكبوت مهجور..
بعد نوبة بكاء قررت أن اكتب و أجبر أناملي المترهلة على رفس لوحة المفاتيح لتبث بين قضبان حروفي ذكرى ، و أي ذكرى يا ترى ؟
مع أنني أشعر ببرودة حارقة تسري بين أناملي فينتقل لهيبها إلى حروفي المتناثرة لترسم لوحة فنية بنكهة العزاء ! فعذرا إن جاءت كلماتي شحيحة قاصرة الفهم و المعنى فقامة من افتقدنا لا تجاريها المفردات ولا تدانيها حروف المعاجم ، فيكفينا فخراً أنها رحلت و تركت لنا وصية علمتنا فيها أن نجتهد ونعمل ونثابر ونصبح “إعلاميات المستقبل”
عجزت… و لعلي تقاعست و على حين غفلة مني … تناثرت حروفي تحتضر و تعتفر ، ساءلتها ؟ ما خطب حروفي و هل الخطب جلل ؟
ليس الموت ما يكدر صفو الحياة و ينهش ثنايا القلب بل العيش بلا هدف صاحبه يعد من الأموات …
نعم فقد كان هدفك جلياً جلاء الشمس في كبد السماء الصافية
من خلال مسيرتك بداية بالعمل بقسم الترجمة بإدارة العلاقات العامة والإعلام بالتلفزيون المصري، والعمل بإدارة الصحافة والمطبوعات التابعة لوزير الإعلام المصري، والعمل في مجال الترجمة الصحفية بمركز المعلومات بوزارة الإعلام المصرية، والعمل كرئيسة تحرير للنشرة الأخبار باللغة الإنجليزية بالتلفزيون المصري، ثم التدريس بقسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة المنوفية وختامًا بمحطة التدريس بكلية الآداب بجامعة الملك فيصل بالمملكة العربية السعودية ، رحمك الله يا فاضلة.
شذرات حروفك الندية لم تسكب على صفحات الكتب لتمحوها عوامل الزمن أو تُقبَر تحت ذرّات النسيان كما قبرت أنت تحت الثرى ، بل هي لمسة عطاء ممزوجة بنخب الإخلاص و النصح ، نعبق جميعنا شذاها و رحيق فوائدها بعقل و قلب هائمين في سماء الوجود .
كلماتك قناديل في عتمة الدجى ، و أزهار تعطر أرواحنا و عقولنا بشذاها الندية
ففي كل مادة علمية لكِ رشة عطر قد فاح منها أريج مسك تعبق برائحته الألباب قبل الأنوف.
محاضراتك المخملية ألحان شديه ستخلد على جدار الجامعة وتنساب لتطرز جوانب و أركان قسم الاعلام تلتهب عبيرًا فواحا فتهدي نفح ورد وخزامى .
وفي مثل هاته المواقف يجثم الألم برهة على مرافئ الرحيل و يمكث هنيهة على راحة الصمت وراء قضبان الآهات المسروقة …
يتألم القلم و يتسربل لباس الحزن و الأسى ليبوح منا هواجس بنكهة الكوابيس !
تئن الكلمات لرثائك وتختنق الحروف و تغفو متوشحة تراتيل الوداع على قارعة رصيف الأسى تسير بخطى متعثرة مُنهكة
تأسى النفوس لفقد عضو تدريس كان بالأمس معنا .
مع هذا و ذلك كله… سنعيش بذكرى ولون عطائك وكُتبك مراراً وتكراراً نقتطف منها همسا وديعا
سنبحر و ندعوا لك بحياتك الأخرى الذي اختارها لكِ المولى عز وجل
فرحمك الله و أسكنك فسيح جناته.
طالبتك وباحثتك التي كنتِ اول من شجعها يوما بخطى مرحلة الماجستير: يسرا خليفة الدحيلان.