من عام 1401هـ إلى عام 1403هـ ” الصف الرابع والخامس والسادس الابتدائي ” بإحدى القرى ببلاد بني مالك بمحافظة أضم ما زالتْ مادة التعبير في تلك السنوات الملهم الأول في إتقان اللغة العربية ، حيث الأستاذ الفاضل” أبو ذئب” – عافاه الله إن كان حيّاً ورحمه الله إن كان ميتاً- معلم اللغة العربية ذلك المعلم الذي ما زلتُ أتذكر موضوعات التعبير التي قدمها لنا وخصوصا الموضوعات الوظيفية، ” البرقيات ، الرسائل، محاضر الاجتماعات، …”
ليس المهم هنا ، لكن الأهم معرفتنا للنحو الوظيفي، في هذه المرحلة ، والذي عرفتُه لاحقاً في المرحلة الجامعية بعد مرور عشر سنوات .
ما أجمل مادة التعبير! وما أميز الأستاذ” أبا ذئب” ! يكمن هذا الجمال والتميّز في طريقة تدريس أستاذنا الفاضل ، وهو يَعْتَبرها الوعاء لكل ما يتعلمه الطالب في فروع اللغة العربية، كُنا نتسابق في فهم قواعد اللغة العربية مسمى إحدى مواد اللغة العربية آنذاك ، وقواعد الإملاء في مادة الإملاء .
لماذا نتسابق على فهم قواعد اللغة العربية وقواعد الإملاء ؟!
نتسابق حتى نجيد كتابة التعبير التحريري، ونتميز في الكتابة ؛ حتى لا نخالف قواعد النحو والإملاء عند الكتابة ، وكان أستاذنا الفاضل يتعمد أن يكون في موضوعات التعبير التحريري كلمات بها علامات إعراب فرعية مثل :” الواو ، ألف الاثنين ، الياء… ” في مثل جمع المذكر السالم أو المثني … ؛ لظهور علامات الإعراب في الكتابة والتي يقع الخطأ فيها من الكُتَّاب والمحررين والمتحدثين بكثرة .
وهكذا المجال التطبيقي لما تعلمنا في دروس القواعد، وبالتالي عرفنا النحو الوظيفي ، ثم إنّه كان يبادل ما كتبناه بيننا لنقوم بالتصحيح لبعضنا البعض مع ملاحظة وضع رموز للأخطاء النحوية والإملائية والأسلوبية مثلاً ” الخطأ النحوي يرمز له ب:ن وهكذا ” نضعها على الخطأ النحوي والإملائي والأسلوبي .
ما أشد حبنا لهذه المادة ! كنا ننتظر زمن حصتها بكل شغف ، ومرّت الأيام وتخرجنا من المرحلة الابتدائية ونحن نحمل رصيداً كبيراً من هذه المادة، وحباً وتقديراً لأستاذنا القدير الذي جعل اللغة العربية تقتحم عقولنا فهماً، وقلوبنا حباً وعشقاً، ونصطاد من بحرها دراً كامناً
أنا البحر في أحشائه الدر كامنٌ **** فهل ساءلوا الخواص عن صدفاتي
أجل لقد فعل هذا بتوظيف قواعد اللغة العربية نحواً، وصرفاً، وإملاءً، وأسلوباً في كتاباتنا ممارسة، وتطبيقاً بعيداً عن التنظير والجفاف في قواعد اللغة العربية ، وهنا أستشهد بما قاله عبد العليم إبراهيم في كتابه النحو الوظيفي ” وليست القواعد النحوية مجرد معلومات تفهم وتضاف إلى الذخيرة الذهنية من ألوان المعرفة ، ولكنها وسيلة إلى غاية ، هي وسيلة إلى استقامة اللسان على أساليب معينة ، وأنماط من النطق خاصة. فإذا لم تؤخذ هذه الوسيلة مأخذ التدريب المتصل والممارسة المتكررة ، فلن يستقيم اللسان ،ولن تجد هذه القوالب التعبيرية سبيلها إلى النطق، ومن ثم لا يكون للنحو أي مظهر من مظاهر الحياة ” .
فمعلم اللغة العربية يحمل مسؤولية كبيرة تجاه لغة القرآن فالتطبيق وتوظيفها في كتاباتنا وحديثنا وممارسة طلابنا كتابة وحديثا هو السبيل الأمثل إلى الفهم والإجادة .
فجزاك الله خيراً معلمي الفاضل.