تحدثت وكالة بلومبرغ في تقرير حديث لها عن وزير الطاقة، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، واصفة إياه بأنه أقوى رجل في سوق النفط، حيث اتخذ طوال الأشهر الماضية قرارات جريئة وخطوات حاسمة كان لها عظيم الأثر على الحفاظ على استقرار السوق في ظل الوباء وتداعياته المدمرة.
وقال التقرير: بالعودة إلى اجتماع فيينا في مارس من العام الماضي، حلقت طائرة بوينج 767 فوق البحر الأحمر، وتحولت شرقًا إلى المملكة، وكان بداخلها وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان وعشرات من مساعديه أو نحو ذلك في طريقهم إلى بلادهم من اجتماع صاخب في مقر أوبك في فيينا في اليوم السابق، وخلال معظم الرحلة، اتبعت الطائرة مسارها المتوقع فوق أوروبا الشرقية والبحر الأبيض المتوسط ومصر، وهو طريق قطعه الأمير عبدالعزيز عشرات المرات.
وتابع التقرير: لكن هذه الرحلة، في 7 مارس 2020، لم تكن كغيرها من الرحلات وكذلك ما حدث في اليوم التالي للرحلة.
وأضاف: كشفت القرارات التي اتخذها الأمير عبدالعزيز بن سلمان في الساعات الأربع والعشرين التالية عن سياسة نفطية سعودية جديدة أكثر جرأة، كما أنها عكست رؤية وزير الطاقة الذي سعى للتأكد من أن آخر برميل نفط على وجه الأرض يأتي من بئر سعودي، حيث قال في يونيو خلال حدث خاص نظمته شركة Bank of America Corp: سنكون آخر الرجال الصامدون، وسنعمل على إخراج كل جزيء من الهيدروكربون من نفطنا.
خطوات جريئة وحاسمة
وأضاف التقرير: يمكن النظر إلى الأمير عبدالعزيز بن سلمان اليوم باعتباره أهم شخص في سوق النفط، فقد اتخذ مرارًا وتكرارًا خطوات جريئة وناجحة للسيطرة على الأسواق وإدارة تدفق إمدادات النفط ودعم الأسعار.
وأردف: في وقت كانت فيه جميع الدول المنتجة للنفط تفكر في مصالحها الذاتية، اتخذ عبدالعزيز بن سلمان طريقًا آخر، حيث استغرق الأمر أسبوعين من الدبلوماسية وراء الكواليس لحل هذا المأزق، وفي نهاية المطاف أبرم صفقة شارك فيها الجميع، وقال للصحفيين بعد الاجتماع: بناء الإجماع فن، لكنه امتنع عن الخوض في التفاصيل قائلًا: “لماذا أفشيها؟ هذا فن ونحتفظ به بيننا، نحن نسميه سر دولة.
وقال تقرير بلومبرغ: بالعودة إلى خط مسار الطائرة، فإن بوينج 767 اتخذت انعطافًا مفاجئًا إلى الظهران، مقر شركة أرامكو، كان مدفوعًا بما حدث في اليوم السابق في فيينا، حيث فضلت موسكو تجنب خفض الإنتاج واتباع نهج الانتظار والترقب، وقد أرادت الرياض خفض الإنتاج على الفور ذلك لأنها من خلال ارتباطهم بالمصافي في جميع أنحاء العالم، أدرك السعوديون في وقت مبكر أن تفشي كوفيد-19 سيؤدي إلى فوضى اقتصادية، وأرادوا منع حدوث انهيار في أسعار النفط.
وأضاف التقرير: على مر السنين، أصبح السعوديون يعتقدون أنهم يجب أن يتصرفوا دائمًا بالتنسيق مع منتجي النفط الآخرين، لكن الأمير عبدالعزيز بن سلمان قرر حينها تعليق هذه القاعدة لفترة قصيرة فقط، وذلك لإثبات أن السعودية مسؤولة عن إدارة سوق النفط، ولتلقين روسيا التي تعتمد على عائدات النفط درسًا، فبمجرد دخوله المبنى الإداري الرئيسي لشركة أرامكو، فعل عبدالعزيز شيئًا صادمًا حيث أمر أكبر شركة طاقة في العالم بزيادة الإنتاج إلى أقصى المستويات.
وبالنسبة لأسواق الطاقة، كان هذا يعادل الضربة النووية الأولى، حيث تم ضخ كميات ضخمة في السوق، وخفضت أرامكو سعر نفطها، وقدمت لمصافي التكرير أكبر الخصومات على الإطلاق، وكانت التخفيضات في الأسعار كبيرة بشكل خاص بالنسبة لمصافي النفط الأوروبية، مما أصاب السوق الروسية التقليدية بشكل أكبر، ليس هذا فحسب، بل إن الذعر ساد أيضًا البيت الأبيض، حيث تفاجأت وكالة المخابرات المركزية والدبلوماسيين الأمريكيين بالقرار.
وبقدر ما كان هذا السيناريو محفوفًا بالمخاطر إلا أنه حقق تمامًا ما أراده الأمير عبدالعزيز بن سلمان وهو خلق قدر كافٍ من الألم لجذب الجميع إلى طاولة المفاوضات بسرعة، وبالفعل، فإنه في نهاية المطاف، اتفقت جميع الدول المنتجة للنفط على سياسة واحدة.
واختتم التقرير قائلًا: أدى انتعاش الطلب بالفعل إلى ارتفاع أسعار النفط الخام إلى نحو 70 دولارًا للبرميل هذا العام، وذلك بفضل مناورات الأمير عبدالعزيز بن سلمان الدبلوماسية.