المستشار الأسري بجمعية التنمية الأسرية بالأحساء
إن محبة الوطن طبيعة طبع الله عليها النفوس ، وحب الوطن يقره الشرع ويفرضه الواقع ، وهو ذلك الإحساس الخفي الذي يحركنا للتعلق به، والاحساس بالانتماء إليه مهما بعدت بنا المسافات، وهو شعور فطري ينمو ويكبر مع تقدمنا بالعمر، فلماذا الوطن ؟
الوطن هو أبي وأمي وإخوتي وعائلتي وذلك البيت الصغير الذي تربيت فيه مع إخواني ، الوطن ذلك المسجد الذي كنت أصلي فيه مع جيراني وأصدقائي ، الوطن هي تلك المدرسة التي تعلمت فيها الأدب والخلق والعلم مع زملائي وأساتذتي ، الوطن هو ذلك السوق والمطار وتلك الحديقة وذلك الملعب وأي مؤسسة كنت أستفيد منها وأشتري منها ألعابي واحتياجاتي ، الوطن هو رجل الأمن الذي يسهر على راحتي ويحافظ على أولادي من الدخلاء والغرباء ، الوطن هو ذلك العالم والأستاذ والدكتور والشيخ الذين أتعلم منهم وأرتقي بعلمهم نحو القمم ، الوطن ذلك الأمير والملك الذي يحكمني وينصرني ويأخذ حقي من الظالمين .
الوطن ليس شعر يلقى ، ولا كلمات تغنى ، الوطن هو أنا وأنت هي لحظاتنا الجميلة التي عشناها مع أحبابنا وأصدقائنا …. فكيف نرضى لأنفسنا أن نسمح للحاقدين أن يتطاولوا عليه ؟
لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة من مكة ، وعندما بلغ الجحفة اشتاق إلى موطنه ومكان مولده ومولد آبائه فأنزل الله ( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد ) أي إلى مكة ثم قال مخاطبا موطنه وبلده ” ما أطيبك من بلد وما أحبك إليّ ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك ” .
لذا علينا أن نعلم أولادنا أن علينا واجبات كبيرة نحو بلادنا ووطننا ومنها :
حمايته والحفاظ عليه من أي مكروه أو خطر أو عدوان خارجي أو داخلي ، الحفاظ على مرافقه ومؤسساته وعدم إهمالها ، النصح والإرشاد للمواطنين وغيرهم بالحفاظ على الوطن وحمايته ، المساهمة في خدمة المجتمع من خلال المشاركة في المبادرات المجتمعية والتي تعنى بنظافته وإعماره وتطويره ، الحفاظ على أمن الدولة وكف الأذى عن أعراض ودماء وأموال المواطنين وغيرهم ممن يسكنون هذا الوطن ، السمع والطاعة لولي الأمر في المنشط والمكره ، احترام القوانين والنظم وعدم مخالفتها والدعوة إلى تطبيقها ، التصدي للمخربين والكارهين والمعادين للوطن وخاصة في الانترنت والتطبيقات الالكترونية وعدم التعاون معهم بل ومقاطعتهم .
علينا أن نعلم أولادنا أن الأمن لا يأتي إلا بالحفاظ على الوطن ، وأن نعمة الأمن من أفضل النعم التي من الله عليها على عباده ، وأن انعدام الأمن لا يحقق استقرار أو تنمية أو ازدهار للمجتمع .
قد يتحمل الإنسان الفقر والجوع والعطش لكنه لا يمكن أن يعيش في وطن غاب عنه الأمن قال تعالى ( رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات ) .
علينا ان نعلم أولادنا أن انعدام الأمن في الوطن يجعلنا لا نستطيع ممارسة حياتنا بشكل طبيعي كالدراسة والوظيفة والسوق والصلاة في المسجد ، وأن انعدام الأمن ينشر الخوف والعنف والجرائم وتتأخر المشروعات التنموية في المجتمع .
قال صلى الله عليه وسلم ” من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا ” وقال تعالى ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ) .
إن أمن الوطن ليس كلمة تقال بل هو أمل ينشده الكثيرون في العديد من دول العالم ، ونحن ولله الحمد والمنة نعيش في وطننا ونحن مطمئنون على أرواحنا وأموالنا وأولادنا ولا نملك إلا أن نرفع أكف الضراعة بأن يحفظ الله وطننا من شر الأشرار وكيد الفجار وأن يؤيد بالحق ولاة أمرنا وأن ينصرهم على من بغى عليهم وأن يحفظ جنودنا الذين يقفون صفا واحدا على حدودنا ليحمونا من الأعداء والأشرار حتى ننعم جميعا في أمن وآمان .