دَعْنِي أُدَبِّجُ لِلتَّارِيخِ عُنْوَانِي
وَأَنْقُشُ الْفَخْرَ فِي صَخْرٍ وَجُدْرَانِ
وَأُلْهِمُ الْمَجْدَ فَجْرًا كَيْ يُشَابِهَنِي
وَتَسْتَعِيُر شُمُوسٌ بَعْضَ لَمْعَانِي
فَإِنَّنِي مِنْ دِيَارٍ عِزُّهَا لُغَةٌ
وَمَا ثَرَاهَا سِوَى مِسْكٍ وَمَرْجَانِ
وَكُلُّ فَرْدٍ بِهَا دُرٌّ وَكَوْكَبَةٌ
كُلُّ الرُّؤُوسِ تَرَاهَا ذَاتَ تِيجَانِ
كُلٌّ يَمُدُّ يَدًا بِالْوَعْيِ يَنْسُجُهُ
بَدَا نَسِيجًا عَلَى حُسْنٍ وَإِتْقَانِ
فَلِلرِّجَالِ أَكُفٌّ فِي مَغَارِسِهِ
وَكَمْ تُرَوِّي غُصُونًا كَفُّ نِسْوَانِ
فِي مَوْطِنِ الْعِزِّ لَا شَيْءٌ يُذَلِّلُنِي
وَمَا خَضَعْتُ سِوَى للهِ ذِي شَانِ
لِقَادَتِي قَدْ مَدَدْتُ الْكَفَّ فِي ثِقَةٍ
مُبَايِعًا فِي تَمَامٍ غَيْرِ نُقْصَانِ
أُحِبُّهُمْ غَيْرَ أَنِّي لَسْتُ أُبْصِرُهُمْ
إِلَّا بِنَظَرَةِ وِدٍّ مِلْئِ وِجْدَانِي
وَطَاعَةٍ لَسْتُ أَرْضَى مَنْ يَخِلُّ بِهَا
وَكَيْفَ أَرْضَى بِخَدْشٍ عِنْدَ بُنْيَانِي
وَسَائِلٌ يَسْأَلُ الْأَفْلَاكَ عَنْ صِفَتِي
لَمَّا رأَى فِي ضِيَاءٍ الْكَوْنِ أَلْحَانِي
وَأَبْهَرَتْهُ صِفَاتِي فِي مَشَاعِلِهَا
وَأَدْهَشَتْهُ مَجَرَّاتِي وَأَكْوَانِي
مُحَمَّدٌ فِي جَنَاحِ الْبِرِّ مَحْمَدَتِي
وَمَا بَنَيْتُ سِوَى بِالْحَمْدِ أَرْكَانِي
أَتَجْهَلُ الشَّمْسُ ظِلِّي فِي مَلَامِحِهَا؟
فَسَائِلِ الْكَوْنَ إِنَّي (ابْنُ سَلْمَانِ)
فَإِنَّهُ الشَّهْمُ شَمٌّ تَحْتَهُ قِمَمٌ
رِوَايَةُ الْمَجْدِ تُرْوَى عَبْرَ أَزْمَانِ
لَقَدْ نَقَشْتَ عَلَى التَّارِيخِ مَلْحَمَةً
جَدَّدْتَ لِلدَّارِ رُوحًا بَعْدَ أَبْدَانِ
فِي رُؤْيَةِ الْخَيْرِ لِلْأَغْصَانِ أُغْنِيَةٌ
وَلِلْأَمَاكِنِ بَوْحٌ مِثْلُ رِيحَانِ
لَهَا ظِلَالٌ وَإِنْ غَارَتْ لَهَا وَهَجٌ
يَلُفُّها مِثْلُ غَيْمٍ أَوْ كَهَتَّانِ
يُسَافِرُ الْحُلْمُ فِيهَا فِي مَوَاكِبِهِ
كَأَنَّهُ فِي قِطَارٍ دُونَ قُضْبَانِ
فَلِلزَّمَانِ مَكَانٌ فِي مَسِيرَتِهِ
وَلِلْمَكَانِ زَمَانٌ بَيْنَ أَزْمَانِ
فِي ظِلِّهِ وَاحَةٌ بَحْرٌ وَأَوْدِيَةٌ
تَرَى الْجِبَالَ تُغَنِّي عِنْدَ شُطْآنِ
حَتَّى الصَّحَارِي لَهَا فِي ظِلِّهِ مَطَرٌ
وَبَهْجَةٌ تَرْتَدِي أَثْوَابَ غُدْرَانِ
فَمَا أَقُول ؟ فَقَوْلِي لَا يُوازِنُهُ
تَصَاغَرَ الْمَدْحُ مِنْ نَثْرٍ وَأَوْزَانِ
لَقَدْ شَرُفْتُ بِأَنِّي تَحْتَ رَايِتِهِ
وَفِي ظِلَالِ نَخِيلٍ كَانَ عُنْوَانِي
وَأَنَّنِي مِنْ نُجُومٍ فِي مَجَرَّتِهِ
وَأَنَّنِي بِذْرَةٌ مِنْ بَيْنَ أَغْصَانِ
قَدْ أَنْجَبَ الْحُبُّ أَشْعَارِي وَقَافِيَتِي
وَسَطَّرَ الْعِشْقُ فِي عَيْنَيْهِ دِيوَانِي
فَلَا تَلُمْنِي إِذَا الْأَشْعَارُ بَاهِتَةٌ
فَهَلْ تُطِيقُ ضِيَاءَ الشَّمْسِ عَيْنَانِ؟