التقيت في حياتي، وفي عقودي الست التي عشتها حتى الآن ، عشرات بل مئات البشر، وكونت من الصداقات ما لله به عليم، وعرفت عن البشر صفات بقدر فهمي، جبت بلاد العالم من أقصاها لأدناها، زاملت جنسي البشر “ذكورا وإناث”، فمنهم الصديق الدائم الذي أخذ حيزا في قلبي، ومنهم من هو في حدود مدة بصري التقينا وافترقنا دون أن يترك أحد منّا أثرا على الآخر.
وفي بلاد “العم سام” رغم اختلاف السير الاجتماعي لحياة الفرد والمجموعات، ألا إن مواطني بلادي كونوا مجموعات أخوية مبنية على الصداقة والمواطنة الحقة، ومثل كل مجتمع دائما هناك الغث والسمين والطيب والبطال، وخلال مشواري الممتد لأكثر من ألفي يوما من عمري في هذه البلاد، لم التقى في طريقي سوى نذر يسير جدا من البشر المتطفلين، ومع الأسف من صادفته كأخر الأشخاص من هذا النوع جرني إلى غير العادة فاضطررت للرد عليه في مكان عام وأمام الملأ
فكان ردي باختلاف اللفظ والصياغة كان يندرج تحت الحديث الذي رواه أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وقَالَ: حَسَنٌ انتهى الحديث، فكان ردي بقدر أساءته
وفي هذا الحديث جوامع الكلم علمنا بها سيد البشر عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وهذا بالطبع من معالم النجاة للبشر، وعنصر من عناصر حسن إسلام الإنسان، فهو جمع معاني عظيمه، ويمنح الإنسان فوائد عديدة يجب أن يسير عليها في حياته ويترك الفضول وآذى مشاعر الآخرين
وفي هذا يتضح أن الناس قسمان كما أسلفت، وكما جاء في الحديث أن من البشر من حسن دينه، ومنهم من أساء فهمه لأمر دينه، فالدين ينهى الإنسان التدخل فيما لا يعنيه، فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، إياك أعني واسمعي يا جارة