إن الحق في الحياة في الشريعة الإسلامية وفي الديانات كافة حق مقدس يستند إلى تكريم الإنسان حيث هذا الحق مقدس ومحفوظ من كل اعتداء يمكن أن يقع عليه وحياة الإنسان هبة من الخالق فلا يحق لأي أحد غيره سبحانه وتعالى أن يتصرف في هذه الحياة.
ولكن في الواقع قد تمر حياة الانسان بأمور وظروف صعبة مثلاً عندما يُصاب الإنسان بأمراض مستعصية وتصل به إلى حالة العجز من ممارسة حياته أو اليأس من الشفاء وقد يرافق ذلك آلام مبرحة قد لا يستطيع الإنسان تحملها وهذا الواقع طرح مسألة القتل الرحيم التي باتت من القضايا المختلف عليها في العالم من ناحية شرعيتها ومحاولة تبريرها دينيًا وقانونيًا.
نظرة الشريعة الإسلامية للقتل الرحيم :
أن الشريعة الاسلامية منذ البداية كانت تحرمه ومازالت في موقف الرفض والتحريم لهذا الموضوع ويعد القتل الرحيم قتل عمدي إلا أن هناك صراع عالمياً في اوروبا وامريكا وغيرها من دول العالم بين مؤيدين ومعارضين لإقرار قوانين تسمح بذلك اما في بعض قوانين العربية هناك من يتعامل مع هذه المسألة بعقوبات مخففه كالقانون السوري والاماراتي أي قد تخفف الاحكام القضائية على القاتل بالنظر الى الباعث لفعل هذه الجريمة.
ظهور فكرة القتل الرحيم :
إن فكرة القتل الرحيم ظهرت في المجتمع الغربي ونُسبت إلى الفيلسوف الإنجليزي، فرانسيس بيكون وذلك في بداية القرن السابع عشر والقتل الرحيم تعبير يوناني الأصل ويعني الموت الجيد أو الموت اليسير أو الموت الكريم.
والمقصود بالقتل الرحيم هو تسهيل موت شخص ما يعاني من أمراض ميؤوس منها ولا يرجى شفاؤه منها فيقوم الطبيب أو غيره بهذا القتل بدافع الرحمة والشفقة سلبياً أو إيجابياً لإراحة المريض من آلامه المبرحة من مرض لا يرجى الشفاء منه بطلب من المريض نفسه أو أقاربه وقد يكون من دون طلب.
اسباب القتل الرحيم :
1- قد يكون بإرادة المريض نفسه وذلك للتخلص من الآلام الجسدية والنفسية.
2- إرادة أقاربه فقد يكون المريض يشكل عبء عليهم أو بسبب التصدع الاسري.
3- لأسباب اقتصادية كالفقرأو عدم وجود أجهزة طبية كافية.
4- بسبب سماح الدول للأطباء بالقتل الرحيم وذلك عن طريق وجود قوانين وفتح مؤسسات طبية.
الصور التي تستدعي القتل الرحيم :
1- الميت دماغيًا : ان تكون جميع وظائف الدماغ قد توقفت وقد يكون بقاء المريض في غيبوبة يشكل حملاً ثقيلاً على اسرته فيتم في هذه الحالة اللجوء إلى القتل الرحيم, اما في الشريعة الإسلامية هناك خلاف فقهي كبير بخصوص إزالة الأجهزة عن المتوفى دماغيا وقد جاء في آخر قرار للمجمع الفقهي عدم جواز ذلك.
2- الإجهاض : تعمد إنهاء حالة الحمل بقتل الجنين وذلك بإخراجه من الرحم قبل الموعد الطبيعي المحدد لولادته بدون أي سبب مشروع كأن يكون بقاؤه يشكل خطراً على حياة الأم أو لأسباب أخرى كحمل سفاح أو بسبب وجود تشوهات للجنين والنظام السعودي جرم الإجهاض حتى لو ثبت إن الجنين مصاب بإعاقة دائمة مثل الشلل أو متلازمة الداون.
3- بصورة المساعدة على الانتحار: قد يكون من الصعب على الشخص إنهاء حياته بنفسه فيقوم الجاني بتقديم مشوره أو الوسائل الضرورية لمساعدة هذا على إنهاء حياته ونهت الشريعة الإسلامية عن الانتحار بشتى صوره واشكاله ويكون من باشر هذه الجريمة هو المنتحر والمتسبب هو الذي قدم الوسائل والأدوات مثلاً إعطاء المنتحر سم أو حبل كي يشنق نفسه أو أي أداة أو وسيلة اُخرى.
موقف التشريعات العربية والغربية من القتل الرحيم :
1- توجد انظمة وتعليمات الطبية التي لا تسمح بالقتل الرحيم ومنها :
المملكة العربية السعودية : حيث نصت المادة 19 نظام مزاولة المهن الصحية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (59) بتاريخ 04/11/1426هـ عن وزارة الصحة (لا يجوز بأي حال من الأحوال إنهاء حياة مريض ميؤوس شفاؤه طبياً ولو كان بناء على طلبه أو طلب ذويه).
دولة الجزائر : حيث نصت المادة 239 من قانون الصحة الجزائري (المتابعة الجزائية لأي طبيب أو جراح أو صيدلي أو مساعد طبي،على كل تقصير أو خطأ مهني يرتكبه،خلال ممارسة مهامه أو بمناسبة القيام بها،و يلحق ضررا بالسلامة البدنية لأحد الأشخاص أو بصحته ، أو يحدث له عجزا مستديما،أو يعرض حياته للخطر أو يتسبب في وفاته).
2- انظمة وضعت عقوبات مخففه ومنها:
دولة سوريا : المادة 538 من قانون العقوبات السوري (الاعتقال من ثلاث الى عشر سنوات من قتل انسانًا قصدًا بعامل الاشفاق بناءً على الحاحه بالطلب).
الامارات العربية المتحدة : المادة 9 من قانون المسؤولية الطبية الإماراتي (لا يجوز إنهاء حياة المريض أيا كان السبب، ولو بناء على طلبه أو طلب الولي أو الوصي عليه) ونصت المادة 30 من نفس النظام (مع عدم الاخلال بأحكام الشريعة الإسلامية يعاقب بالسجن لمدة لا تقل عن 10 سنوات لمن يخالف حكم المادة 9).
3- الأنظمة التي تبيح القتل الرحيم ومنها :
هولندا : تعد من أوائل الدول التي شرعت القتل الرحيم في حالات امراض ميؤوس شفاؤها حيث أصدرت بعام 2001 قانون تجيز الموت الرحيم.
بلجيكا : تعد أيضًا من أوائل الدول التي تجيز الموت الرحيم وصدرت قانونها بعام 2002م.
انتشرت في السنوات الأخيرة فكرة القتل الرحيم وهي مشكلة خطيرة لانها تتعلق بحياة الانسان حيث يرى البعض إن القتل الرحيم حرية ويعطي الحق للطبيب أو غيره في إنهاء حياة شخص برضاه وفي بعض الأحيان يكون دون رضاه وينهي حياة اشخاص يرى من وجهة نظره أن الموت المريح أفضل لهم وينهي حياة أرواح ربما كتب لهم العيش والشفاء من أمراضهم وظهرت دعاة ومنظمات يطالبون به.
كما أن للطبيب صورة رائعة في أذهان الناس حيث يتم تشبيهه بالملاك الأبيض الذي يقدم الشفاء والراحة والأمل ويخفف من أوجاع المرضى وآلامهم فليس من المقبول ان تتحول يد هذا الملاك إلى يد التي تنهي حياة الانسان.
كتابنا
> القتل الرحيم
القتل الرحيم
28/03/2022 12:21 م
القتل الرحيم
لا يوجد وسوم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://shahdnow.sa/183669/