تُمثّل الأحساء مشهدًا ثقافيًا مُتجدّدًا عبر تاريخ امتدَّ لأكثر من 6000 سنة، بسبب وفرة مياهها وخُصوبة أراضيها، وطالما كان الرجل الأحسائي متميزًا من قِدَمِ الأزل في عدة جوانب ومجالات في مدرسة الحياة؛ فمنهم الشيخ الفقيه والطبيب الماهر والأستاذ الحاذق والإعلامي الناجح والقائد الفذ والمحامي البارع والشاعر الهمام. يكفي شرفاً ما قاله رسوله الله صلى الله عليه وسلم للأشج بن عبد القيس عندما قدم للمبايعة: “إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله : الحلم، والأناة”؛ فالرجل الأحسائي.. أخلاقه هي علامته، وهيبتُهُ هي سِمَتُه، وحِلمهُ وأناته هما ميزتُه؛ فهنيئا له هذه الصفات الزكية.
الأحساء قد سكن بها لفترة الأمير خالد الفيصل، وغازي القصيبي، وعلي النعيمي.إن أردت الفقيه فهو ال مبارك الشيخ قيس ، وإذا أردت الشاعر فهو الصحيّح جاسم والعوض خالد، وإن أردت الفنان فهو الصقر رابح والصالح ناصر، وإن أردت الإعلامي فهو المشعل علي، وإن أردت الرياضي فهو السهلاوي محمد، وإن أردت الفنان التشكيلي و الروائي فهو المغلوث أحمد ،وإن أردت المحامي الحاذق فهو الجبر يوسف ، وإن أردت الكاتب المبدع فهو المغلوث عبدالله ، وإن أردت أهل التجارة فعائلة الجبر ،وإن أردت الطبيب فهو العبد العالي محمد والعبدالقادر عبدالله فالأحساء بيئةٌ ولادة للمبدعين في جميع الفنون والمجالات.
وإن أردنا التحدث عن مواردها ففيها خير ثروات الأرض؛ فعلى أرضها نخيلٌ باسقات وعيونٌ جاريات وثمار يانعات وفواكه وخضروات ، وإن سألت عن أرضها ففيها المعادن والبترول والغاز والحقول العظيمات؛ إذ يوجد في محافظة الأحساء أكبر حقل نفط في العالم، يبلغ اتساعه 280 في 30 كلم. وفي عام 2019م اختيرت الأحساء عاصمةً للسياحة العربية؛ ولا أنسى الفرحة التي غمرتني بتقديم الحفل التكريمي لها بحضور أصحاب السمو الأمراء والوجهاء وممثلي القطاعات على مستوى الوطن العربي.
تمرُها حلوى اللقاءات وأنيسُ الأحاديث، هي القصيدة المغنّاةُ في عرس النخيل؛ فقد قال فيها الدكتور غازي القصيبي:
“أمَّ النخيل!… هبيني نخلةً ذَبُلتْ هل ينبتُ النخلُ غضًّا بعد أن ذَبـُلا؟”
وقال عنها ابنها الشاعر جاسم الصحيح متغنيا بها:
“إذا متُّ والأحساء في عزِّ بَرْدِها فدُسُّوا رفاتي في مواقدها فحما”
ختاماً: يكفينا شرفاً ما قاله أمير منطقتها بأنها أرض الحضارات؛ فهذهِ هي الأحساء لمن لا يعرفها!