“أعتذر لقرائي الأعزاء -ممّن يهتمون- أني سأعيشّهم (الجو) الّذي أعيشه الآن، أمّا أولئك الذين لا يهمهم الأمر فلا أنصحهم بالمواصلة، وتضييع أوقاتهم فيما قد لا يفيدهم”
يا صديقي:
سؤال بحجم الرحمات التي تحويها قلوب الأمهات، للجادّين فقط، لكلّ إنسان لازال ينعم بالعيش مع والديه، أو أحدهما:
ماذا لو خُيّرت مابين منصب/ وظيفة/ مشروع ينأى بك عن مقر سكن والديك، أحدهما أو كلاهما، مما يستوجب معه أن تقضي أيام/ ليالي/ أشهر/ أعوام، بعيداً عنهما، وبين أن تبقى ملازماً لها/ لهما ؟!
أيهما هو الخيار الأفضل ، الأرحم ، الأقرب إلى قلبك ؟!
اسمح لي أن نعيد السؤال بصيغةٍ أخرى، أكثر دقّة:
سؤال بحجم الألم الذي يحويه قلب أم نأى عنها فلذّة كبدها، للجادين فقط، لكلّ إنسان فقد أمه، أو أباه، أو كليهما:
لو استقبلت من أمرك ما استدبرت، وأُشرعتِ الخيارات أمامك، مابين ما تقدّم أعلاه من مغريات الدنيا، وما بين حضنٍ يؤيك، ودعواتٍ تصحبك وتصبّحك، ورحمات تلازمك وتمسّيك، أيّهما كنت ستختار ؟!
أي : هل كنتَ ستبيع كلّ ما تقدّم، مقابل أن تكون بقرب أمّك ؟!
أو : هل كنت ستشتري ساعة قرب أمّك، مقابل مئات الساعات/ الأيام، بعيداً عنها ؟!
هذه هي الأسئلة –وغيرها الكثير– ماانفكّت تلازمني منذ أول يومٍ في العزاء، وحتّى الساعة، ولربّما حتّى تحين ساعتي !
تُرى لو رضيتُ بالاستمرار في تلك الوظيفة البسيطة في مسقط الرأس، مقابل أن أبقى بجوار أميّ، أليس كان من الأفضل أن أفعل ذلك ؟!
ماذا أضاف طموحي إلى حياتي ؟!
لماذا فضّلتُ أن أبقى جوار (قلب الأرض)، على أن أبقى جوار (قلب أمّي) ؟!
لماذا لم أشعر باليُتم رغم أنني فقدتُ أبي –يرحمه الله- منذ الصغر ؟!
لماذا لم أشعر به إلا بعد أن تخطيتُ عتبة السادسة والخمسين، أمثّل دور الأب اليتيم ؟!
هل سمعتَ بهذا الوصف من قبل ؟!
هل لأن الوالدة –يرحمها الله- قامتْ بدور الأمّ والأب معاً ؟
وبعد أن جلتُ بك في (براكين) التساؤلات، اسمح لي أن أعرّج بك على حدائق (الأمنيات):
هل من الممكن أن يعود الزمنُ للوراء ؟!
تُرى هل من الممكن أن يُباع –فيما لو عاد للوراء- فأشتريه ؟!
ليت شِعري يكون ذلك ..
ألا (زمـــــنٌ) يــبــــاع فــأشــتــــريـه * * * فـهــــذا الــــعيشُ مـــــا لا خيـــر فيــــه
ألا رحـــــــم الــمهيــــــمنُ نفـسَ حُـرٍّ* * * تــصــــدّق (بـالـــــزمــان) عــلـــى أخـيه
مع الاعتذار (للمهلّبي) على تعديل مابين القوسين !
يااااااه أشعر بأن رأسي يكاد ينفجرُ من هذه التساؤلات (البركانية) الثائرة، وروحي تكاد أن تحلّق حول هذه الأمنيات (الحدائقية) الحائرة …
أعلمُ –ياصديقي- أنّك ستقول: أن (لو) تفتح عمل الشيطان.. فدعك من اجترار الذكريات، وتخيّل الأمنيات ..
وستسألني: إلى متى سأبقى أعيش في كنف الماضي الجميل مابين تساؤلات ثائرة ، وأمنيات حائرة ؟!
إلى متى سأبقى أشعرُ باليُتم ؟!
ستذكّرني -وأنت الذي مافتئت تفعل ذلك– أنّ خير ما نفعله للأموات هو الدعاء …
حسناً –ياصديقي– سأفعل.. محاولاً أن أنسى أو أتناسى ماأعيشه ويعايشني من حزنٍ أليم، لن يجتثه إلا اللحاق بها، وأسأله تعالى أن يكون ذلك قريباً .
وحتّى ذلك الحين، اسمح لي أن أعيد نشر السؤال الأول أعلاه:
سؤال بحجم الرحمات التي تحويها قلوب الأمهات: للجادّين فقط، لكلّ إنسان لازال ينعم بالعيش مع والديه، أو أحدهما:
ماذا لو خُيّرت مابين: منصب ، وظيفة ، مشروع ينأى بك عن مقر سكن والديك، أحدهما أو كلاهما، مما يستوجب معه أن تقضي أياماَ، ليالي، أشهراً ، أعواماً، بعيداً عنهما، وبين أن تبقى ملازماً لها ، لهما ؟!
أيهما هو الخيار الأفضل، الأرحم،الأقرب إلى قلبك ؟!
أي (رضاً) هو الأهم لقلبك، أم لقلب أمّك ؟! .
التعليقات 6
6 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
زائرsafaa
21/06/2022 في 11:55 ص[3] رابط التعليق
مافي زي الام و الاب الله يحفظهم لكل واحد منكم
زائر
22/06/2022 في 11:22 م[3] رابط التعليق
شكرا للتعقيب والمتابعة
حامد العباسي
23/06/2022 في 12:40 ص[3] رابط التعليق
شكرا لك safaa
على تعقيبك ومتابعتك
بارك الله فيك
نهى عبدالله الجابري
22/06/2022 في 11:14 م[3] رابط التعليق
كتابة التعليق
نهى عبدالله الجابري
22/06/2022 في 11:17 م[3] رابط التعليق
كم أنت مبدع أستاذنا الكبير قدراً الأستاذ حامد العباسي.
كبير بكلماتك التي تنساب بعذوبة، ورقة معاليك.
حامد العباسي
23/06/2022 في 12:42 ص[3] رابط التعليق
شكرا لك أستاذة نهى الحابري
على كلماتك الاحفيزية
ورقي عباراتك
ممتن جدا لحضورك ومتابعتك