مدخل من الأعلى:
بيت الدرج هو: تلك المساحة من المبنى التي تحوي الدّرج الذي ينقل قاطنيه من طابق إلى آخر ومن ثمّ إلى سطح البناء، وقد يكون الدّرج للطوارئ كما في الكثير من المباني الحكومية والمدارس والمستشفيات، وقد تكون تلك المساحة محصورة أو مغلقة، تحوي الدّرج فقط ويفضي إليه أبواب في كلّ طابق، وقد تكون مفتوحة كما في بعض المباني التي تكون بنظام (الفِيلا)، وغالبا ماتكون أسقف بيوت الدرج مغطّاة وليست من البناء المسلّح، بل تكون مؤقتة أسقفها من الزنك، حتى يسهل هدمها حينما يتم الشروع في بناء الطوابق الأخرى الثاني أو الثالث !
خاصة في المناطق الريفية أو تلك الأحياء في المدن التي تشبه المناطق الريفية، وما أكثرها !
لا أعلم حقيقة هل هذه التسمية صحيحة أم لا، ولا أعلم أيضا هل تُطلق هذه التسمية في كثير من البلدان العربية، لكن المقصود من التسمية حصل هنا.
استخدامات أخرى:
دأب الكثير من أصحاب البيوت التي أعدّوها سكنا لهم على وضع بعض المقتنيات القديمة من هنا وهناك -في حال عدم وجود مستودع بالبيت- والتي يظنون أنّهم سيستخدمونها يوما ما، فعلى سبيل المثال:
- كراتين تحوي صحفا ومجلاّت قديمة..
- بعض المفروشات الزائدة من بطاطين وشراشف ومخدات !
- (سياكل) أو دراجات أطفال معطوب بعضها، على أمل إصلاحها يوما ما !
- أواني منزلية، لم تعد ذات رونق بعد الانتقال للمنزل الجديد، فتم تخزينها لعل الأيام تسمح يوما ما باستخدامها في استراحة يُخطّط لإنشائها !
- كُتب مدرسية ممزقة، مما تبقّى من بعض الأبناء أثناء مراحلهم الدراسية، لعلّ واحدا من الصغار يستفيد منها حينما يكبر !
- “كيابل” وأسلاك كهربائية، وأدوات صحية، وأدوات بناء متبقية من (مونة المنزل)، فقد يتم استخدامها حينما يُشرع في بناء الطابق الثاني أو الثالث !
- جوالين ماء فارغة، بعض أغطيتها مفقود، ومن الإسراف بمكان رمي هذه الجوالين، فقد يُتحصّل على أغطية لها من أي مكان !
- طابعات قديمة، على نظام (بينتيوم 2)، والكيبل ذو الرأس العريض الذي يشبه (الشباصات القديمة) !
- أجهزة هاتف، لم تعد ذات أهمية بعد تطور أجهزة الهاتف اللاسلكي المتحركة، أو اقتصار كل واحد من أهل البيت على استخدام جواله الخاص ـ رغم أن بعض المكالمات للجيران ومن حولهم والأقرباء الذين يملكون هواتف ثابتة !
- بقايا من (عرائس)، كانت لعبا للبنات حينما كنّ صغيرات، فتم تخزينها لصغيرات قادمات ربما، ولربما حفيدات، وما زالت صالحة للإستهلاك الآدمي !
- ومعها بقايا من ألعاب للأولاد، ومن العدل جدا أن يتم تخزينها كما تم تخزين الألعاب خاصّة البنات !
- جميع (أغراض) ومتطلبات (الباربكيو) أو الشواء من: (منقل) أو موقد للجمر، وبقايا حطب (سمر)، وجالون صغير به بقايا (قاز)، أو مربعات الأيقاد البيضاء، ولم يتم استخدام هذه (الأغراض) إلا مرة واحدة حين افتتاح البيت، وقد يتم استخدامها يوما ما !
بدأت القائمة تكبر وتكبر، ولم يعد هناك متّسع لمزيد من الأشياء لتخزينها هنا.
دُرج البيت:
إذن والحال هذه -وهي لا تخالف الواقع كثيرا، ومن كان لديه شك فلينظر نظرة عاجلة أو متأنية في بيت الدرج بمنزله أو في منازل من يعرفهم- فقد أصبح هذا المكان دُرجاً كبيرا للبيت!
يحوي العديد من الأشياء والأغراض التي تم تخزينها على أمل استخدامها ولم يتم ذلك ،ولن يتم، طالما أن بداية التخزين بدأت بهذه الفرضية:
(قد نستخدمها يوما ما) !
حال بعضنا يشبه كثيرا بيت الدرج أو دُرج البيت..
فقد دأب الكثير منا كذلك على تأجيل وتسويف الكثير من الأعمال والسلوكيات إلى أوقات قد لا تأتي أبدا !
- سأشرع في تنفيذ بعض الأعمال الرائعة مع بداية الإجازة !
- سأعطي مزيدا من الاهتمام لأبنائي مع بداية العام الدراسي القادم !
- سأكون إلى الله أقرب ،وسألتزم بالكثير من تعاليم ديني، وأبتعد عن الكثير من الأخطاء، مع بداية شهر رمضان، أو بداية شهر الحج !
- سأكون أفضل رقّة ورومانسية مع “شريكي” مع مطلع العيد !
- سأنشر الكثير من كتاباتي وأشعاري المخزنة في (دفاتر مشخبطة)، وقد أطبعها من الشهر القادم !
- سأصل الكثير من “رحمي” والذين حالت بيني وبينهم سبل المعيشة ومشاغل الحياة في منصف الإجازة بعد أن اقضي معظمها مع أسرتي ، ثم أتفرغ لهم !
- سأخصص جزءا من وقتي لممارسة الرياضة المنظمة بعد أن ترهّل جسمي، وبرز جزءا كبيرا من البطن للخارج، مما يستدعي تدخّل لجنة التعديات !
- سأقتطع جزءا من راتبي الكثير ولو خمسين ريالا فقط، وأدفعها في يد محتاج هنا، أو مسكين هدّه الجوع هناك، أو يتيما حُرم حتّى من لقمة هانئة ولمسة حانية، وسيكون ذلك مع مطلع العام المالي القادم بعد العلاوة السنوية !
- سألتحق ببعض الدورات التطويرية للعمل، وفي تطوير الذات، فالإنسان بحاجة ماسّة إلى التطوير في كلّ وقت، حتى يلحق بركب المتطورين، غير أن ذاك يحتاج إلى بعض المال، لذلك سأدخّر ذلك المال ابتداء من عودتنا من الإجازة لهذا العام، فلا أستطيع أن أخصص المال للإجازة لهذه الدورات أو لجزء منها، فالفنادق والوحدات المفروشة والمطاعم أولى بها !
وتمضي الأيام …
ويمضي العمر …
وتمضي معه تلك الأشياء الجميلة التي توقعنا ان ننفذها، فلم يحدث …
انتظارا لحياة قادمة، لا ندري حياة من.. ولمن ؟!
وننسى في غمرة مشاغلنا التي لاندري أيضا ماهي بالضبط، وكيف تتم.. أن حياتنا هي هذه التي نعيشها..
وتبقى نفوسنا وأفئدتنا وعقولنا مستودعا كبيرا لتلك الأفكار والأهداف الرائعة التي لم ننفذها..
وتبقى بيتا لدَرج أهدافنا..
ودُرجا كبيرا لبيوت أفكارنا !
حياتنا هي: اليوم ..
اليوم بكل سعته وروعته ونعمه، فلنعش ذلك اليوم..
وليكن يومُنا حياتنا… وحياتُنا يومنا..
فليمعن النظر جيدا كل واحد منا..
ولينظر إلى أي مدى جعل نفسه مستودعا لأفكار لم يحققها..
وليسأل نفسه بصراحة متناهية لا يعلمها إلا هو: إلى متى ؟!
ومتى سأشرع في التنفيذ ؟!
إضاءة:
(الأمس هو شيك ملغي.. والغد هو شيك مؤجّل.. واليوم فقط هو: النقود التي تملكها، فأنفقها بحكمة) – “كاي لينوس”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كانب وناشط اعلامي وتطوعي
التعليقات 3
3 pings
زائر
01/07/2022 في 2:15 م[3] رابط التعليق
الله لايبلانا
نهى عبدالله الجابري
02/07/2022 في 2:45 م[3] رابط التعليق
مبدع كعادتك أستاذنا الكبير قدراً حامد العباسي .
حامد العباسي
02/07/2022 في 4:29 م[3] رابط التعليق
شكرا أستاذة نهى
على مرورك
وتعليقك الكريم