مِثْلٍ شَعْبِيٍّ قَدِيمٍ كَانَ يُقَالُ عِنْدَمَا يُخْطِئُ اَلْمَرْءُ عَلَى آخِرٍ فِي اَلْعَلَنِ وَبَيْنَ جَمَاعَةِ اَلنَّاسِ وَيَعْتَذِرُ مِنْهُ سِر يُقَالُ حِينَهَا (تَضْرِبُنِي فِي اَلزَّفَّةِ وَتَبُوسنِي فِي اَللَّفَّةِ) وَمَا أَكْثَرَ مِنْ يَضْرِبُونَ فِي (اَلزَّفَّةُ) اَلْآنِ و (اَلْبَوْسَةُ) فِي (اَللَّفَّةُ) مُبَرِّرِينَ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي لَحْظَةِ غَضَبِ اَلَّتِي لَا وَلَنْ تَشْفَعَ أَوْ تُبَرِّرُ لَهُمْ فِعْلَتِهِمْ اَلشَّنِيعَةِ اَلَّتِي تُعَدُّ اِنْتِهَاكًا لِكَرَامَةِ اَلْإِنْسَانِ اَلْمَحْفُوظَةِ قَالَ تَعَالَى؟ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا؟ اَلْآيَةُ: اَلْإِسْرَاءُ (70). وَهُوَ اِنْتِقَاصٌ مَرْفُوضٌ لَا (يُرَقِّعُهُ) اَلتَّبْرِيرُ وَلَا اَلْأَعْذَارُ مُهِمًّا بَلَغَ حَجْمُ الخطإ اَلَّذِي وَقَعَ، أَنْ تَكُونَ صَاحِبَ مَنْصِبٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ مُدِيرٍ وَمَسْؤُولاً عَنْ مَجْمُوعَةِ تَكَوُّنٍ تَحْتَ إِدَارَتِكَ لَا يُعْطِيكَ اَلصَّلَاحِيَّةَ اَلْمُطْلَقَةَ تُجَاهَهُمْ فِي اِنْتِهَاكِ كَرَامَتِهِمْ، وَاقْصِدْ هُنَا مِنْ يَتَّخِذُونَ مِنْ اَلصُّرَاخِ أَدَاةَ وَوَسِيلَةَ تَوْبِيخِ وَرْدَةِ فِعْلِ و (اِنْتِهَاكٌ) لِلْأَشْخَاصِ أَمَامَ اَلْجَمَاعَةِ كَوْنَهُ اَلْمَسْؤُولَ، وَقَدْ يَكُونُ هُنَاكَ مِنْ يَكْبُرُهُ سِنًّا دُونَ اِحْتِرَامٍ وَمُرَاعَاةٍ لِفَارِقِ اَلسِّنِّ اَلَّذِي مِنْ اَلْوَاجِبِ عَلَيْهِ أَنْ يَحْتَرِمَ ذَلِكَ، وَيَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ مُنْفَرِدٌ بِهِ فِي مَكْتَبِهِ (اَللَّفَّةُ) مُعْتَذِرًا لَهُ وَمُبَرِّرٍ (اَلْبَوْسَةُ) بِلَحْظَةِ غَضَبٍ، وَالْأَمْرُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى مِمَّنْ ذَكَرَتْهُمْ أَيْضًا يَشْمَلُ اَلْجَمِيعُ دُونَ اِسْتِثْنَاءٍ (اَلزَّوْجُ وَزَوْجَتُهُ) (اَلْأَبُ وأبناؤه) (اَلْأَشِقَّاءُ) (اَلْأَصْدِقَاءُ) فِيمَا بَيْنَهُمْ وَقَسٍّ عَلَى ذَلِكَ، فَلَا يَنْبَغِي عَلَى اَلْمَسْؤُولِ أَنْ يَقُومَ بِالتَّوْبِيخِ وَالنَّهْرِ وَالْعِتَابِ بِحِدَّةٍ وَصُرَاخٍ لِلْفَرْدِ أَمَامَ اَلْجَمَاعَةِ وَلَا مُنْفَرِدًا وَإِنْ كَانَ عَلَى حَقِّ إِلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنَ، فَهَوَاءٌ يَمْتَلِكُ اَلطُّرُقَ اَلْمَشْرُوعَةَ فِي حَالِ اَلتَّقْصِيرِ أَنْ يَتَّبِعَهَا دُونُ اَلْمَسَاسُ بِكَرَامَةِ اَلْأَشْخَاصِ، وَلَا اَلزَّوْجُ أَنْ يَقُومَ بِفِعْلِ ذَاتِ اَلشَّيْءِ لِزَوْجَتِهِ أَمَامَ اَلْأَبْنَاءِ لِحِفْظِ مَاءِ وَجْهِ زَوْجَتِهِ أَمَامَ أَبْنَائِهِمْ فَالْعَوَاقِبَ جَسِيمَةٌ وكوارية ، فِي حِفْظِ اِسْتِقْرَارِ اَلْأُسْرَةِ وَالسَّلَامَةِ اَلنَّفْسِيَّةِ وَالتَّرْبَوِيَّةِ وَقَدْ يَظُنُّهُ اَلزَّوْجُ موقفا عابرا وَفِي اَلْحَقِيقَةِ تَبِعَاتِهِ وَخِيمَةٌ. فَعَلَيْنَا أَنْ نَحْرِصَ عَلَى ضَبْطِ أَنْفُسِنَا وَرُدُود أَفْعَالِنَا وَأَلْسِنَتِنَا مِنْ أَنْ تُؤْذِيَ نَفَسًا وَتَجْرَحُ أَحَدُهُمْ دُونَ أَنْ نَشْعُرَ وَأَنْ نَتَحَلَّى بِالصَّبْرِ وَنَبْتَعِدُ عَنْ اَلْغَضَبِ يُقَدِّرُ اَلْمُسْتَطَاعُ اَلَّذِي هُوَ اَلْفَتِيلُ اَلَّذِي يُشْعِلُ اَلنارَ وَفِّي اَلْحَدِيثِ اَلشَّرِيفِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: ((لَا تَغْضَبُ))، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: ((لَا تَغْضَبُ))؛ رَوَاهُ اَلْبُخَارِي.
هَمْسَةُ خِتَامٍ
قُلْتُ لَهُ: إِذَا وَهَبَكَ اَللَّهُ مَنْصِبًا فَلَا تَظَلُّمَ نَفْسِكَ. قَالَ: اِعْرِفْ أَنَّ صَاحِبَ اَلسُّلْطَةِ قَدْ يَظْلِمُ اَلْآخَرِينَ… لَكِنْ كَيْفَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ قَلَّتْ: يُمَيِّزَ هَذَا، وَيُهَمِّشَ ذَاكَ، يُصَادِرَ حَقُّ هَذَا وَيُعْطِيهُ ذَاكَ، وَيَأْخُذَ بِسَيْفِ سُلْطَتِهِ مَالاً يَحِقُّ لَهُ، فَيَقِفُ بَيَّنَ يَدِي اَللَّهَ وَقَدْ أَثْقَلَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَظَالِمِ اَلْعِبَادِ. أَلَيْسَ هَذَا مِنْ أَشَدِّ ظُلْمٍ لِلنَّفْسِ؟