كلما أسافر إلى تونس أتذكر الشاعر والكاتب طاهر عبد الرحمن زمخشري ـ يرحمه الله ـ ، وأقف متسائلا لماذا عشق الزمخشري المولود في حارة الفلق بمكة المكرمة يوم 27 رجب 1332 هــ ، هذه الدولة ؟
أهو لجمال طبيعتها الساحرة ؟
أم لثقافة شعبها وإكرامهم للضيف ؟
والحقيقة أن من يعشق تونس ، يعشق شعبها المضياف ، ويعشق ثقافتهم العالية واحترامهم للآخرين .
وحينما يذكر طاهر زمخشري ـ يرحمه الله ـ يذكر أدب الطفل في المملكة ، فهو من أوائل من عملوا على الاهتمام ببرامج الأطفال عبر الإذاعة من خلال برنامج ( ركن الطفل ) ، الذي لقبه بــ ” بابا طاهر ” ، وهو أيضا من أوائل من أسسوا مجلة للأطفال وهي ( مجلة الروضة ) التي صدرت في 17 سبتمبر 1959م، ثم توقفت بعد صدور عدد بتاريخ 12 مايو 1960م ، وهو صاحب أول ديوان شعري مطبوع في تاريخ الشعر السعودي الحديث ، حيث تم طبع ديوانه ( أحلام الربيع ) عام 1946م .
و ” زمخشري… الألماسة السوداء شاعر الحزن والبهجة! ” كما وصفه الأستاذ تركي الدخيل سفير المملكة في دولة الامارات العربية المتحدة ، في مقاله بصحيفة الشرق الأوسط بعددها الصادر يوم الثلاثاء – 6 شوال 1442 هـ – 18 مايو 2021 م ،
وقال عنه الأستاذ الدكتور محمد صالح محمد الشنطي ، أستاذ مشارك- جامعة الملك سعود ـ سابقا ـ “لو كان الشاعر أبو العلاء المعري رهين المحبسين ، فإن شاعرنا طاهر زمخشري “شادي الغربتين” لإغترابه المكاني والنفسي ” .
والزمخشري ـ يرحمه الله ـ بدأ حياته التعليمية في ” كُتَّاب النوري ” ، للشيخ سليمان نوري بحارة الباب، ثم التحق بمدرسة الفلاح بمكة المكرمة ، أما حياته العملية والتي بدأت وهو في الثامنة عشرة من عمره فتوزعت بين وظائف حكومية وأهلية ، إذ عمل بوظيفة مؤقتة في لجنة إحصاء النُّفوس عام 1349هـ ، ثم التحق للعمل مدرسا بدار الأيتام بالمدينة المُنوَّرة التي أصبحت فيما بعد دار التَّربية الاجتماعيَّة – 1350هـ/1931م ، ليعود بعدها لمكة المكرمة ويعمل ، كاتب ومصحح بالمطبعة الأميريَّة «المطبعة الحكوميَّة» «وجريدة أُمِّ القُرى» في موقعها بأجياد عام 1351هـ ، ثم سكرتيرا للمجلس الإداري بأمانة العاصمة بمكة المكرمة مع الشيخ عباس قطان ـ أول أمين للعاصمة المقدسة ـ ، الذي رشحه للشيخ محمود صالح قطَّان ـ أول رئيس لبلدية الرياض ـ ، للعمل كسكرتير لبلديَّة الرياض عام 1361هـ ، ثم سكرتيرا بديوان الجمارك بوزارة الماليَّة عام 1367هــ ، وفي بداية تأسيس الإذاعة التحق للعمل بها ككاتب عام 1368 هــ ، ثم مُذيعًا ومُقدِّمَ برامج، ثم مُراقبًا عامًّا للبرامج في الإذاعة ، وترأس تحرير صحيفة البلاد ، وأختتم حياته العملية عام 1389هــ بحصوله على التقاعد المبكر ، وأثناء إقامته في مصر للعلاج والتي استمرت ثلاث سنوات ، تنقل للعمل بين مجلتي «الهلال» و «المصوّر» المصريتين ، وبعد عودته للمملكة عمل متعاونا مع الإذاعة السعودية لفترة قصيرة . ومن برامجه الإذاعية ” برنامج الأسرة ، برنامج ركن الأطفال ، يوم جديد ، قصص قصيرة ، مع الأصيل ، شعر وموسيقى ، جريدة المساء ، مع الأصيل ، نافذة على القمر ، كلام رمضان ، روضة المساء ” ، أما برامجه التلفزيونية: فكانت ” دعاء السَّحَر ، من هدي النبوة ، يا رب ”
ويعد الزمخشري ـ يرحمه الله ت من رواد كتابة الشعر الغنائي وله نحو 200 قصيدة غنائية متنوعة ما بين الأناشيد والأغاني الدينية والوطنية والعاطفية والمنولوج، وكانت بدايته مع كتابة النص الغنائي بشعر المجسات (نوع من فن الموال في مكة المكرمة يُغني في الأفراح والمناسبات)، ومن أوائل من غنى له الجسيس إسماعيل كردوس .
ومن دواوينه ( مجموعة النيل ) 1404هـ ، وهي مجموعة الدواوين التي أصدرها في مصر ، ( أحلام الرَّبيع ) ، وهو أول ديوان له ــ ويقال بأنه أول ديوان سعودي مطبوع ـ ، ( همسات ) ، أنفاس الرَّبيع ) ، ( أغاريد الصَّحراء ) ، ( على الضِّفاف) ، ( عودة الغريب )
و( مجموعة الخضراء ) وهي مجموعة الدواوين التي أصدرها في تونس ، وهي ( الأُفُق الأخضر ) ، و( الشِّراع الرَّفَّاف ) ، ( معازف الأشجان ) ، ( حقيبة الذِّكريات ) ، و( نافذة على القمر) ، و( عبير الذِّكريات )
وله أيضاً: ( أصداء الرَّابية) ، ( ألحان مُغترب ) ، ( لبَّيك ) ، ( حبيبتي على القمر ) ، ( من الخيام ) ، (رباعيات صبا نجد ) ، ( جِدَّة عروس البحر الأحمر ) ، ( حُطام قيثارة ) ، ( رباعيات الخضراء ) ، ( قيثارة النِّسيان ) .
حصل الزمخشري ـ يرحمه الله ـ على جائزة الدولة التقديرية للأدب من خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ عام 1405هـ ، ووسام الاستقلال من الدرجة الثالثة من الجمهورية التونسية عام 1963م ، ووسام الثقافة من الدرجة الثانية من الجمهورية التونسية عام 1973م .
توفي يوم الأربعاء 2 شعبان 1407 هــ / 29 مايو 1987 م ، عن عمر يناهز الثلاثة وسبعين عاما ـ يرحمه الله ـ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com




