الاعلام اليوم بجميع اشكاله وانواعه أصبح من ضروريات الحياة، ولا يخلو اي مجتمع من وسائل الاعلام، ووسائل الإعلام مؤثرة في الجماهير وفعالة سلبياً أو إيجابياً، ونجد ان الفرد يتعرض الى وسائل الإعلام بكثرة وبشكل مستمر حيث ان لها وظائف أساسية واجتماعية منها: الوظيفة الإخبارية، الوظيفة الإعلانية، الوظيفة الترفيهية، الوظيفة التعليمية، التعبير عن الآراء المختلفة والتواصل مع الاخرين، الرقابة على أجهزة الدولة.
تعددت الوظائف التي يؤديها الإعلام من التطور الذي يشهده العالم حيث أصبح مسلياً مربياً معلماً موجهاً شاغلاً مشغلاً، ويعد الإعلام في عصرنا الحالي هو السلطة المؤثرة على المجتمع في مختلف الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ومن جهة الجانب الاجتماعي يملك الاعلام النصيب الاكبر في التنشئة الاجتماعية، والتأثير والتوجيه، وتربية الصغار والكبار معاً، لذلك ظهر لنا ما يسمى بالتربية الاعلامية.
تؤدي التربية الإعلامية دورا هاما في مواجهة تأثيرات الإعلام والاختراق الإعلامي العالمي وما يترتب عليه من تأثير على هوية الثقافة الوطنية.
عند الحديث عن التربية الإعلامية سيتكون لدنيا عدة أسئلة منها: ما معنى التربية الإعلامية؟ ومن هي الفئة المستهدفة؟ ومن المسؤول عنها؟، ولماذا نحتاجها؟ وماهي سبل الطرق والوسائل لتحقيقها؟ وغيرها من الأسئلة.
اصبحت وسائل الاعلام التقليدية والرقمية جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، نتلقى منها الاخبار والمعلومات والأفكار والصور، قد تكون المعاني واضحة تحدد لنا كيف ننظر اليها وكيف نتصرف معها والأخرى مضللة ويعد النوع الاخر من أخطر الرسائل الاعلانية، حيث انه من الصعب الحد من تسلل الرسائل الكاذبة والمعادية.
وعلى سبيل المثال: الأفلام الموجهة للأطفال او المراهقين قد تحتوي البعض منها على مشاهد العنف والدماء الذي لا تتناسب تماما مع عقلية هذه الفئة العمرية مما يؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية وينمي لديهم الميول العدوانية بشكل أسرع من المتوقع، وأيضا الأفلام الموجهة للبالغين التي قد تحتوي على الايحاءات الجنسية الجسدية واللفظية، والتعرض لقيم خاطئة، السلوك العدواني، وتكرار التعرض لهذه المشاهد قد تولد للفرد بإنها عادية، وغيرها من الأمثلة التي لا تتناسب مع اسلامنا وقيمنا والتي تضر في البيئة الاجتماعية للمجتمع.
من هنا تأتي أهمية التربية الإعلامية والوعي الإعلامي، فهي وجدت من أجل فهم الكيفية التي يتشكل فيها إدراك الفرد، وتوعيته وتثقيفه في كيفية التعامل مع هذه الوسائل المختلفة وكيف يستفيدون منها، أو يتجنبونها في بعض الأحيان إذا لزم الأمر.
والمقصود بالتربية الإعلامية هي سياسة توعوية تثقيفية لتكسب الفرد مهارة التعامل مع الإعلام بالعملية التربوية والأخلاقية، اذ لا يكفي ان يتقن الاعلاميون مهارات العمل الإعلامي، دون ان تتسق مع قيم واهداف المجتمع.
وتهدف التربية الإعلامية على القدرة في المعرفة وفهم وسائل الإعلام وتأثيرها، التحليل والكشف عما تحمله مضامينها من قيم، تنمية مهارات التفكير الناقد للمضامين الإعلامية سلبا وايجابا، تنشئة الفرد للتعامل مع الوسائل والمضامين والاختيار الواعي لها، تساعد الفرد على المشاركة في وسائل الإعلام للتعبير عن الرأي، القدرة على إنتاج مضامين إعلامية وإيصالها للجمهور، تكوين الاتجاه الإيجابي للتعامل بفعالية مع الاعلام.
وترى الباحثة خولة مرتضوي “أنَّ العناية بمقررات التربية الإعلاميَّة في المرحلة الجامعيَّة ستُعالِج الكثير من الأمراض الثقافيَّة والاجتماعيَّة والنفسيَّة التي يُعانِي منها جيل الشباب، مثل مشكلة الأُميَّة الحضاريَّة والتعصُّب المحلِّي، التخلُّف الإعلامي التكنولوجي، الأُميَّة السياسيَّة، مشاكِل الحوار مع الآخرين. وفي مقابل ذلك ستمكِّن مُقررات التربية الإعلاميَّة من تحقيق أهداف تربويَّة وتنمويَّة عظيمة، تكمُن في: تعبئة الشباب بالشكل الإيجابي النافِع لمواجهة الأحداث الجارية والمُحتملَة والطارئَة في محيطه (فهم ما يجري وتقدير تبعَات ما يجري)، استيعاب الشباب لآليّات ومُقتضيات عصر العولمَة والتفاعُل الحيوي والأصِيل معها ومساعدتهم للتصدِّي لأشكال الغزو والاستعمار الحضاريَّة والثقافيَّة الجديدة، تحقيق متطلبات المواطنَة الصالحة وتنمية الوعِي بالثقافة والخُصوصيَّة المجتمعيَّة الأصيلَة وعِلاقتها بالمتغيرات الجارية، إكساب الشباب مهارات الاتصال الفعّالة التي تساعدُهُ في النماء اجتماعيًا وثقافيًا وتمكِّنُهُ بالتالي من مواجهة التحدِّيات التي يواجهُها بشكلٍ فعّال.”
وتعليقاً على ما سبق أرى ان المدرسة هي المصدر الأول للمعرفة لذا من المهم ان يتم التعديل على مناهج التعليم وتدريس الاعلام في جميع المراحل الدراسية وليس في المرحلة الجامعية فقط، حيث ان المراهقين هم النسبة الكبيرة لتعرضهم لهذه الوسائل، والمعلمون هم المصدر الرئيسي لتوزيع هذه المعرفة لذا يجب ان يتم اعداد معلمين قادرين على فهم وسائل الاعلام التي تستخدم في مجتمعهم وطريقة التعامل معها، نظرا الى ان في الازمات يعتمد الجمهور على وسائل الاعلام للحصول على الاخبار والمعلومات ونجد ان هناك فئة تَسْتغِل هذا الوضع فتقوم بنشر اخبار بشكل مكثف ونشر الشائعات وتزييف الوعي فمن الضروري جدا خلق جيل واعي.
بالوعي الإعلامي يولد لدى الفرد مهارة الاختيار، ويساعده على اتخاذ قرار التعرض الانتقائي الجيد ويتأثر بها ويتفاعل معها، والفرد الواعي لا يُجبر على متابعة وسيلة إعلامية بعينها وماذا يقرا وماذا يسمع وماذا يشاهد؟ لأنه هو الذي يستخدم الوسيلة وليس العكس، لذلك #اثّر_لاتتأثر.