سعدت بحضور الملتقى الثقافي لتدشين عدد من الكتب لمجموعة من المؤلفين الذي أقامته الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بجدة ، أواخر يوليو الماضي بالتعاون مع شركة تكوين العالمية للطباعة والنشر والتوزيع ” عضو اتحاد الناشرين العرب ”، وكقارئ عشت لحظات جميلة وانا أستمع لكلمات المشاركين بالملتقى من أصحاب الإصدارات ، وازددت شرفا بإهدائي لهذه الإصدارات ، التي وجدت فيها كلمات جميلة ، ومعان سامية ، وتحديات عالية .
وسأحاول بين فترة وأخرى التطرق لكل إصدار على حدة ، بعد قراتي لما حمله من إبداع أدبي ، ونقش بلاغي .
وأولى هذه القراءات ستكون عن ( باقية على قيد ) ، للكاتبة رهام زياد ، الذي يمثل إصدارها الأول ، لكن قبل التطرق لما ضمه الإصدار أتوقف أمام الإهداء الذي جعلته الكاتبة لأخيها الذي رحل قائلة : " إلى من أوجعني رحيله ، ولكن علمني معنى الحياة وقيمتها ، إلى من لم ولن أنساه ما حييت ، إلى أخي العزيز وابني الروحي وملاكي الخلوق " .
وهنا أتوقف لأقول من يقرأ هذا الإصدار ، إن ألم الفراق اشد من ألم الجسد ، فإن كان لألم الجسد دواء ، فليس لألم الفراق من دواء ، فالفراق جرح مؤلم في القلب ، يأخذ الروح والفكر ، ليعيش الانسان لحظات مؤلمة لا يرى فيها سوى من ألفه ، وتألم لفراقه .
ومن الإهداء وألم الفراق ، إلى محتوى الإصدار ، الذي كانت بدايته اقتباس لمقولة ألهمت الكاتبة ان تكتب بحب ودفء ، قائلة : " أيها الكاتب ، من قبل ان تكتب شيئا توضأ بالمحبة ، ثم أنظر إلى قلبك مليا ، وأصلحه " ، ولهذه المقولة هدف أرادة الكاتبة إيصاله ، مضمونه أن
الوضوء ، وإن كان يعني في الإسلام " طهارة مائية تخص أعضاء معينة من الجسم " ، فهو " مشتق من الوضاءة أي الحسن والبهاء" ، وعلى الانسان أن يكون في أجمل صور البهاء .
وإن كان من الصعب التوقف أمام رسائل الكاتبة التي تجاوزت الثلاثون رسالة بقليل ، لكني أتوقف أمام الخامسة منها والتي جعلت عنوانها ( الولادة بعد الموت ) ، وفيها استعانة الكاتبة برسالة الشاعر والكاتب والفيلسوف اللبناني جُبران خليل جُبران ، التي يقول فيها : " قل لمن يحمل هما أن همك لن يدوم ، مثلما تفنى السعادة تفنى الهموم "
وإن كانت الكاتبة قد أوصلت رسائلها بأسلوب أدبي جيد ، فإنها زرعت الامل لدى الكثيرين للتفاؤل الذي يعني وجود الأمل ، والنظر نحو الجانب الإيجابي في الحياة ، مهما حدثت من مواقف وأحداث مؤلمة ، فالأمل يمنحنا الفرصة للنظر نحو الخير القادم ، الذي من المؤكد أنه سينتصر على الشر .
والوصول إلى الخير مهما شكل من مشاق على النفس ، فإنه سينتصر ، أما الشر وإن كان تحقيقه سهل المنال على البعض ، فلن يستمر طويلا .
و (باقية على قيد الحياة) وإن مثل بداية أولى للكاتبة ، فإنه أكد قوة الإرادة للتغلب على الصعاب ، وترجم مقولة " بالعزيمة والإصرار يمكن تنفيذ الكثير من الأعمال " عمليا ، فالإرادة تعني " الجهد الذي يجب بذله من أجل تحقيق أو إنجاز عمل ما، وهي الطاقة التي تدفع نحو الإنجاز، وتعتبر الإرادة قوة من أعظم قوى الإنسان فهو من دونها لا يمكنه أن يقبل على عمل ما أو يُحجم عنه، وهي الطاقة التي تجعل الفعل يخرج من حيّز المخيلة أو التصوّر إلى التحقيق الفعلي، وحيث إنّ الإقدام على الفعل يتطلب تخيله أولاً، ومن ثم العزم على تحقيقه، ومن ثم بذل الجهد للقيام به وإنجازه فإن مكونات الإرادة هي التخيّل، يليه العزم والجهد، ثم الإقدام "
تحياتي للمؤلفة ، وتمنياتي لها بالتوفيق دوما فقد استطاعت أن تجتاز الصعوبات ، وأخرجت عملا أدبيا راقيا ، حاملا دعوة تقول في مضمونها : " اتبع النور الذي في داخلك ، وأحي روحك من جديد "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com