مع نهاية العطلة تفتح المدراس أبوابها لعودة الطلبة والتلاميذ، يحدوهم الشوق لمقاعد الدرس والحقائب والكتب ولقاء رفقاء الدرب، ويملؤهم الرجاء في التقدم خطوة للأمام نحو بناء مستقبلهم، وتغشاهم روح الالتزام والانضباط المدرسي بعد أن قضوا أياما من العطلة والمرح جددتْ نشاطَهم، وشحذت عزيمتهم للانطلاق نحو النجاح ببناء الحاضر وصناعة المستقبل، بما يعود على ذويهم بالفخر، وعلى وطنهم بالعزة والكرامة، وبإذن الله يكون عاما للطموح والتميز من أول يوم، فما تُصنعُ الإنجازات ولا تتحقق الأهداف إلا ببذل الجهد والإفادة من الوقت.
إن بدءَ العام الدراسي يضع المعلمين والمعلمات أمام رسالتهم السامية في رعاية النشء تربويا ونفسيا وعلميا عَبْرَ فصول الدرس والإذاعة المدرسية ومختلف الأنشطة والمسابقات، ويُذكّرهم بأعظم مُهمة في الوجود، وهي مهمة الأنبياء، وهل هناك أعظم من صناعة العقول والنفوس التي تنهض حاضرا ومستقبلا بمقومات الأمة؛ لأن منهم الصانع والمعلم والطبيب والقاضي ورجل الأمن والجيش، وصدق شوقي رحمه الله عندما قال:
أرأيت أعظمَ أو أجلَّ من الذي يبني ويُنشئُ أنفسًا وعقولا
فحُقَّ لكم أن تفخروا بعملكم زملائي المعلمين وزميلاتي المعلمات، فأنتم عِمادُ نهضة الأمم وصُنّاعُ حضارتِها، وما أجمَلها من لحظات عندما يرى أحدكم مَن كانوا طلابا عنده في قاعات الدرس بالأمس وقد أصبحوا الآن رجالا ونساءً يحملون راياتِ الخير للمجتمع وينسجون ثوب الكرامة لوطنهم، ويُكِنّون التقدير والاحترام لمن حملوا لهم مشاعل النور، وعلموهم مهارات الحياة، وأعطوهم العُدَّةَ لطريق مستقبلهم، وكانوا بمنزلة الوالدين في إخلاص العطاء.. هل تستطيع الكلمات أن تصف سعادة أحدكم عندما يرى ثمرةَ غرسِهِ ونتيجةَ جُهدِه؟ فانهضوا بالوفاء لرسالتكم التي يكفيها شرفا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فضلُ العالمِ على العابِدِ، كفَضْلِي علَى أدناكم، إِنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وملائِكتَهُ، وأهلَ السمواتِ والأرض، حتى النملةَ في جُحْرِها، وحتى الحوتَ، ليُصَلُّونَ على معلِّمِ الناسِ الخيرَ".
وأقول لأولياء الأمور إنّ دورَكم يتمّم ويصون عمل المدرسة، وغياب هذا الدور يهدر الجهود ويعوق النجاح، فساعدوا أبنائكم في ضبط وقت نومهم بما يحقق الانضباط الدراسي، وحددوا معهم سُبُلَ المتابعة، ونجاحهم مصدر فخركم في الدنيا، وسبيلكم إلى الجنة في الآخرة.